واعدوا..!


الاعداد المطلوب للقوة بمعناه الشامل والذي يشمل الاعداد المادي والإعداد المعنوي معا، وأما التأويل القاصر للأمر بالإعداد وحصره في الجانب المادي والتدريبي أو التسليحي والعددي بكثرة العدد في الجيوش فقد ظهرت نتيجته على أرض الواقع خلال العقود المنصرمة فشلا في ميدان المعركة والمواجهة المصيرية للأمة العربية ولم يحقق النتيجة المرجوة حتى على مستوى قوة (الردع) العربي..

فالاستيراد المهول للأسلحة من الخصوم لم تغن عنهم شيئا، وكذلك تجميع تلك الطوفانات البشرية المكونة للجيوش لم تزدهم إلا خبالا.

فلابد أن يترافق ذلك كله مع الاعداد الروحي والفكري وإعداد المقاتل نفسيا وسلوكيا وعقليا وامتلاك إرادة القتال والقناعة بالقضية والثقة المطلقة بـ(أنواعها)، وتحرير النفوس والعقول وإطلاق الطاقات والقدرات والاتجاه نحو التطوير والابتكار والتصنيع فالحاجة أم الاختراع، والتحديات توجد استجاباتها المكافئة.

 لقد كانت الهزيمة للجيوش العربية سابقا نتيجة طبيعية للاكتفاء ببنائها وإعدادها إعدادا تخصصيا فنيا أو ماديا وعدديا (كثافة اعداد بشرية أو تكديس أسلحة) دون روح معنوية قتالية، ولابد للمقاتل حتى ينتصر أن يكون جندي مجاهد صاحب عقيدة قتالية ورسالة حياتية وهدف وغاية أخروية، وليس عسكري معاش ورتبه ووظيفة..

كما أن هناك ارتباط آخر قوي جدا للانتصار وفي الأمر بالإعداد وهو أن يشمل الانتصار مجالات بناء ومؤسسات الدولة المختلفة فلا يمكن أن تنتصر عسكريا أو ميدانيا وانت مهزوم سياسيا و سياديا أو اقتصاديا و خدميا أو إنسانيا وحقوقيا أو فكريا وحضاريا، هذه المجالات مرتبطة ارتباط قوي جدا بالمعركة، وتأثر سلبا أو إيجابا في سرعة حسمها، ولابد أن ينتصر المرابطين في جبهاتها والقائمين عليها(فلا انتصار مع الفساد والاستبداد ولا مع الاستعباد والاستبعاد، ولا مع الإلغاء والتهميش والاقصاء، ولا مع الانتقاص من سيادة الأرض أو آدمية الإنسان)، والعكس صحيح أيضا وهو أن يستثمر السياسي الانتصار الميداني والعسكري وأن يبني عليه ويترجمه إلى نتائج ومكاسب سياسية للشعب والوطن..

أخيرا بات من المؤكد أن الجيوش التي تعد للاستعراض غير الجيوش التي تجهز للمعركة والمواجهة.

فهل سنستفيد اليوم أولا من الأعداء التاريخيين للأمة العربية كإسرائيل وإيران في كيفية بناء الجيش لديهما، وثانيا هل سنستفيد من أخطاء الماضي القريب التي أصابتنا في مقتل، ونتجه لبناء روح المقاتل المعنوية صاحب اليد القابضة على الزناد، فالإنسان هو الذي يكسب الحرب وليس الآلة، وتطور السلاح الحديث لم يقلل من أهمية الإنسان بل زاد من أهميته، وليست التكتيكات ولا الكم العددي للمقاتلين ولا الآليات والمعدات الحديثة وحدها من تقرر مصير الحرب ونتيجة المعركة، وإنما روح وإرادة الإنسان هي من تحسم كل ذلك.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية