ما هي حقيقة استقرار أسعار الصرف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي؟

على الرغم من تباين سعر صرف العملة بين صنعاء وعدن، إلا أن أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي شهدت ارتفاعا كبيرا خلال العام الماضي، بنسبة تقارب ضعف ارتفاعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وفقا للمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي.

ديفيد بيزلي، أكد في تصريح له، أن أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي أعلى بنسبة 70% مقارنة بالعام الماضي، فيما ارتفعت في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بنسبة 40%.

مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، في أحدث تقرير له، أكد أن ما تحتاجه أسرة في صنعاء من غذاء تصل قيمته إلى 106 دولارات، كحد أدنى، في حين تبلغ قيمة ما تحتاجه أسرة مشابهة لها في عدد الأفراد في عدن إلى نحو 84 دولارا فقط، وهو ما يعكس إصرار المليشيا على استغلال قوت المواطنين لتحقيق المكاسب.

 

- ارتفاع مضاعف

في هذا السياق، يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر: "كما أشار تقرير المركز، الذي استمر بالرصد لعدة أشهر، فيما يتعلق بميزانية الأسرة كنموذج، ووفقا لما ذكره المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، فإن الأسرة تتحمل أعباء كبيرة في اليمن عموما، وفي مناطق مليشيا الحوثي على وجه الخصوص".

وأضاف: "للأسف الشديد أن هذه المعاناة تتزامن مع تراجع دخل المواطنين، ونتيجة للتثبيت الإجباري لسعر الدولار في مناطق سيطرة المليشيا".

وأشار إلى أنه "في حال النظر لأسعار السلع في مناطق سيطرة المليشيا مقارنة بأسعار الصرف سنجد أن ما يدفعه المواطن أكثر من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي ينخفض فيها سعر الريال اليمني بشكل كبير".

وأوضح أنه "بعد مرور 8 سنوات من الحرب، يعاني المواطن اليمني بشكل عام معاناة شديدة، وتقريبا 80% من عدد سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وهذا مؤشر إلى أن المواطن يعاني جراء هذه الأزمة الإنسانية".

وقال: "الادعاء بأن هناك معالجات، وأن هناك مناطق أفضل من مناطق أخرى، مجرد ادعاء تكشفه الأرقام، لاسيما وأن قطاعا واسعا من المواطنين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي فقدوا دخلهم، سواء مواطنين عاديين أو موظفين".

وبيّن أن "المليشيا تتخذ من ادعاءاتها بأن هناك معالجات لسعر الصرف في مناطق سيطرتها، بينما هو مجرد تثبيت إجباري فقط، بهدف دغدغة عواطف الناس، بينما الناس يلامسون ذلك في قوت يومهم، وفي احتياجاتهم".

ويرى أن "الكارثة الأكبر في أن جزءا كبيرا من الشعب اليمني يعتمد على المساعدات الإنسانية، وهذه المساعدات تراجعت في الفترة الأخيرة، وهذا جزء من المشكلة".

واعتبر "مسألة الدعم الاجتماعي والروابط الاجتماعية، التي تجعل من يمتلك مصدر دخل معيّن، يشكل مظلة حماية لأسرته والمحيطين به، بأنها النقطة الإيجابية التي مازالت تحفظ المجتمع اليمني من الانهيار الشامل".

وأشار إلى أن "التجار في اليمن يتعاملون في سعر الدولار بتعامل الشيكات، وسعر الدولار الحقيقي في مناطق سيطرة المليشيا تجاوز 1800 ريال للدولار الواحد في تعامل الشيكات، وهي التعاملات الأكثر مقارنة بالتعامل بالكاش".

ويرى أن "حل الأزمة الاقتصادية في اليمن لن يكون إلا بعودة اليمنيين للسلام، وإنهاء الحرب، ووجود دولة ضامنة لحقوق الناس كلهم".

وتابع: "بالنسبة للمعالجات الآنية فهناك إجراءات يجب أن تتم إذا كانت مصلحة الناس هي الأولى لدى الحكومة أو الحوثيين، أو الداعمين الإقليميين، وتتعلق بمسألة توحيد العملة، وتقديم الدعم المباشر لتعزيز دور العملة خلال هذه المرحلة، وإعادة صرف مرتبات الموظفين في كل اليمن، ودعم الخدمات الصحية وغيرها".

 

- أسعار صرف وهمية

من جهته، يقول رئيس مركز الأمل للشفافية، سعيد عبدالمؤمن: "إن أسعار السلع في اليمن ليست مرتبطة بسعر الدولار فقط، وإنما هناك عوامل أخرى، مثل ارتفاع تكاليف النقل خلال العام الماضي في العالم، بسبب تعطل سلاسل النقل، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، ومشاكل السفن".

وأوضح أن "سعر الدولار في عدن وفي صنعاء سعر وهمي، وأن التجار لديهم سعر آخر غير السعر المعلن في كل من صنعاء، وعدن"، مشيرا إلى أن "التاجر يجد نفسه في وضع صعب، نتيجة الارتفاع والهبوط المستمر، فيحدد أسعار معيّنة للحفاظ على بضاعته".

وأشار إلى أنه "يجب التفريق بين الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وبين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين".

وأضاف: "البواخر تصل إلى ميناء عدن، ومنها يتم التوزيع إلى مناطق الحكومة، بينما الحوثيون يتحملون تكاليف النقل من عدن إلى صنعاء، وإذا وصلت عبر ميناء الحديدة، معروف بأن هناك إجراءات تفتيشية ورسوم، وكل هذه يتحملها المواطن اليمني".

وتابع: "الطرق في اليمن أصبحت مدمّرة ومتهالكة، تكثر فيها الحوادث، وتتعطل الشاحنات، وتتلف الكثير من البضائع، إلى جانب أن هناك جمارك للحكومة في عدن وجمارك للحوثيين في الراهدة، بالإضافة إلى الإتاوات التي تفرض في الطرق تحت مسميات مختلفة، وكل ذلك يتحمله المواطن، لذا نجد أسعار السلع في صنعاء تختلف عن أسعارها في عدن".

ويرى أن "التجار في اليمن سواء في صنعاء أو في عدن ليسوا جمعية خيرية، فهم عندما يرتفع السعر في العالم يرفعون السعر مباشرة، حتى أسعار البضائع التي في مخازنهم، وعند انخفاض السعر العالمي يرفضون التخفيض بحجة أنهم اشتروها بأسعار مرتفعة"، مشيرا إلى أن "الحكومة والحوثيين كل همهم كيف يمتصون دم الشعب اليمني بكافة الطرق، وأنهم مجرد سلطات جبايات".

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية