رفض الهدنة واستعراضات الحوثيين العسكرية في الحديدة.. أي رسالة يريدون إيصالها؟!
تستمر مليشيا الحوثي بخرقها للهدنة الأممية في تعز، وتحشيد عناصرها في الحديدة، استعدادا لمعركة عسكرية مرتقبة، فيما الحكومة الشرعية لاتزال مشغولة بترتيب بيتها الجديد، في حين لا تخرج ردود أفعال المجتمع الدولي عن القلق والإدانة.
إذ تشير التحرّكات والأحداث الأخيرة إلى أن استئناف الحرب أقرب من تمديد الهدنة؛ التي لم تلتزم مليشيا الحوثي بتنفيذ بنودها، وقامت بخرقها منذ الساعات الأولى لإعلانها، قبل أن تقضي عليها في تعز.
- سياسة مجدية
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي، الدكتور محمد جميح: "إن مليشيا الحوثي تحاول دائما سحب خصومها إلى المربّع الذي تريده، ففي الوقت الذي كانت المباحثات تجري في عمّان بشأن قضايا تبادل الأسرى، وفتح المعابر، ورفع الحصار عن تعز، كانت المليشيا تهاجم المنفذ الوحيد الذي تتنفس منه المدينة".
وأشار إلى أن "الجهة، التي تهاجم في الوقت الذي تتفاوض بشأن فتح المعابر عن مدينة محاصرة، وفي الوقت نفسه تقوم بالهجوم على المعبر الأخير في محاولة منها لإطباق الحصار، كل ذي عقل سيعرف بأن هذه الجهة لا تنظر باعتبار للهدنة ولا للحكومة ولا للمبعوث الأممي".
وأوضح لبرنامج زوايا الحدث، الذي بثته قناة بلقيس يوم أمس، "بما أن مليشيا الحوثي تتعامل بهذا الشكل، وليس هناك ما يردعها أو يشكل ضغطا عليها سياسيا أو عسكريا، فإنها ستستمر بهذه السياسة، باعتبارها سياسية مجدية بالنسبة لها، ولأنها ترى بأنها تربح باستمرار من خلال هذه التعاملات".
وأكد أن "ما لم يكن هناك موقف صارم تجاه الخرق الواضح الذي أدين من بعض السفارات الغربية وسفارات الاتحاد الأوروبي، من خلال تحويل هذه الإدانات إلى ضغوطات على الواقع، فإن المليشيات ستستمر بخروقاتها وتحشيدها".
وقال: "إن إحدى إشكاليات النظرة الدولية للملف اليمني ولمليشيا الحوثي هي أن لديهم فكرة خاطئة، والتي تقول إن المليشيات لا تشكل خطرا إلا إذا لم يتم تسوية الملف النووي الإيراني وإرضاء الإيرانيين، بمعنى أنهم يرون أن إيران ستتحكم بالمليشيا، وستمنعهم من إحداث أي قلق للملاحة الدولية".
وأضاف أن "إيران ومليشيا الحوثي يوحون للمجتمع الدولي بأن اليمن، الذي تريدونه، لدينا نحن، والمصالح التي تريدونها نحن من سنصنعها، ومن خلال ذلك يرغمون المجتمع الدولي على عدم التعاطي مع الشرعية اليمنية".
وتابع "فيما الحكومة الشرعية مشغولة بترتيب بيتها الجديد، وهذا الترتيب برؤى ومشاريع مختلفة، وأطراف الشرعية فيهم من يظن بأن هذه هي الفرصة المناسبة لتنفيذ هذا المشروع أو ذاك، وهذه تعد أكثر نقطة ضعف تعاني منها الشرعية، وتجعل المليشيات تتصرف باطمئنان".
وفي حديثه عن دور التحالف، قال الدكتور جميح: "إن التحالف السعودي - الإماراتي، بتشكيله للمجلس الرئاسي، يعني بأنه بدأ يعد لمرحلة سلام في اليمن، بما يضمن مصالحه، ويرى أن الحل العسكري لم يعد مناسبا، وهذا ما يلمسه من خلال التصريحات والمواقف السعودية - الإماراتية".
ويرى أن "إذا كانت الحرب ستضع أوزارها والسلام قادم، فإنه ينبغي أن نتحدث عن طبيعة هذا السلام، وأن يكون للشرعية دور في صناعة هذا السلام".
وأوضح أن "الشرعية اليمنية إذا استطاعت أن توجد نوعا من التناغم بين مصالح التحالف السعودي - الإماراتي، ومصالح الدولة اليمنية واليمنيين، يمكن أن نصل إلى وضع مختلف"، معتبرا أن "الوضع الذي نحن عليه الآن يصب لصالح مليشيا الحوثي".
- فضيحة وإحراج للمجتمع الدولي
من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني، أن "المليشيات الحوثية أحرجت البعثة الدولية والأمم المتحدة التي تدير مشاورات في عمّان من أجل فتح طرقات تعز، خصوصا مع هجوم المليشيا الأخير التي حاولت من خلاله قطع شريان الحياة الوحيد؛ الذي يربط تعز بالجنوب، وهو الضباب".
وقال: "هذه تعد فضيحة كبيرة للمجتمع الدولي، ولجدية الأمم المتحدة التي رعت هدنا كثيرة مع المليشيات، وفتحت لها مطار صنعاء وميناء الحديدة، وفي المقابل تنصلت المليشيات عن فتح أي طريق في تعز، بل أنها تقوم اليوم أثناء المشاورات بالهجوم لقطع الطريق الوحيد، وتحاول إطباق الحصار عن تعز بالكامل".
وفي حديثه عن التحركات الحوثية في الحديدة، أوضح الدكتور المسني أن "هذا الأمر متعلق بأجندات إيران، التي تريد إبقاء التوتر كما هو عليه في اليمن، للاستفادة منه بأكبر قدر ممكن أثناء المفاوضات التي تجري الآن حول الملف النووي"، حسب تصوّره.
وبيّن أن "مليشيا الحوثي وإيران يتحركون في ظل قلق دولي ورغبة ملحة في إيقاف التوترات في هذه المنطقة، لذا المليشيات وإيران يستغلون هذا القلق وهذه الرغبة في التحشيد وتوسيع التوترات، بغية الحصول على المزيد من التنازلات".
وأشار إلى أن "ما يحدث من صراع بين أطراف الحكومة الشرعية في الجنوب أيضا يفيد المليشيات، من خلال إحراز المزيد من التوسع وإخضاع الكثير من المناطق تحت سلطتها، في الوقت الذي يجد المجتمع الدولي نفسه غير قادر على إحداث تغيير فيما يخص الضغط على المليشيات، لكن ما يهمه هو إبقاء الممرات الملاحية الدولية بعيدة عن التوترات".
التعليقات