اليمن: الهدنة غير كافية لدفع الحل السياسي

بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة في اليمن، لا تزال العديد من البنود التي أعلنت في بيان الاتفاق متعثرة، لعل أبرزها تشغيل رحلات من مطار صنعاء وفك الحصار عن مدينة تعز، في الوقت الذي يطغى الجمود على التحركات السياسية للبناء على الهدنة الحالية، التي وصفها المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ بـ"اللحظة الثمينة".

وبدأ سريان الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن في 2 إبريل/نيسان الماضي، على أن تستمر لمدة شهرين قابلة للتمديد، بموافقة الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين.

وإلى جانب الموافقة على وقف العمليات العسكرية، أعلن عن بنود أخرى، وهي السماح لسفن الوقود بالمرور إلى ميناء الحديدة، غربي اليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيون، وتسيير رحلات من مطار صنعاء، وفتح الطرق إلى مدينة تعز المحاصرة، جنوب غربي اليمن، من قبل الحوثيين.

تعثر أول رحلة من صنعاء

وعلى الرغم من بدء العد التنازلي على انتهاء الهدنة، تعثرت أول رحلة جوية من مطار صنعاء، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة اليمنية والحوثيين بعرقلتها، في حين لم تبدأ أي نقاشات حول فتح الطرق نحو مدينة تعز المحاصرة، وهي من أهم بنود اتفاق الهدنة، فيما يتحدث الطرفان عن خروقات عسكرية شبه يومية في جبهات القتال.

حتى أن إعلان التحالف الذي تقوده الرياض، عن الإفراج عن 163 أسيراً حوثياً ونقلهم، أمس الأول الجمعة، من السعودية إلى اليمن، كان محور خلاف.

فقد قالت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين، إن "جميع المحتجزين ليسوا أسرى حرب، ما عدا خمسة منهم فقط وأربعة مختطفين صيادين تم اختطافهم من البحر الأحمر، وبقية الأسماء غير معروفة لنا". وأضافت أن "من بين المحتجزين تسعة أجانب من جنسيات أفريقية لا علاقة لنا بهم".

وفي 24 إبريل الماضي، أُعلن عن تأجيل أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي إلى العاصمة الأردنية عمّان، كانت ستكون الأولى منذ ست سنوات، بناء على اتفاق الهدنة والذي حدد رحلتين تجاريتين أسبوعياً.

وقالت شركة الخطوط الجوية "إنها لم تتلق تصاريح التشغيل لأول رحلة من مطار صنعاء، على الرغم من قيامها بكافة الاستعدادات الفنية"، في حين تبادل الحوثيون والحكومة اليمنية الاتهامات بعرقلة تسيير الرحلات.

وقال المتحدث باسم هيئة الطيران في صنعاء التابعة للحوثيين، مازن غانم "إن تنصل دول (التحالف الذي تقوده السعودية) وعدم التزامها بتنفيذ الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة بشأن مطار صنعاء الدولي، تسبب في موت عدد من المرضى الذين كان مقررا سفرهم عبر أول رحلة تجارية".

وأضاف، في تصريح نقلته وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين: "دول تحالف العدوان منعت إعطاء تصريح للخطوط الجوية اليمنية بالهبوط في مطار صنعاء الدولي"، معتبراً أنّه "لا مبرر قانونياً لإغلاق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية". وطالب، المجتمع الدولي والأمم المتحدة، باتخاذ قرار ملزم لفتح المطار.

في المقابل، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الالتزام بإجراءات السفر القانونية، وذكرت في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ): "تم الاتفاق على تشغيل الرحلات طبقاً للإجراءات الرسمية، بما في ذلك اعتماد جوازات السفر الصادرة من الحكومة فقط، وللأسف قامت المليشيات الحوثية في صنعاء، بإغلاق كافة منافذ البيع للتذاكر، وحصرت الإصدار على مكتب اليمنية في صنعاء، وتم إصدار تذاكر لمسافرين يحملون جوازات سفر صادرة عن المليشيات".

وأضافت: "حرصاً من الحكومة على سلامة الإجراءات، وعلى التزاماتها أمام المجتمع الدولي والدول المستقبلة، طلبت وعبر مكتب المبعوث الأممي التزام الحوثيين بما تم الاتفاق عليه وتعديل قائمة المسافرين وإنزال الركاب الذين لا يحملون جوازات معترف بها".

وأوضحت: "أنه نتيجة رفض وعرقلة المليشيات الحوثية، تم تأجيل الرحلة المجدولة في 24 إبريل حتى يتم العودة لالتزام المليشيات بما تم الاتفاق عليه".

وأعرب غروندبرغ عن قلقه إزاء تأجيل الرحلة التجارية الأولى من مطار صنعاء، وحث الأطراف على العمل بشكل بنّاء معه لإيجاد حل يسمح باستئناف الرحلات الجوية كما هو مخطط لها.

وعلى الرغم من الآمال الكبيرة بأن تفتح الهدنة آفاقاً جديدة للسلام، بدءاً من الالتزام بالبنود الإنسانية التي تخص المواطنين وتسهم في تخفيف معاناتهم في التنقل على الأقل كإجراء أولي لتبادل الثقة بين طرفي النزاع، إلا أن ذلك يبدو بعيداً بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة.

وقال الناشط السياسي اليمني هاشم الأبارة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تأجيل الرحلات المقررة من مطار صنعاء، بسبب عدم مشاركة الحوثيين لأسماء المسافرين مع السلطات الحكومية المختصة، "يضع شكوكاً حول هوية بعض المسافرين واحتمال وجود إرهابيين ضمن المسافرين".

وأضاف: "هذا الاحتمال يلزم السلطة بعدم السماح بإقلاع أي طائرة ومغادرتها إلى أي بلد شقيق لعدم حدوث أي استغلال رحلة لارتكاب أي جرائم ارهابية أو تهريب ممنوعات قد تضر بعلاقة بلادنا بالدول المستقبلة، وقد يؤثر سلبا على تشغيل بقية المطارات التي يستخدمها اليمنيون للدخول والخروج والاتصال مع العالم".

وأشار إلى أن "هذا أمر حساس، والحكومة حسبما أعلنت عن تقديم تسهيلات عدة من أجل تشغيل مطار صنعاء للرحلات المدنية، لكنّها حريصة على ألّا تستخدم هذه الرحلات لنقل الإرهابيين الأجانب إلى بلادنا أو لدول المنطقة أو في تهريب الممنوعات أو الأسلحة".

وعن إنهاء الحصار عن تعز وفتح الطرق، قال الأبارة إن "الحوثيين يرفضون إلى الآن الدفع بممثلين لهم في اللجان المختصة لهذا، وهذا يعكس أن الحوثيين لا يهتمون للإجراءات التي تهدف من خلالها الحكومة للتخفيف عن الناس".

وعلى الرغم من الآمال الكبيرة بأن تفتح الهدنة آفاقاً جديدة للسلام، بدءاً من الالتزام بالبنود الإنسانية التي تخص المواطنين وتسهم في تخفيف معاناتهم في التنقل على الأقل كإجراء أولي لتبادل الثقة بين طرفي النزاع، إلا أن ذلك يبدو بعيداً بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة.

وقال الناشط السياسي اليمني هاشم الأبارة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تأجيل الرحلات المقررة من مطار صنعاء، بسبب عدم مشاركة الحوثيين لأسماء المسافرين مع السلطات الحكومية المختصة، "يضع شكوكاً حول هوية بعض المسافرين واحتمال وجود إرهابيين ضمن المسافرين".

وأضاف: "هذا الاحتمال يلزم السلطة بعدم السماح بإقلاع أي طائرة ومغادرتها إلى أي بلد شقيق لعدم حدوث أي استغلال رحلة لارتكاب أي جرائم ارهابية أو تهريب ممنوعات قد تضر بعلاقة بلادنا بالدول المستقبلة، وقد يؤثر سلبا على تشغيل بقية المطارات التي يستخدمها اليمنيون للدخول والخروج والاتصال مع العالم".

وأشار إلى أن "هذا أمر حساس، والحكومة حسبما أعلنت عن تقديم تسهيلات عدة من أجل تشغيل مطار صنعاء للرحلات المدنية، لكنّها حريصة على ألّا تستخدم هذه الرحلات لنقل الإرهابيين الأجانب إلى بلادنا أو لدول المنطقة أو في تهريب الممنوعات أو الأسلحة".

وعن إنهاء الحصار عن تعز وفتح الطرق، قال الأبارة إن "الحوثيين يرفضون إلى الآن الدفع بممثلين لهم في اللجان المختصة لهذا، وهذا يعكس أن الحوثيين لا يهتمون للإجراءات التي تهدف من خلالها الحكومة للتخفيف عن الناس".

وقال نائب رئيس اللجنة الحكومية المكلفة بفتح الطرق في تعز محمد المحمودي، لـ"العربي الجديد": "لا توجد أي نقاشات حول فتح المعابر إلى مدينة تعز، والحوثيون امتنعوا عن ذلك ولم يرسلوا حتى أسماء أعضاء اللجنة التي تمثلهم في هذا الملف، بمعنى أنهم رافضون حتى التفاوض بشأن فتح الطرق".

وأضاف أن "مكتب المبعوث الأممي لم يتحرك في هذا الشأن ولم يتخذ أي موقف، وما زال إلى الآن يقول إنه يحاول إقناع الحوثي تسمية أسماء فريقه خلال هذه الفترة للتفاوض، هذا هو جهدهم حالياً". ولم يرد مكتب المبعوث الأممي على أسئلة "العربي الجديد"، حول ما يخص تعثر تنفيذ بنود الهدنة الأممية في اليمن.

وإلى جانب تعثر الرحلات من مطار صنعاء وفتح طرق تعز، حصلت عدة خروقات لوقف إطلاق النار في عدد من الجبهات خلال الشهر الأول من الهدنة.

في المقابل، أسفرت الوساطة العمانية بالإفراج عن طاقم السفينة الإماراتية "روابي" المحتجزين لدى الحوثيين منذ مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى مبادرات أحادية من الحوثيين والسعودية بالإفراج عن عشرات الأسرى.

ومن خلال وضع العراقيل أمام الملفات الإنسانية من قبل طرفي النزاع في اليمن في عدم تطبيق بنود الهدنة الحالية، تتكشف حالة عدم الثقة بين الطرفين بخلق المبررات واستخدام معاناة المدنيين وسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية، مما قد يجعل فرص السلام والحل السياسي بعيدة المنال حالياً.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية