دعوات لإنهاء تشظي المؤتمر وتعويل على قاعدته الجماهيرية
احتفل أنصار حزب «المؤتمر الشعبي العام» أمس (الثلاثاء)، بالذكرى الـ39 لتأسيس الحزب وسط دعوات لإنهاء تشظيه إلى أكثر من جناح، مع آمال في استغلال قاعدته الجماهيرية العريضة لإعادة الاستقرار إلى البلاد ووقف الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية بانقلابها على الشرعية.
الحزب الذي كان يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح حتى مقتله على يد الحوثيين في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2017، بات منقسماً بين ثلاثة أجنحة رئيسية، الأول يخضع للميليشيات الحوثية في صنعاء، والثاني يتزعمه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، والجناح الثالث تتقاسمه أكثر من عاصمة عربية مثل القاهرة وأبوظبي ومسقط.
ورغم المساعي التي بذلها هادي لإحكام قبضته على الحزب (أجنحة الخارج)، فإن ذلك اصطدم بعوائق عدة، من بينها مساعي عدد من قادة الحزب لمنح أحمد علي النجل الأكبر للرئيس صالح دوراً قيادياً خلفاً لوالده، وهي النقطة التي انتبه لها الجناح الخاضع للحوثيين في صنعاء عندما قام بتعيين نجل صالح في منصب النائب الثاني لرئيس الحزب دون ممانعة من الحوثيين الذين وجدوا في هذا الجناح ذراعاً سياسية تخدم أجندتهم الانقلابية.
وفي حين تعد الظروف التي يعيشها اليمن أهم عامل يحول دون انعقاد المؤتمر العام للحزب نظراً لتشتت قياداته بين الخارج والداخل، يعول أنصاره على الجهود الراهنة والمستقبلية لتوحيده، في حين يرى البعض أن استمرار الحرب والانقلاب الحوثي سيؤخر من هذه الخطوة ما يفرض على القيادات في الخارج تشكيل قيادة موحدة مهمتها إسناد عملية استعادة الدولة.
- خطوات مبشرة
في هذا السياق، تحدث القيادي في الحزب كامل الخوداني لـ«الشرق الأوسط» عن وجود خطوات وصفها بأنها «مبشرة» لتوحيده، وقال «من المؤلم لجماهير وقواعد (المؤتمر الشعبي) حلول ذكرى التأسيس التاسعة والثلاثين وهو منقسم ولا يخضع لقيادة موحدة كون هذا ينعكس سلباً على مكانته الجماهيرية ومشاركته في صنع القرار».
ويضيف «كانت هناك خطوات لتوحيد (المؤتمر) بعد انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) ومقتل زعيمه وأمينه العام بدأت بلقاءات في جدة بين قيادات استمرت لأكثر من عشرة أيام، لكنها لم تخرج بنتيجة، ثم استمرت اللقاءات وكان آخرها الأيام الماضية في أبوظبي».
وقال الخوداني «الخطوات مبشرة حتى الآن ونتائجها إيجابية ونثق أن الفترة المقبلة سوف تشهد مرحلة جديدة بقيادة موحدة للمؤتمر».
- تعويل على جماهير الحزب
من جهته، يشير الإعلامي اليمني عبد السلام القيسي وهو من مناصري الحزب، إلى ما وصفه بـ«الزخم الكبير» في ذكرى تأسيس الحزب من قبل أتباعه وقياداته، ويرى أن ذلك «يحكي حاجة الناس واشتياقهم للوطن؛ إذ يرون في الحزب الذي حكم لأكثر من ثلاثة عقود هيئة الدولة المنصرمة وشكل الأمن الذي عاشوه من قبل».
ويضيف القيسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول «الحزب ظاهراً يوحي للمتابع أنه تشرذم، وتلاشى، لكنه على العكس من ذلك، فالمؤتمر الشعبي يبقى ببساطته لأن جمهوره هم الناس، كل الناس، الذين ليس لديهم آيديولوجيات وهم الغالبية، فهو لم يتأسس على أدلجة شبيهة بأدلجة الأحزاب الدينية أو القومية، بل من صلب الشعب، ومن أفكاره».
ويعتقد القيسي أن الحزب سيعود إلى مكانته ذات يوم «وسيكون الحامل الكبير لعملية السلام في اليمن؛ لأنه بلا خصومات فاجرة مع أحد، ويتوزع بين الجميع، ويتماهى مع الجميع، في الشمال والجنوب، وفي المحرر وغير المحرر».
كما يرى القيسي في عودة الحزب «أفقاً جديداً للسلام»؛ لأنه - بحسب تعبيره - «يمكنه لملمة كل هؤلاء المتصارعين بحكمة زعيمه الراحل التي لملم بها البلاد من قبل ولا يمكن لحزب أو جماعة فعل ذلك، إذ إن الحوثي يريد البلاد له وحده، ويسعى لقتل الجميع من مخالفيه وزجهم في السجون، في حين تريد بعض الأحزاب الأخرى حكم البلاد لنفسها دون أحد».
- محطة مهمة
القيادي في الحزب عبد الكريم المدي، هو الآخر يرى في الذكرى الـ39 لتأسيس «المؤتمر الشعبي العام» محطة مهمة لإعادة ترتيب الحزب بما يتوافق مع الضرورات الوطنية والانطلاق نحو آفاق أرحب، وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط».
ويضيف المدي، المؤتمر يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة جداً وحضوراً وسط الناس ورغم كل ما واجهه من تحديات ومؤامرات ومحاولات إقصاء، إلا أنه ظل واقفاً أمامها جميعاً.
ويعتقد «أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات كثيرة داخل الحزب بما يتعلق بنشاطه وفاعليته السياسية والشعبية في الداخل والخارج، وأن هناك خطوات جادة تمضي بشكل مستمر، تأتي استشعاراً لهم وطني وتلبية لمطالب قواعد الحزب بتفعيل واستعادة دوره».
- ذكرى مضيئة
وتمثل هذه الذكرى للحزب - بحسب ما يقوله القيادي في الحزب يحيى العابد «نقطة مضيئة من خلال تفاعل قواعد الحزب في كل مكان احتفالا بالمناسبة بشعار واحد ورؤية واحدة وهدف واحد مفاده أن (المؤتمر) باق بصموده ومواقفه رغم كل المحاولات التي استهدفت اجتثاثه منذ عام 2011 وما تلاها حتى اليوم».
وعن جناح «المؤتمر» في الداخل في ظل قبضة الحوثيين، يبرر لهم العابد كل الأوضاع، ويرى أنهم هم القيادة الحقيقية للحزب، بعد مقتل صالح، ويقول «من هم في الخارج ليسوا المؤتمر وإنما مؤتمريون يعمل كل واحد منهم بجهده للملمة الشتات الموجود حالياً».
ويضيف العابد «حزب المؤتمر كما نقول دائماً يمرض ولكن لا يموت»، مشيراً إلى جملة من الجهود التي تبذل في الخارج لإعادة ترتيب أوضاعه، وآخرها الاجتماعات الأخيرة في أبوظبي، حيث يقيم هناك نجل صالح الأكبر، بحضور أعضاء في اللجنة العامة للحزب (أعلى هيئة) وعدد من القيادات.
وأوضح العابد، أن اللقاء الأخير خرج بنقاط محورية عدة تستهدف لملمة الحزب وتفعيل فروعه، إضافة إلى تأكيده على الموقف السياسي الرافض لاستمرار الحرب الحوثية ضد الشعب اليمني ودعوة الأطراف الدولية كافة للوقوف مع اتجاهات السلام في اليمن.
ومن المؤشرات الإيجابية - بحسب العابد - في طريق إنهاء الانقسامات داخل الحزب ما صرح به أخيراً وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك عن إرسال الحكومة الشرعية مذكرة إلى مجلس الأمن تطالب فيها برفع العقوبات الأممية عن أحمد علي صالح؛ إذ إن الأخير يحظى بشعبية واسعة لدى قواعد الحزب.
التعليقات