أحداث لا تُنسى: كيف أطاحت ثورة سبتمبر بحكم الإمامة؟
غيبوبة الإفتاء الشرعي: ( المولد النبوي بين المشروعية والاستحلالية: نموذجا )


عادة مايسبق ذكرى المولد النبوي الشريف جدال ومساجلات في صورة فتاوى تدور بين المشروعية وعدمها غالبا. ومع تأكيدي شخصيا على مشروعية الاحتفاء بذكرى المولد  بآدابه وضوابطه التي تليق بصاحب الذكرى -صلى الله عليه وسلم- بعيدا عن الإفراط والتفريط، ولأن الفتوى تأتي عادة على قدر سؤال المستفتي فنود من كل من ينبري للفتوى، ويقدّم لنا فتواه بالإباحة أو حتى الوجوب؛ أن يجعل منها مستوعبة للسؤال -موضع الإشكال- فتسبر غوره من الجوانب جميعها، كي تكتمل الصورة، ونرى ما إذا كانت المسألة  لاتزال في دائرة العليّة الشرعية أو الخلاف المشروع والجدل المباح، أم أنها خارج هذا السياق من الأساس، وذلك حين تثار في اليمن -بوجه أخص- في  تلك المحافظات التي يسيطر فيها الحوثيون على مقاليد الوضع، خاصة أمانة العاصمة هذه المسألة (الكارثة)!، فيقيم الحوثيون فيها مولدهم الشهير، وفق فلسفة ووسائل مختلفة من جذورها مع تلك التي ترى مشروعيته أو حتى وجوبه! في كل بلدان العالم الإسلامي (السنّي) (وربما الشيعي)  .

 

على المفتي الراسخ أن يسعى ابتداء لتلمّس جواب على سؤال فحواه:

هل يجوز  ابتدءا إرهاب كل مخالف أو متردد في مشاركة الحوثيين احتفائيتهم بالمولد النبوي، تلك التي لاتخلو صراحة أو ضمنا من  السب واللمز بكبار الصحابة، وكل من يختلف مع مسلك الحوثيين في العنف المتوحش؟ مرورا بتغريم كل صاحب محل أو عمل وربما سجنه مالم يستجب لهم بطلاء باب محله أو رفع خرقتهم الخضراء عليه أو على منزله،  وإنفاق الحوثيين مئات الملايين من الريالات إن لم يكن أكثر مما ينفق على الاحتفائية ولوازمها من أموال الأمة  على مايسمونه بلجان النظام والأمن والغذاء والإعلام  والقات والمواصلات، أي بترول السيارات واستئجار بعضها بأغلى الأجور بعد أن بلغت أسعار  البترول مداها الخيالي، لجلب أفرادهم ومناصريهم وحتى غير مناصريهم  بالقوة من مختلف المحافظات إلى العاصمة، وبعد أن مر على انقطاع المرتبات مايزيد على خمس سنوات في ظل انعدام الخدمات الأساسية، وغلاء فاحش في الأسعار غير مسبوق، ووضع معيشي للناس  يفتت الجمادات، ويفجّر الصخور ، دون أن يحرّك شعرة في رؤوس القائمين على السلطة من

 الحوثيين ؟!  وانتهاء بتحقيق هدف الحشد والتعبئة لاستمرار محارق اليمنيين في حرب لم يعد سرّا أن هدفها الرئيس إبقاء سيّد  الحوثيين حاكما على اليمن باسم السماء، وذريته من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مسنودا بطهران بمشروعها الصفوي الشهير، وأذرعها الطولى في المنطقة؟

 

هذا سؤال الفتوى الجوهري سماحة المفتي.

لابأس بعد ذلك أن تتجه سماحتكم  بذكاء المفتي الحصيف بسؤال للبسطاء من الناس الذين لايزالون يقبعون في مناطق سيطرة الحوثي فقط لتبحثوا عن آلية تضمن سريّة الاسم. ومفاد السؤال:  

للحوثيين مناسبات احتفائية كثيرة  فما هي أسوأ تلك الاحتفائيات على نفسك؟

أزعم أن جميع من لم تتلوث فطرهم سيجيبون إجابة واحدة محزنة : "المولد النبوي "!!

وكفى بذلك اختزالا لدلالات المأساة التي أزعم بأنها غدت عمليا في مستوى الفتن العقدية الكبرى،  من حيث تأثيرها السلبي على  مسلك التأدب والإجلال الشرعيين لمقام النبي- صلى الله عليه وسلم-، إذ بغّض الحوثيون إلى الناس سَنَة بعد أخرى صورة نبي الرحمة  العظيم -عليه الصلاة والسلام- حين قدّموه زعيما سلاليا، لايختلف عن أي حاكم  دنيوي طاغية - معذرة إليك يارسول الله بأبي أنت وأمّي- يذل شعبه وأمته، ويسعى لسرقة اللقمة من أفواه الجياع، في سبيل مجده وسلالته! اللهم غفرا.

 

    هل تعلم سيّدي المفتي أن احتفائية المولد النبوي لدى الحوثيين في جوهرها  تختلف عن مناسباتهم الأخرى كعاشوراء والغدير  وذكرى وفاة الإمام  علي أو السيدة فاطمة أو الإمام زيد....إلخ على سوء تقديمهم لها جميعا أو استغلالهم الرخيص لها بعبارة أدق!  فتظل احتفائية المولد النبوي بينها جميعا هي "الأسوأ" أو هكذا قدّمها الحوثيون للناس عمليا، سيفا مصلتا على رقاب عباد الله!

 

 هذه هي الفتوى المطلوبة في صورتها الكاملة سيدي المفتي الفاضل جزاك الله خيرا، إن وعيت المشكلة على حقيقتها أولا.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.