الجبري: الإمارات اتفقت مع إيران على دعم الحوثيين (حوار)

قوبل تعيين الأمم المتحدة مبعوثًا جديدًا لليمن، بترحيب واسع عربي ودولي أملًا في إحداث تقدمًا ملموسًا بالأزمة التي تعاني من غياب الجهود الحقيقية لإنهاءها وإحلال السلام في البلاد.

وبرغم حالة التفاؤل والترحيب برابع مبعوث للأمم المتحدة في اليمن خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن هناك تخوفًا من أن يسير على نهج سابقيه، وتظل البلاد غارقة في دوامة الحرب لسنوات آخرى.

وللتعرف أكثر على آخر تطورات الأزمة اليمنية وما تحتاجه لجلوس جميع الأطراف على طاولة المفاوضات «الجادة»، التقت «الأمة» بـ«صالح هاشم الجبري»، الباحث اليمني ورئيس مؤسسة «يني يمن» الإعلامية في تركيا، وأجرت معه حوارا صحفيا، موقع يني يمن يعيد نشر الحوار

كيف رأيت تعيين السويدي «هانس جروندبيرج» مبعوثًا لليمن؟

○○ مع الأسف الشديد، لا يوجد استبشار في هذا التعيين؛ لأن الممثلين السابقين للأمم المتحدة قدموا «نموذجًا سيئًا»، وأساءوا للقضية اليمنية، بل دعموا المليشيات الحوثية الإيرانية، وكانوا سببًا رئيسيًا في إطالة أمد الحرب.

فالمندوب الأول، المغربي «جمال بن عمر» – من 2011 وحتى أبريل 2015-  قَدّم اليمن على طبق من ذهب لمليشيات الحوثي، وأوصلهم إلى صنعاء، ومن بعده؛ الموريتاني «إسماعيل ولد الشيخ» – من 2015 وحتى 2018- الذي لم يفعل أي شىء، ولم يُظهر من المعرقل الحقيقي لتنفيذ اتفاق السلام والقرار الأممي رقم 2216 لعام 2015.

وجاء البريطاني «مارتن غريفيث» مبعوثُا ثالثُا من 2018 وحتى الجمعة قبل الماضية، لكنه فشل أيضًا، وكان بوقًا إعلاميًا لمليشيات الحوثي الإيرانية، وأخيرًا السويدي «هانس جروندبيرج»، الذي استهل عمله بإثارة زوبعة ما يسمى «تكوين مجلس رئاسي»، وإزاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي عن السلطة، وهو ما أثار حالة غضب واستياء شعبي واسع من هذا التعيين والمماطلة المستمرة من قبل الأمم لمتحدة بشأن الأزمة.

ولما لا تتوقع أن ينجح المبعوث الأممي الجديد فيما عجز عنه أسلافه رغم أنهم ساهموا بشكل كبير في «شرعنة» الحوثيين؟

○○ لا أتوقع أن ينجح، لأن البداية واضحة وإثارته الجدل عن إزاحة الرئيس هادي وتكوين مجلس رئاسي، يدفع المليشيات الحوثية الإيرانية في التوسع واستمرار هجومها على مأرب وحصار تعز، وغيرها من المدن الآخرى، وبالتالي لن ينجح وسيصبح كسابقيه الذين ساهموا في شرعنة تلك المليشيات.

إلى متى تصبح الأزمة اليمنية مُعلقة في حسابات المصالح الدولية دون جهود حقيقية لإنهاءها وإحلال السلام في البلاد؟

○○ للأسف، نحن في اليمن نعاني، من «ثالوث خبيث وسيئ»، يتمثل في مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، والتحالف العربي الذي جاء كما قال لإعادة «الشرعية»، لكنه لعب دورًا سيئًا أدى إلى إطالة الحرب.

هذا الثالوث المخيف، هو من أوصل اليمن إلى هذا الحال، وأدى إلى إضعاف «الشرعية»، وبالتالي، فلا التحالف كان وفيًا بالتزاماته ووعده بإعادة «الشرعية» إلى صنعاء وكسر قوة الحوثي العسكرية، وتنمية البلاد، ولا هو الذي أمدَّ الجيش اليمني بالسلاح النوعي لحسم المعركة على أرض الميدان.

