قبائل يمنية تنتفض في وجه مليشيات الحوثي وتحاصر مقار أمنية في صنعاء

اتسعت في الأيام الأخيرة دائرة الخلاف بين القبائل المحيطة بصنعاء والميليشيات الحوثية على خلفية جرائم اختطاف واعتداء وقتل ارتكبها قادة ومسلحون بحق مواطنين وأعيان، وصولاً إلى قيام عناصر القبائل بمحاصرة مقرات أمنية تديرها الميليشيات الانقلابية.

وبحسب ما ذكرته مصادر قبلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فإن العاصمة المختطفة شهدت على مدى الأسبوع الماضي ارتكاب مسلحين وقادة حوثيين (ينتمي بعضهم إلى صعدة) جرائم وانتهاكات عدة منها الاختطاف والقتل بحق مواطنين من أبناء ريف صنعاء ومناطق يمنية أخرى.

وتمثل آخر تلك الجرائم بإقدام مسلحين حوثيين يتبعون المنطقة الأمنية الخامسة في صنعاء الخميس الماضي على قتل نجل أحد مشايخ قبائل أرحب ويدعى أيمن نبيل ردمان في أحد شوارع العاصمة.

وتحدث مصدر قبلي بريف صنعاء عن أن مجاميع مسلحة من قبائل أرحب لا تزال منذ أيام تفرض حصاراً من جميع الاتجاهات على منطقة أمنية تابعة للجماعة، في حين سارعت الميليشيات عبر النقاط التفتيش التابعة لها بالمداخل الشمالية للعاصمة إلى وضع إجراءات أمنية مشددة منعاً لتدفق المزيد من أبناء القبيلة المطالبين بتسليم قتلة أحد أبنائها.

وقال المصدر إن القبائل الغاضبة منحت مهلة محددة للانقلابيين لتسليم الجناة وإحالتهم للتحقيق، وهددت باقتحام المنطقة الأمنية في حال استمرار مماطلة الجماعة وعدم استجابتها للمطالب.

وسبق تلك الحادثة بأيام قليلة قيام قيادي حوثي بارز من صعدة (معقل الميليشيات) بارتكاب جريمة أخرى مماثلة تمثلت بقتله وسط العاصمة شرطي مرور يدعى أحمد نشوان من أبناء قبائل الحيمة في ريف صنعاء.

وذكر شهود عيان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن القيادي في الجماعة المدعو صدام كزمة (ينتمي إلى صعدة) أقدم على قتل رجل المرور بعد محاولة الأخير إيقافه أثناء قيادته دورية حوثية بسرعة جنونية وفي الاتجاه المعاكس للسير في شارع الستين الشمالي بذات العاصمة.

وأعقب تلك الجريمة بساعات اقتحام مسلحين من قبائل الحيمة بأسلحتهم العاصمة والتجمهر بالقرب من مكان الحادثة، مطالبين بوضع حد لجرائم الاعتداء والقتل الحوثية المتصاعدة.

ومع ما تشهده العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرة الانقلابيين من انفلات أمني غير مسبوق وأعمال قتل وعنف متكررة قاد بعضها إلى اتساع دائرة الرفض المجتمعي للحوثيين، في حين تشير تقارير محلية إلى أن جرائم البطش والقتل الحوثية تصاعدت بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتؤكد بعض التقارير تصدر العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات ذمار وإب قائمة المدن اليمنية تحت سيطرة الجماعة فيما يتعلق بارتفاع منسوب جرائم القتل والاعتداء والاختطاف والتنكيل بالمدنيين.

في يوليو (تموز) الماضي، نفذت قبائل بني حشيش بريف صنعاء اعتصاماً مفتوحاً في أحد الشوارع الرئيسية في صنعاء بعد مقتل أحد أبنائها بنيران قائد نقطة تفتيش حوثية بعد رفضه دفع إتاوات للميليشيات.

وروى شهود عيان في صنعاء حينها، لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين من قبيلة بني حشيش تمكنوا خلال احتجاجهم المسلح الذي استمر أسبوعاً كاملاً من الضغط على الميليشيات وإجبارها على تسليم قائد وأفراد النقطة المعتدين بالرصاص على أحد أفراد قبيلتهم.

وشهدت العاصمة صنعاء منذ مطلع العام الجاري موجات غضب واقتحام مجاميع مسلحة للمدينة، حيث قادت بعضها إلى مواجهات مع الميليشيات على خلفية قتل مواطنين من أبنائها.

وفي 20 مايو (أيار) من العام الجاري اندلعت مواجهات عنيفة بين مسلحين قبليين من مديرية نهم وميليشيات حوثية على خلفية استحداث الجماعة لنقطة جباية وتفتيش في منطقتهم الواقعة بنطاق ريف صنعاء.

وذكرت مصادر قبلية حينها أن الاشتباكات اندلعت بين مسلحين من بني عامر قبيلة الحنشات وعناصر حوثية تنتمي لصعدة (معقل الميليشيات) لحظة استحداثهم نقطة التفتيش بالقوة على الطريق الرابط بين نهم ومديرية أرحب.

وقالت إن السكان اعترضوا بشدة على استحداث النقطة ورفضوا دفع الجبايات وعملية التفتيش. مشيرة إلى أن المواجهات استمرت حينها لأيام وانتهت بمقتل 5 مسلحين من الطرفين.

اليوم الـ28 من الشهر ذاته، انتفضت قبيلة بني ضبيان في ريف صنعاء ضد الجماعة وخاضت ضدها معارك شرسة شرقي العاصمة على خلفية محاولة الميليشيات العبور من مناطق القبيلة باتجاه مأرب، خلافاً للاتفاق المبرم بشأن حماية رجال القبيلة لمناطقهم وعدم السماح للجماعة بالسيطرة عليها أو استخدامها كممر للعبور.

وكانت شبكة حقوقية يمنية وثقت ارتكاب الميليشيات نحو 2508 انتهاكات ضد المدنيين خلال الربع الثاني من العام الحالي في 12 محافظة يمنية، بينها العاصمة صنعاء وريفها.

ورصدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير لها، مقتل 291 مدنياً بينهم 31 طفلاً و36 امرأة، وإصابة 403 آخرين، بينهم 42 طفلاً و56 امرأة، بنيران الميليشيات خلال تلك الفترة.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية