كيف أصبح المؤتمر الشعبي العام بعد عامين من وفاة صالح ؟
بعد عامين من وفاته، تفكك حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في فصائل صغيرة ذات ولاءات مختلفة.
صالح، الذي حكم اليمن لمدة 33 عامًا، أسس حزب المؤتمر الشعبي العام في عام 1982 وعمل كزعيم له حتى وفاته في عام 2017.
كان حزب المؤتمر الشعبي العام أكبر حزب في اليمن تحت قيادة صالح. لكن الثورة اليمنية التي قامت ضد صالح في عام 2011 والحرب الأهلية اللاحقة تسببت في انقسام الحزب.
بعد تسليم سلطته لنائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، في فبراير 2012، تحالف صالح مع خصوم حزبه الحوثيين في حركتهم الاحتجاجية والتمرد الذي انتهى بسيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
أجبرت سيطرة الحوثيين على صنعاء الرئيس هادي على الفرار إلى مسقط رأسه عدن في فبراير 2015 مع عدد من قيادات المؤتمر الشعبي العام.
بعد شهر، قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً عربياً لدعم شرعية الرئيس هادي. وفي الوقت نفسه، تمكن هادي من الهرب إلى خارج اليمن على متن قارب وهو الآن في منفاه بالعاصمة السعودية الرياض.
أدى ذلك إلى انقسام المؤتمر الشعبي العام بين مؤيدي صالح في صنعاء وأنصار هادي في عدن.
استمر هذا التقسيم لمدة عامين، حتى أعلن صالح انقلابه ضد حلفائه السابقين من الحوثيين، الأمر الذي تسبب باغتياله في 4 ديسمبر 2017. ومنذ ذلك الحين، يمرّ المؤتمر الشعبي العام بمزيد من التغييرات.
ثلاثة فصائل!
في أعقاب وفاة صالح، هرب ابنه طارق إلى عدن، مما أدى إلى تقسيم المؤتمر الشعبي العام إلى ثلاثة فصائل: الفصيل المؤيد للحوثيين، وفصيل مؤيد للرئيس هادي، وفصيل ثالث مؤيد لطارق صالح.
على الرغم من انقسام حزب المؤتمر إلى ولاءات مختلفة، إلا أن إخلاصهم للرئيس السابق المقتول لا يزال إلى حد كبير.
قال عضو في المؤتمر الشعبي العام في صنعاء لموقع Middle East Eye، إن صالح كان مخلصًا للبلاد"، مضيفاً، "لم يكن مرتزقًا للمملكة العربية السعودية أو أي دولة أجنبية، وما زلنا نلتزم بقيمه ومبادئه".
وتحدث عضو حزب المؤتمر الشعبي العام بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب المخاوف الأمنية في صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية. وأشار عضو المؤتمر أن صالح اعتاد على تحذير أعضاء المؤتمر الشعبي العام من "خطر المملكة العربية السعودية".
ونقل عن صالح قوله، "المملكة العربية السعودية عدو قديم لليمن"، مضيفًا أن المملكة الخليجية "تعمل على تقسيم اليمنيين".
عندما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في مارس 2015 لاستعادة صنعاء من الحوثيين، كان صالح يقاتل جنبا إلى جنب مع المتمردين ولكن التحالف مُنع من استهداف صالح.
بدا هذا التكتيك يؤتي ثماره قبل عامين عندما اتجه صالح للعمل في صالح الطرفين. لكن عضو المؤتمر الشعبي العام في صنعاء قال إن صالح ارتكب خطأ فادحا وأعلن ولاءه للتحالف وكلف ذلك حياته ومزيداً من تقسيم الحزب.
وأردف: "كان ذلك خطأ صالح الذي أدى إلى سقوطه. لكنه لا يزال قائدا يلهمنا".
وقال العضو في الحزب، تفكك الحزب جلب الأسى لأعضاء المؤتمر الشعبي العام. أعضاء الحزب في صنعاء لا يدعم الكثير منهم الحوثيين ولا التحالف، لكنهم يخفون معارضتهم خوفاً على سلامتهم.
بدعم من الإمارات
عندما فر طارق صالح إلى الجنوب، أسس جيشًا شخصيًا في مدينة المخا الساحلية، بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة.
أحمد علي صالح، نجل علي عبد الله صالح، كان سفيراً لليمن في دولة الإمارات العربية المتحدة من عام 2013 إلى 2015. لا يزال أحمد يقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة ويتلقى الدعم الموجه لعناصر المؤتمر الشعبي العام في اليمن.
قال عبدالرقيب الكناني، مقاتل في صفوف قوات طارق صالح، لـ MEE، "كان صالح قائدًا عظيمًا ووعدنا أنفسنا بعدم خيانته، لكننا سنبذل قصارى جهدنا للانتقام من أجله".
وأضاف، "عندما أدرك صالح أن الحوثيين يعملون ضد اليمن، أمرنا بقتالهم".
وتابع، "لقد قُتل صالح نتيجة لهذا الأمر، لذلك نحن نتبع طريق صالح في قتال الحوثيين".
وحارب الكناني إلى جانب الحوثيين في منطقة الساحل الغربي. ومع ذلك، فهو اليوم يقاتل ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
وأردف كناني: "كان من الممكن أن يبقى صالح صامتاً في صنعاء والحوثيون لن يؤذوه" لافتاً "لكنه لم يستطع أن يشاهد الحوثيين يدمرون البلاد أمامه، لذا فقد عارض ودفع الثمن".
بدأ صالح والحوثيون في علاقات مشبوهة. بين عامي 2004 و 2010 ، خاض صالح ست معارك ضد الحوثيين في مدينة صعدة شمال غربي اليمن.
قتل مؤسس جماعة الحوثي، حسين الحوثي، خلال إحدى الحملات، مما جعل صالح عدواً مدى الحياة للجماعة.
شارك الحوثيون أيضًا في ثورة 2011 ضد صالح. لكن مع تغير الظروف على الأرض، أصبح الاثنان متحالفين ضد هادي وقواته المدعومة من السعودية.
وقال كناني: "البقاء في صنعاء لا يجعلك من أنصار الحوثيين". مضيفا، "لا يجرؤ العديد من أعضاء المؤتمر الشعبي العام في صنعاء على الفرار، لذا فهم يتملقون للحوثيين ليبقوا آمنين".
السعودية تحرر اليمن!
تتواجد فصائل أخرى من حزب المؤتمر الشعبي العام في المملكة العربية السعودية. إنهم من مؤيدي الرئيس هادي والتحالف الذي تقوده السعودية، ويعتقدون أن الرياض قد قامت بعمل كبير في محاولاتها دعم الرئيس اليمني.
قال غمدان إبراهيم، عضو في المؤتمر الشعبي العام في مدينة تعز وسط اليمن، "لم يستطع الجيش اليمني تحرير أي محافظة من الحوثيين، ولكن عندما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية، حرر العديد من المحافظات".
وأضاف، "لا أحد يستطيع أن ينكر دور المملكة العربية السعودية في حرب اليمن. إذا انسحبوا، سيتولى الحوثيون السيطرة على البلد بأكمله".
ولفت إبراهيم إن الحوثيين هم عدوه الرئيسي لأنهم قادوا انقلابًا على حكومة هادي في صنعاء عام 2014.
وتابع: "لقد استولوا على البلاد بطريقة غير مشروعة، لذلك يجب أن يكون قتالهم أولوية".
وندد إبراهيم بطارق صالح لعدم دعمه الرئيس هادي، "وبدلاً من ذلك يسعى لبناء دعمه الشخصي".
وأشار، "لقد كان انقسام المؤتمر الشعبي العام بسبب ان هناك زعيم واحد للحزب". مضيفا "أتمنى أن يعلن طارق وجميع المجموعات الأخرى ولاءهم لهادي".
كان هادي نائب الرئيس وأمين عام المؤتمر الشعبي العام حتى نوفمبر 2014 عندما حل محله عارف الزوكا، الذي قُتل في وقت لاحق مع صالح.
المؤتمر الشعبي العام "توفي مع صالح"
فضل محمد، أستاذ علم النفس والمعلق على التطورات في اليمن، قال إن المؤتمر الشعبي العام قد انتهى عندما توفي صالح.
وقال آخرون لـ MEE ، "المؤتمر الشعبي العام يعني علي صالح. لم يكن هناك نظام داخل الحزب، صالح كان كل شيء". مضيفين، "الأعضاء كانوا تابعين فقط".
بالنسبة لمحمد، أثبتت الفصائل في المؤتمر الشعبي العام عجزها التام عن القيادة تحت أي رجل غير صالح.
وقال: "يمكننا أن نرى مقاتلي حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء يقاتلون أعضاء الجماعة في الجنوب، ويطلقون النار على بعضهم البعض في المعارك".
وأردف: "لا يمكن لأعضاء المؤتمر الشعبي العام الاجتماع مرة أخرى حول طاولة واحدة". مؤكداً، "الانقسام عميق".
التعليقات