اليمن الكبير|| المهرة بوابة اليمن الشرقية

بعد وقف إطلاق النار في غزة.. ما الخطوة التالية في حرب اليمن؟
عندما وصل قادة العالم إلى شرم الشيخ في مصر لتوقيع اتفاق السلام بشأن غزة الأسبوع الماضي، ساد شعور بالتفاؤل.

الحرب على غزة، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها إبادة جماعية، هيمنت على الشرق الأوسط طوال العامين الماضيين، مع توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية لتشمل الضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران.

كما شعر اليمن بتأثيرها العميق، إذ كانت أزمته الداخلية منذ عام 2014 إحدى أولويات المنطقة. لكن منذ أكتوبر 2023، فقدت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن زخمها تقريبًا بالكامل.

وبالنسبة لدولة أنهكتها الحرب على مدى 11 عامًا قبل أن تُجَرّ إلى دوامة الحرب الإسرائيلية متعددة الجبهات، ينتظر اليمن اليوم بقلق ما إذا كان الهدوء الهش في غزة قد يحمل له أي معنى إيجابي.

حرب الحوثيين وإسرائيل لم تنتهِ بعد

يقول عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، إن وقف الحرب أو التهدئة في غزة لا يعني نهاية العمليات العسكرية الإسرائيلية في اليمن.

وأضاف في حديثه لصحيفة العربي الجديد: "مع تنفيذ اتفاق السلام في غزة، سيكون لدى إسرائيل الوقت للتركيز على الحوثيين. إسرائيل لم تتخلَّ عن اعتبار الحوثيين تهديدًا لها."

وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى ترسيخ وجودها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مؤكداً أن معركتها في اليمن "لم تنتهِ بعد".

خلال العامين الماضيين، أطلقت حركة الحوثي – التي تمثل السلطة الفعلية في صنعاء منذ 2015 – مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة المفخخة باتجاه إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر.

وتشير التقديرات إلى أن الحوثيين أطلقوا 130 صاروخًا وأكثر من 150 طائرة مسيّرة مفخخة نحو إسرائيل، من بينها ما استهدف تل أبيب ومطار بن غوريون، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى وأضرار مادية، وأجبر آلاف الإسرائيليين على اللجوء إلى الملاجئ.

ويؤكد الحوثيون أن هذه الهجمات – التي استمرت حتى لحظة دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ – جاءت تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة.

في المقابل، قصف الجيش الإسرائيلي اليمن مرارًا خلال العامين الماضيين، خصوصًا المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مستهدفًا البنية التحتية مثل الموانئ ومحطات الكهرباء ومستودعات الوقود.

وفي تصعيد كبير في أغسطس الماضي، قتلت إسرائيل أحمد الرحوي، رئيس وزراء حكومة الحوثيين في صنعاء، في غارة مشتركة مع القوات الأمريكية، وهو أعلى مسؤول في جماعة أنصار الله يُقتل منذ بدء العمليات العسكرية ضدها.

كما أكدت الجماعة الأسبوع الماضي مقتل رئيس هيئة الأركان لديها، اللواء محمد الغماري، في الضربة الإسرائيلية نفسها التي استهدفت الرحوي.

وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آنذاك: "اليد الإسرائيلية الحازمة ستطال كل من حاول إيذاءنا وجعل من تدمير إسرائيل هدفًا له."

هذه اللغة، إلى جانب سجل إسرائيل العسكري، تشير إلى أن حملتها في اليمن بعيدة عن نهايتها.

الحوثيون مستعدون للحرب

منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2015 وإطاحتهم بالحكومة المعترف بها دوليًا، خاض الحوثيون حروبًا ضد خصوم محليين وقوى إقليمية، من بينها السعودية والإمارات.

توقفت المعارك في أبريل 2022 بفضل هدنة ترعاها الأمم المتحدة، قبل أن يشارك الحوثيون في الصراع المتصل بغزة لمدة عامين.

وحتى الآن، لا تظهر الجماعة أي بوادر تعب أو تراجع، إذ يعتبر المراقبون أن الحرب بالنسبة لها وسيلة للبقاء والنمو السياسي.

يقول الباحث عبدالسلام محمد لـالعربي الجديد: "يبدو أن الحوثيين عازمون على إبقاء أنفسهم منشغلين بالحرب، إذ تساعدهم المعارك على صرف انتباه الناس عن قضايا داخلية مثل الاقتصاد والخدمات الأساسية."

وفي الأسبوع الماضي، دعا المسؤول الحوثي حزام الأسد، عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، السعودية إلى "التعقل" وإنهاء دورها في "استمرار معاناة اليمنيين"، محذرًا من أن استئناف الهجمات على المملكة يبقى خيارًا مطروحًا.

وقال الأسد: "إذا استمرت القيادة السعودية في المناورة السياسية، فسنستعيد حقوقنا بطريقتنا، وسيسمع العالم نحيب أرامكو ونيوم."

في عام 2019، شن الحوثيون هجومًا بعشر طائرات مسيّرة استهدف مصفاتي بقيق وخريص شرقي السعودية، ما تسبب في حرائق ضخمة في المنشآت النفطية.

وفي تصريح سابق، حذر وزير الدفاع الحوثي المعيّن محمد العاطفي السعودية قائلاً: "السماء ستمطر طائرات مسيرة وصواريخ، ولن تنقذكم كل أنظمة الدفاع في العالم."

ورغم خسائرهم الكبيرة في الأرواح والمعدات جراء تدخلهم في حرب غزة، فقد استغل الحوثيون الصراع لتقديم أنفسهم كمدافعين عن فلسطين.

يقول الباحث اليمني فؤاد مسعد: "استغل الحوثيون حرب غزة لتسويق أنفسهم كقوة إقليمية رئيسية، وجذبوا آلاف المقاتلين الجدد، وهم الآن مستعدون لحرب برية واسعة."

إحياء مفاوضات السلام في اليمن

بعد توقيع اتفاق السلام الخاص بغزة، استؤنفت الجهود الدبلوماسية لإحياء محادثات السلام في اليمن.

وقال عبدالسلام محمد: "القضية اليمنية كانت مهمشة أثناء حرب غزة، لكن مع الهدوء النسبي في القطاع، سيعاد طرحها ومناقشتها."

في 15 أكتوبر، التقى المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في الرياض بالسفيرين السعودي والإماراتي لدى اليمن، وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وأعضاء من المجتمع الدبلوماسي الدولي.

وأشار غروندبرغ إلى أن الهدنة الأخيرة في غزة تفتح نافذة جديدة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وإحياء الزخم نحو السلام في اليمن، وتهيئة الظروف لخفض التصعيد بشكل مستدام، والمضي في عملية سياسية شاملة، مؤكداً ضرورة تنسيق الجهود للاستفادة من هذه الفرصة.

ويرى الباحث فؤاد مسعد أن الحكومة اليمنية مستعدة بصدق لمفاوضات السلام، لكنه يشكك في نوايا الحوثيين:

"الحوثيون يشاركون في محادثات السلام لكسب الوقت لا أكثر، وليس للتوصل إلى حلول حقيقية، والدليل هو نتائج جولات التفاوض السابقة."

وبالتوازي مع تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى في غزة، اقترح الحوثيون صفقة تبادل جديدة مع الحكومة اليمنية.

وقال عبدالقادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة للحوثيين، في منشور على منصة "إكس":

"نأمل أن يتوقف النظام السعودي ومرتزقته في اليمن عن عرقلة ملف الأسرى وتعقيده. نحن مستعدون للدخول في صفقة شاملة للإفراج عن جميع الأسرى."

ومع ذلك، يبقى الوضع في اليمن هشًا ومتقلبًا.

ويختتم عبدالسلام محمد بالقول: "يبدو أن الخصوم المحليين يستعدون لجولة جديدة من الصراع. فالقوى المناهضة للحوثيين تنتظر الضوء الأخضر من القوى الأجنبية – خصوصًا الولايات المتحدة والسعودية والإمارات. وبمجرد صدور الموافقة، قد تندلع حرب شاملة."

المصدر: The New Arab

       اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"


أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا