برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

خارطة النفوذ الإقليمي في اليمن.. عقد من التوسع والصراع (2015 – 2025م)

منذ انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية في 26 مارس 2015م، دخلت السعودية والإمارات إلى الساحة اليمنية تحت شعار "دعم الشرعية ومواجهة الحوثيين"، غير أنّ مسار الحرب أفرز واقعًا مختلفًا تمامًا، إذ تحوّل التدخل إلى صراع نفوذ على الجغرافيا والثروات والموانئ، بينما استثمرت إيران عبر ميليشيات الحوثي في هذا المشهد لتعزيز نفوذها الإقليمي، لتصبح اليمن ساحة تنافس ثلاثي الأبعاد.


أولاً: ما أخذته السعودية والإمارات من اليمن

1- الموانئ والمواقع الاستراتيجية

  • الإمارات ركّزت منذ 2015م على السيطرة على الموانئ الحيوية:

    • سيطرت عبر "قوات العمالقة" و"المقاومة المشتركة" على ميناء المخا ومحيط باب المندب.

    • دعمت "المجلس الانتقالي الجنوبي" للسيطرة على عدن ومينائها.

    • تواجدت عسكرياً في سقطرى قبل انسحابها الشكلي عام 2020م.

    • أشرفت على ميناء بلحاف الغازي في شبوة ومنعت تشغيله حكومياً.

  • السعودية ركّزت على شرق اليمن:

    • نشرت قواتها في المهرة منذ 2017م، وأحكمت قبضتها على منفذي شحن وصرفيت ومطار الغيضة.

    • بررت ذلك بـ "مكافحة التهريب الإيراني"، لكن الواقع أظهر رغبتها في فتح منفذ بحري خاص على بحر العرب.

2- الثروات النفطية والغازية

  • الإمارات منعت تشغيل منشأة بلحاف الغازية.

  • السعودية منعت تصدير النفط عبر ميناء النشيمة بشبوة لفترات طويلة، وعملت على مشروع أنبوب نفطي يمر عبر المهرة إلى بحر العرب (لم يكتمل).

3- القرار السياسي والعسكري

  • السعودية أمسكت بالقرار السياسي: استضافة الرئيس السابق هادي، ثم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي 2022م بضغط سعودي–إماراتي.

  • الإمارات صنعت نفوذاً عسكرياً موازيًا خارج الدولة:

    • قوات الحزام الأمني، النخبة الشبوانية، النخبة الحضرمية.

    • قوات طارق محمد صالح في المخا.

    • دعم سابق لكتائب أبو العباس في تعز.

  • هذا المشهد كرّس تشتيت القوة العسكرية ومنع تشكيل جيش وطني موحد.


ثانياً: ماذا قدّم التحالف لليمن؟

السعودية

  • دعم إنساني: عبر مركز الملك سلمان وهيئة الإغاثة (4 – 5 مليارات دولار منذ 2015).

  • دعم مالي: وديعة 2 مليار دولار (2018)، وأخرى مشتركة 3 مليارات (2022).

  • دعم عسكري: الطيران السعودي نفذ أكثر من 250 ألف غارة جوية.

الإمارات

  • أنشأت تشكيلات مسلحة (العمالقة، النخب، الانتقالي، قوات طارق).

  • دعم إنساني محدود عبر الهلال الأحمر الإماراتي.

  • دعم لوجستي في جبهات الساحل الغربي وعدن.

  • لكنها ربطت هذا الدعم بمصالحها الاستراتيجية في الموانئ والجزر.


ثالثاً: دور إيران عبر الحوثيين

إيران استثمرت في الحوثيين كذراع إقليمي يهدد السعودية مباشرة.

  • منذ 2014م، أصبح الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم الشمال.

  • اليوم (2025):

    • الحوثيون يسيطرون على أكثر من 70% من سكان اليمن (المناطق ذات الكثافة السكانية الكبرى: صنعاء، ذمار، إب، الحديدة، صعدة).

    • يسيطرون جغرافياً على نحو 30 – 35% من مساحة اليمن، لكن هي الأهم اقتصاديًا وبشريًا.

    • يمتلكون ترسانة صاروخية وطائرات مسيّرة إيرانية الصنع (قدر تقرير أممي 2021 أنها تطورت لتصل إلى مدى 1500 كم).

  • إيران تستخدم الحوثيين كأداة ضغط إقليمي ضد السعودية والإمارات وإسرائيل.


رابعاً: لمن السيطرة على القرار اليمني؟

  • السعودية تمسك بالشرعية السياسية (مجلس القيادة الرئاسي).

  • الإمارات تمسك بالقوة الميدانية في الجنوب والساحل والجزر.

  • إيران تمسك بالشمال عبر الحوثيين.

أما الجيش الوطني الرسمي، فقد أُضعف بشكل ممنهج:

  • إيقاف رواتب الجنود.

  • منع تسليحه.

  • ترك الجبهات بلا دعم.


خامساً: هل يمكن أن يكونوا أداة لتحرير اليمن من الحوثي؟

  • بعد عقد من الحرب، الواضح أن الهدف لم يكن "تحرير صنعاء".

  • السعودية والإمارات لم تحسما المعركة رغم تفوقهما الجوي.

  • الحوثيون ثبتوا سلطتهم ووسعوا نفوذهم الإقليمي.

  • هناك بوادر تسوية سياسية مع الحوثيين برعاية أممية وخليجية بدلاً من الحسم العسكري.


سادساً: التنافس السعودي – الإماراتي (الظاهر والخفي)

  • في العلن: "تحالف استراتيجي".

  • في الخفاء:

    • السعودية تدعم قوى شمالية (الإصلاح، بعض وحدات الجيش).

    • الإمارات تدعم قوى جنوبية (الانتقالي، النخب، طارق صالح).

  • التصادم الأوضح: شبوة 2022م، حيث تقاتلت قوات موالية للطرفين وسقط عشرات القتلى.

  • المهرة: السعودية فرضت سيطرة، بينما فشلت الإمارات في التمدد.


الخلاصة

  • السعودية: أخذت القرار السياسي والشرعية الرسمية.

  • الإمارات: أخذت الموانئ والجزر والقوة العسكرية الميدانية.

  • إيران: أخذت شمال اليمن عبر الحوثيين كقاعدة نفوذ إقليمي.

اليمنيون لم يستفيدوا من التحالف إلا بوقف تمدد الحوثيين مؤقتاً، لكنهم خسروا السيادة ووحدة القرار.

 سياسة الإمارات بتشتيت القوة العسكرية واضحة:

  • دعم أبو العباس في تعز.

  • إنشاء قوات طارق صالح بديلاً عن الجيش.

  • دعم الانتقالي للانفصال.

هذا يعني أن اليمن تحوّل إلى ساحة صراع نفوذ إقليمي (سعودي – إماراتي – إيراني)، بينما بقي تحرير صنعاء والدولة اليمنية هدفاً مؤجلاً أو متروكاً لمعادلات التسوية الدولية.

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا