برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

العرب وشيطنة أتاتورك

لا يخفى على البعض حالة الازدواجية الموجودة لدى شريحة واسعة من العرب، فهم يُمجدون ويمتدحون زعماء كصدام حسين وجمال عبدالناصر ويعتبرونهما بطلان عظيمان، فالأول بنظرهم "أسد السنة" والثاني "زعيم القومية العربية" ولكنهم يتناسون أنهما كانا اشتراكيين شيوعيين ويتغاضى الكثيرون عما أحدثه هاذان الزعيمان من قتل وتغيير للهوية، ولكنهم بالمقابل يتحمسون بعاطفة الدفاع عن الدين ويعتبرون "أتاتورك" كافرا مجرما لأنه ألغى نظام الخلافة الإسلامية وأنشأ جمهورية علمانية حديثة، وغير من هوية بلده على الصعيد السياسي والاقتصادي واللغوي والاجتماعي وغيره.

أنا هنا لست في صدد القياس والمقارنة بينهم، إنما يحزنني جهل الكثيرين بأن الإسلام يرفض الرأسمالية والعلمانية والديمقراطية، كما يرفض الاشتراكية والشيوعية والقومية ويعتبرها أنظمة وأفكاراً مخالفة للشريعة الإسلامية.

وبالنظر إلى الخلافة العثمانية فإنها انتهت فعليا في العام 1909 في أواخر عهد السلطان "عبدالحميد الثاني" وانهارت أكثر مع دخولها الحرب العالمية الأولى التي خسرت فيها، مما مكن الدول المنتصرة في الحرب "دول الحلفاء" من احتلال أغلب أراضي تركيا _ فرورسيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليونان_ احتلت أراضي الدولة العثمانية من كل الجهات عدا أجزاء قليلة من الوسط، حتى أن مقر إقامة السلطان العثماني في إسطنبول كان تحت الحماية البريطانية، وكان لا يُمرر أي قرار إلا بعد الاطلاع عليه، ولو لم يأتي أتاتورك ومن معه من الأحرار وجموع الشعب الثائر ليبدؤوا حركة الكفاح والنضال من وسط الأناضول في ما يسمى بحرب الاستقلال عام 1919 حتى تحرير كل أراضي تركيا الحالية وصولا إلى "اتفاقية لوزان" التي بموجبها تشكلت خارطة تركيا الحديثة.

تناسى كثير من العرب أن "الشريف حسين" بمعاونة من بريطانيا خان الدولة العثمانية بهدف إقامة مملكة عربية كبرى يكون هو ملك عليها، ولكنه اكتشف أن البريطانيين استخدموه من أجل الإطاحة بالدولة العثمانية وهذا السبب الأساسي الذي يجعل الأتراك ينظرون للعرب بنظرة الخيانة والغدر حتى اليوم.

أتاتورك زعيم قدم لبلده الكثير وساهم في تحريرها من الغزو والاحتلال، أصاب في أمور وأخطأ في أخرى شأنه شأن كثير من الزعماء التاريخيين في العالم، لكن كثيراً من الحركات الإسلامية الراديكالية مستمرة في شيطنة أتاتورك واتهامه بتشتيت المسلمين وإسقاط خلافتهم، متجاهلين ما حدث لتركيا في تلك الفترة وما قدمه أتاتورك ومن معه من حركة نضال كبرى لتحرير أرضهم والتي شكلت بذلك أنموذجا مميزا للوطنية والدفاع عن الأرض ورفض الوصاية والاحتلال، بل ومتناسين ما فعله جدهم "الشريف حسين" من خيانة للدولة العثمانية، وتشوّق العرب، كما سبقهم أقرانهم البلقانيون، في إقامة دول قُطرية على أسس اللغة والعرق والدين المشترك.

ولمن لا يعرف رأي الأتراك في أتاتورك وخاصة من لم يزر تركيا من قبل فإن أتاتورك موجود في كل مكان في تركيا، والذين يعيشون في تركيا يدركون ذلك ولا يكاد يخلو يوم دون أن يروا أتاتورك.. فأتاتورك يبدو بصورة مختصرة كالتالي:

- تماثيله وصوره وأقواله موجودة في أغلب مؤسسات الدولة التركية الحكومية والخاصة.

- صوره موجودة في العملات التركية النقدية والورقية.

- حياته وتاريخه ومبادؤه وإنجازاته تُدرّس كمواد أساسية في مختلف المراحل الدراسية (منذ الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية).

- صوره مقرونة بالعلم التركي فهي موجودة بجواره في قصور الدولة ومؤسساتها ومنازل كثير من المواطنين.

- تماثيله ومجسماته موجودة في أغلب الميادين والمنتزهات والحدائق والأماكن السياحية والجامعات، وتصرف لأجلها ميزانيات كبرى.

- أتاتورك المنقذ الأبرز، والقائد الأهم عند شريحة واسعة من المجتمع التركي.

- تقف تركيا والأتراك سنويا لحظة حداد عند الساعة الـ 09:05 من يوم 10 نوفمبر وهي تلك اللحظة التي توفي فيها أتاتورك.

- يُمنع استخدام وحمل اسم (أتاتورك) من قبل أي أحد؛ لأنه خاص بأتاتورك الذي يعتبر الأب الروحي للأتراك.

- لا يستطيع أحد إلغاء أتاتورك وما قدمه لتركيا سواء كان ذلك الحزب الحاكم التركي يمينيا أو يساريا، ومن حاول طمس أتاتورك يتم محيه من الحياة السياسية التركية كما حصل مع شخصيات وأحزاب حاولت ذلك، والتاريخ التركي يشهد على ذلك.

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا