مع نفاذ مخزون القمح.. الجوع يطرق أبواب صنعاء ويهدد بكارثة إنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين
تتجه الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي نحو الانهيار الكامل، مع تزايد مؤشرات المجاعة التي تهدد أكثر من نصف سكان اليمن، بالتزامن مع تصعيد المليشيا ضد المنظمات الإغاثية، وتراجع حاد في واردات الغذاء عبر موانئ البحر الأحمر، وإعلان أكبر شركة مطاحن في تلك المناطق توقفها عن العمل بعد نفاد مخزون القمح.
توقف المطاحن ونفاد القمح
تفيد مصادر تجارية في صنعاء بأن شركة المحسن، المالكة لـمطاحن البحر الأحمر، أوقفت نشاطها بعد نفاد كامل مخزون القمح، محذّرة من «شلل تام في إمدادات السوق المحلية».
وأوضحت المصادر أن وزارة الاقتصاد في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً رفضت السماح بدخول شحنة قمح جديدة رغم مناشدات الشركة، ما ينذر بانقطاع شامل للطحين في الأسواق.
وفي بلاغ رسمي إلى القائم بأعمال وزير الاقتصاد والصناعة، سام البشيري، أعلنت إدارة الشركة إخلاء مسؤوليتها عن أي نقص في الإمدادات، مؤكدة أنها كانت قد حذّرت مسبقاً من نفاد المخزون، ودعت إلى سرعة إدخال الشحنة الجديدة لتفادي أزمة خبز واسعة.
هيمنة اقتصادية حوثية
منذ عام 2017، استأجر رجل الأعمال الحوثي أحمد الهادي مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، ليصبح أحد أبرز أذرع الجماعة الاقتصادية.
وبحسب مصادر حكومية، استحوذ الهادي عبر شركته على الحصة الأكبر من القمح الذي كان يستورده برنامج الأغذية العالمي، وأعاد تعبئته وتوزيعه في الأسواق تحت إشراف الحوثيين، ما أدى إلى تهميش شركات المطاحن اليمنية التقليدية مثل هائل سعيد وفاهم والعودي.
ويرى مسؤولون يمنيون أن هذا الاحتكار، الذي يجري تحت غطاء الأمم المتحدة، يمثل إخفاقاً دولياً في ضمان شفافية المساعدات، بعد أن تحولت إلى أداة اقتصادية بيد الجماعة.
كما توسّع نفوذ الهادي لاحقاً ليستولي على إدارة الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، وعلى عقود الخدمات اللوجيستية لمعظم المنظمات الإغاثية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين، مما مكنه من التحكم في خطوط الإمداد الأساسية للغذاء والوقود.
انخفاض حاد في الواردات
تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي مطلع الشهر الحالي كشف أن موانئ البحر الأحمر الواقعة تحت سيطرة الحوثيين سجلت انخفاضاً بنسبة 22.4% في واردات الغذاء والوقود منذ مطلع العام، نتيجة الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية بسبب الغارات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة.
وأوضح التقرير أن موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى استقبلت 4.1 مليون طن متري فقط من الوقود والمواد الغذائية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، مقارنة بـ5.3 مليون طن في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأشار إلى أن واردات الغذاء وحدها تراجعت بنسبة 20%، محذّراً من أن استمرار الهجمات على الموانئ وغياب الصيانة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.
انسحاب أممي وشلل إغاثي
في موازاة هذه التطورات، خفّضت الأمم المتحدة وجود موظفيها الأجانب في مناطق الحوثيين إلى أدنى مستوياته منذ عقود، بعد أن اعتقلت الجماعة 53 موظفاً يمنياً واقتحمت المجمع السكني الأممي في صنعاء.
وقال جون علم، المتحدث باسم المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن، إن 12 موظفاً غادروا صنعاء، فيما لا يزال عشرات آخرون محتجزين لدى سلطات الحوثيين.
ويرى مراقبون أن تقليص الوجود الأممي يهدد بشلل شبه كامل للأنشطة الإغاثية، التي توقفت فعلياً منذ شهرين، عقب اتهام الحوثيين موظفين أمميين بالتجسس لصالح إسرائيل والولايات المتحدة، وهي مزاعم نفتها الأمم المتحدة بشدة.
وتحذر منظمات إنسانية من أن استمرار القيود الحوثية والانخفاض الحاد في واردات الغذاء والوقود قد يدفع البلاد نحو مجاعة شاملة تشمل نصف السكان، خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة، حيث تتدهور الأوضاع المعيشية بوتيرة غير مسبوقة، فيما يواجه ملايين اليمنيين خطر الجوع وسوء التغذية في ظل انهيار شبه تام للبنية الاقتصادية والإغاثية.
االشرق الأوسط




التعليقات