ومن ناحية المجتمع الدولي، فمازال يؤدي دور المُتفرج، نظرًا لاستفادته من بيع الأسلحة للسعودية والإمارات، خاصة الأخيرة التي انكشف عداءها بشكل واضح لليمن، وبرغم إعلانها الانسحاب، إلا أنها مازالت متواجده بقوة في ميناء بلحاف -أحد الموانئ الرئيسية لتصدير النفط في اليمن ويقع على ساحل البحر العربي بين مدينتي عدن والمكلا- كما شكلت مليشيات في بعض المحافظات الجنوبية، كقوات الحزام الأمني في عدن، وغيرها من التشكيلات العسكرية الخارجة عن الجيش اليمني والدولة.

بما تفسر موقف المليشيات الحوثية الرافض لأي حوار قبل تحقيق شروطها-أبرزها فتح المطارات والموانئ؟

○○ هكذا حقيقة المليشيات الحوثية، ترفض أي حوارات والتزامات رغم أنها دخلت في البداية كأي مكون سياسي يمني، ونعرف جيدًا كذبهم، فلقد وقع معهم اليمنيون منذ عام 2004 مع انطلاق أول حرب بين الحكومة والمليشيات وعلى مدار الحروب الستة المشهورة، أكثر من 60 اتفاق إلى اليوم، ولم تلتزم المليشيات بأي اتفاق سياسي حتى اليوم، وهو ما يجعلني أقول أنه «لا ولن ولم» تلتزم بأي اتفاق حتى لو جلست مع الجميع على طاولة المفاوضات، أو ضغطت عليها أمريكا والأمم المتحدة، وسيتحقق العكس حينما تُكسر شوكتهم العسكرية.

لذلك يطالب الحوثي، بفتح جزئي للميناء والمطارات، كإثبات حسن نواياه، في العلن، لكن الحقيقة يقوم بـ«مؤامرة خبيثة»، يريد خلالها فتح ميناء الحُديدة لتستمر عمليات تهريب الأسلحة من إيران، وكذلك مطار صنعاء، ليستأنف حركة الطائرات إلى طهران ذهابًا وإيابًا بهدف تدريب المليشيات والاستعانة بخبراء مليشيات «حزب الله» في الحرب، مثلما كان يحدث في بداية الانقلاب.

الحكومة اليمنية تقول إن مليشيات الحوثي رفضت كل مبادرات الحل السياسي تنفيذًا لأجندات نظام الملالي، فهل بات الحل العسكري صعب المُنال؟

○○ التحالف العربي، ساهم بشكل كبير في تشكيل مليشيات جديدة تمثلت في قوات المجلس الانتقالي، وعناصر «طارق صالح» -نجل شقيق الرئيس السابق-، في الساحل الغربي، وهناك دعم غير مباشر من الإمارات للحوثي بعد اتفاق بين الإمارات وإيران، انتقامًا من الشرعية اليمنية، ومن القوى الوطنية التي تقف ضد ما تقوم به الإمارات في اليمن، وهو ما أضعف الشرعية وموقف الرئيس هادي وظلت الحكومة خارج البلاد.

ومن ناحية «الحوثي»، فكما أسلفت؛ رفض كل الاتفاقيات، منذ 2004 وحتى اليوم، كان آخرهم اتفاق ستوكهولم في السويد، ومن قبلهم اتفاقيات عديدة بينها سويسرا والكويت -الأولى والثانية والثالثة-، لأنها وجدت الضوء الأخضر من بعض القوى الغربية الكبرى من بينهم أمريكا وبريطانيا وأيضًا الممثلين للأمم المتحدة كـ«جمال بن عمر وولد الشيخ و غريفيث».

لذلك الحسم العسكري في اعتقادي، هو الحل الوحيد القادر على إضعاف وإرغام المليشيات للجلوس على طاولة الحوار، وهذا سيتحقق بشرط أن تكون هناك جدية ونية صادقة عند التحالف وخاصة السعودية، وذلك بتسليح نوعي للجيش اليمني، فإنني أجزم أن الجيش سيصل إلى صنعاء في ظرف شهر أو شهرين، فهناك جيش وطني وكوادر شبابية مدربين على مدار 6 سنوات، ولديهم روح وطنية عالية، وبرغم خذلانه الآن من قبل التحالف بعدم تسليمهم الرواتب لأكثر من 8 أشهر، مازال صامدًا في جبهات القتال.

هل يوجد أطراف فاعلة آخرى على الصعيدين المحلي والدولي يجب إشراكها في المفاوضات ولديها القدرة على حل الأزمة؟

○○ هناك أطراف عربية، كدولة قطر مثلًا، لكن للأسف «الشرعية» مرتبطه بالتحالف العربي ولن تستطيع الجلوس معها، خوفًا من السعودية، رغم أن قد تم التصالح الجزئي بينهما.

وبرغم أن قطر تدعم حاليًا -وللأسف- مليشيات الحوثي إعلاميًا وماليًا، إلا أنه من السهل أن تغير بوصلتها تجاه دعم الشرعية، ولديها المقدرة بشكل كبير على ذلك، لكن قرار الشرعية مرتبط بالمملكة.

بالإضافة إلى قطر، هناك تركيا أيضًا؛ دولة دينية ومحورية، من الممكن أن تدعم قضية اليمن في المحافل الدولية، وإذا تم اتفاق مع السعودية يمكنها دعم الحرب بالطائرات المسيرة والأسلحة النوعية التي ساندت بها الجيش الليبي، وساهمت في  انتصار أذربيجان وشاركت بسوريا. وما دخلت تركيا دولة إلا وكانت حليفًا صادقًا وقويًا، وهو ما ينقصنا نحن في اليمن، وبالإضافة إلى الدول الكبرى القادرة على إحداث فارق؛ تستطيع مصر بقدراتها، أن تلعب دورًا كبيرًا في الضغط على إيران ومن ثم المليشيات الحوثية.

لماذا لم يعد للأحزاب السياسية دورًا في تحريك بوصلة المشهد؟

○○ من الأسباب التي أدت إلى إطالة الحرب أيضًا؛ غياب الدور الوطني للأحزاب بسبب مصالحها الشخصية – بدعم الحوثي والانتقالي- وعدم صمودها في المعركة سوى تقريبًا «التجمع اليمني للإصلاح»، الذي يُعد أكبر الأحزاب السياسية الذي أيد ووقف مع «الشرعية» وشارك بأعضائه في المقاومة الشعبية للقتال مع الجيش ضد المليشيات الحوثية.

وبرغم أن «الإصلاح»، هو الوحيد من الأحزاب السياسية الذي دعم الشرعية رغم ضعفها، إلا أن ذلك انعكس على أداءه وسمعته لدى الشعب اليمني والأطراف الآخرى، لأنه حزب كبير، وللأسف خزله الرئيس هادي والحكومة بعدم عودتهم إلى الوطن لإدارة المعركة.

مؤخرًا، أكد موقع «إكسبرس» –Express– البريطاني، أن لندن أرسلت قوات خاصة إلى شرق اليمن بهدف ملاحقة منفذي الهجوم بطائرة مسيرة على ناقلة «ميرسر ستريت» -إسرائيلية- في خليج عُمان نهاية يوليو الماضي.. فما تعليقك على تخوف البعض؛ بأن تتخذ بريطانيا من الحادثة مبررًا للتدخل في اليمن؟

○○ هذا احتلال واضح ومخالف للدستور والأعراف والقوانين الدولية، وهى حجة واضحة من إرسال قوات بريطانية لملاحقة الحوثي، فالأخير لم يدخل إلى «المهرة» مطلقًا وكان سابقًا قد وصل إلى عدن ثم طرد منها وهو الآن على أبواب صنعاء، لذلك لم يدخل إلى «حضرموت» ولا «المهرة» ولا «سقطرى» -التي تحتلها الإمارات أيضًا رغم عدم وجود مليشيات هناك.

لذلك التواجد البريطاني في «المهرة» الخالية تمامًا من المليشيات الحوثية، هدفه احتلال الجُزر والموانئ اليمنية وهو أمر مرفوض، وعلى القوات المغادرة فورًا، وهو الأمر الذي قوبل بحراك شعبي رافض لهذا الاحتلال المخالف للقوانين الدولية والذي يُذكرنا بتواجده قبل عقد من الزمن، عندما دخل عدن بنفس ذات الحجة.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية