مركز أبعاد: التحالف انحرف عن أهدافه وذهب للسيطرة على الجزر والموانئ لتحقيق مصالحه الاستراتيجية
قال مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، إن التحالف العربي تحول بشكل صارخ عن هدفه الرئيسي المتمثل في استعادة الحكومة الشرعية في اليمن إلى التركيز على -بناء سلطات موازية للحكومة الشرعية في مناطق يفترض أنها تحت سيطرتها، وتقويض الحكومة الشرعية بشكل متعمد - وهو ما سيترتب عليه إضعاف قانونية التدخل في اليمن، والسيطرة على الموانئ والسواحل والجزر كما تظهر خارطة التواجد العسكري السعودي الإماراتي.
وقال المركز في دراسة جديدة نشرها اليوم الثلاثاء، تحت عنوان" سقطرى اليمنية .. حرب النفوذ في المحيط الهندي" إن التحركات الأخيرة في المحافظات الجنوبية بما فيها السيطرة على "أرخبيل سقطرى"، تهدف إلى إظهار أن الحكومة الشرعية هي الطرف الأضعف في معادلة القوة والحلفاء، فلا يمكن تبرئة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات من الفوضى المستمرة في جنوب اليمن.
واوضحت الدراسة إن السيطرة على أرخبيل سقطرى من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي يعد نقطة تحول في الحرب اليمنية -التي تصاعدت منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول2014 ومنذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية لمواجهتهم في مارس/آذار2015- خاصة في المناطق التي يفترض أنها خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية -المعترف بها دولياً-.
وأشارت الدراسة إلى أن هذا التحول يشير إلى أن الرياض قد تريد استثمار ملف سقطرى لتمرير بعض أهدافها الآنية للتحكم في الوضع العام قبل الخروج من مستنقع حرب اليمن.
وبيّنت أن تواجد السعودية في سقطرى أصبح يمثل هدفاً استراتيجياً، لمنع التأثير على مصالحها قرب مضيق باب المندب وفي محافظة المهرة، حيث تخطط لبقاء طويل الأمد عبر بناء ميناء نفطي في المحافظة الواقعة على الحدود العُمانية لتجاوز مرور النفط عبر مضيق هرمز الحيوي حيث تهدد إيران -عدو المملكة التقليدي- بإغلاقه إذا ما زاد التوتر في الخليج العربي.
مؤكدة أنه لم يكن ليحدث سيطرة على جزيرة سقطرى لو لم يفكر صانع القرار السعودي في تحقيق مصالح استراتيجية من خلال اتفاق الرياض.
وذكرت الدراسة أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وإيران يسعون للاستحواذ على سقطرى بهدف السيطرة على خط الملاحة الدولية.
ومن الأهداف التي تسعى السعودية لتحقيقها من خلال إسقاط سقطرى بحسب الدراسة، اعتبار ذلك ورقة ضغط على الشرعية، حيث اعتقدت السعودية أن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على أرخبيل سقطرى قد يضغط على الرئيس "هادي" قبول تقديم الشق السياسي على الشق الأمني والعسكري في اتفاق الرياض، كما أن هذه السيطرة تعطي السعودية هامش أكبر في التدخل في الشرعية مثل تشكيل الحكومة والحوار مع الحوثيين ومنع اتخاذ خطوات تصعيد ضد حليفتها الإمارات.
كما أن الدراسة اعتبرت أن إسقاط سقطرى بمثابة هدية لتشجيع الانتقالي للخروج من حالة الانحصار المناطقي بين ( الضالع ويافع) والسيطرة على محافظات الجنوب الأخرى، بما فيها تلك التي رفضت "الإدارة الذاتية" ومنها سقطرى ومحافظات "حضرموت، أبين، شبوة، المهرة" وبيان رسمي من لحج -على الرغم من أن المحافظة تحت إدارة المجلس الانتقالي- رفضها لـ"الإدارة الذاتية"، وهذه الهدية الثمينة مقابلها قد يكون خضوع قادة المجلس للرياض بعد اطمئنانهم على مصالحهم.
وتابعت " سحب سقطرى من يد الحكومة الشرعية إلى يد المجلس الانتقالي أسال لعاب أبوظبي ، وبذلك استعدت لأي دور جديد في اليمن طالما تشعر بسيطرتها على الجزر والموانيء الهامة، وبالتالي حتى أن اعلان انسحابها من حرب اليمن لم يعد مجديا طالما لازالت منخرطة في الحرب اليمنية من خلال تواجدها الميداني لدعم حلفائها، كما أن تواجد الإمارات في سقطرى قد يخفف من هرولتها إلى إيران وسيعطيها دور مواجهة تركيا في الجزيرة اليمنية الأقرب إلى الصومال التي تتواجد أنقرة فيها بقاعدة عسكرية.
وأكدت الدراسة أن منح المجلس الانتقالي "أرخبيل سقطرى"، ورقة سيجعل من الصعب استكمال تنفيذ اتفاق الرياض والذهاب إلى اتفاق سلام مع الحوثيين. ويوضح خطاب المجلس الانتقالي الجنوبي عقب السيطرة على سقطرى هذا البُعد الذي يتحدث عن "سيادة القوات الجنوبية على جميع أراضيها" ورفض أي حلول سياسية تفرض على المجلس الانتقالي "سحب القوات من محافظة أبين"
وأشارت الدراسة إلى أن عدم تنفيذ اتفاق الرياض يجعل الحرب في اليمن مستمرة، وهو ما يخفف الحرج والضغط على السعودية أمام المجتمع الدولي المطالب بضرورة إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاقية سلام مع الحوثيين، في وقت لازالت صواريخ ودرونز الحوثي تهاجم مدن السعودية.
وتوقعت الدراسة ثلاثة سيناريوهات، يتمثل الأول في عمل ملحق جديد في اتفاق الرياض يتضمن تطبيع الأوضاع في ارخبيل سقطرى، وهو سيناريو متوقع لكن صعوباته كثيرة، فعامل الوقت وطول المباحثات قد تزيد من فرص فشل الاتفاق مع احتمالية توسع المواجهة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لتشمل محافظات حضرموت والمهرة وشبوة.
أما السيناريو الثاني فيتوقع إعادة الأوضاع في سقطرى من خلال لجنة مستقلة قبل تنفيذ اتفاق الرياض، وهذا قد توافق عليه الحكومة ويرفضه الانتقالي إلا في حالة حصوله على حوافز جديدة للتخلي عن سيطرته على سقطرى التي لا تلزمه أي اتفاقيات بشأنها، والحوافز التي يريدها الانتقالي هنا قد تضعف أكثر من شرعية الرئيس هادي، ما يجعل هناك صعوبة في تمرير ذلك.
بينما توقع السيناريو الثالث تنفيذ اتفاق الرياض مع ضمانات سعودية لحل مشكلة أرخبيل سقطرى لاحقا بعد تشكيل الحكومة، وهذا يعطي الامارات فرصة للتمكن من السيطرة العسكرية اكثر على الأرخبيل الاستراتيجي، وقد لا تقبل به الحكومة الشرعية إلا إذا تم تأجيل تعيين قيادة جديدة لمحافظة الأرخبيل، وهو ما قد يرفضه المجلس الإنتقالي المدعوم من أبوظبي.
للإطلاع على نص الدراسة كاملة اضغط هنـا
التعليقات