ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

ميلاد وطن.. 26 سبتمبر

السلام على أهل سبتمبر المجيد من الشهداء الأبطال والميامين الثوار السلام والتحية والإجلال والإكرام على أولئك النفر من الضباط الأحرار، الذين قارعوا الإمامة والكهنوت وأرخصوا في سبيل إنهاء عهود الظلام أرواحهم لينعم الشعب بميلاد فجر مشرق صبيحة الخميس 26 من سبتمبر 1962 م، ثم السلام والتحية على الجمهوريين الذين ينافحون الإمامة الجديدة على أطراف صنعاء، وامتداد تهامة وفي الساحل والوادي وفي كل منبر وموقع ومكان من اليمن الكبير.

ما كان تاريخاً يروى، وقصصاً تحكى، وماضياً في الذاكرة والخيال أضحى اليوم واقعاً مؤلماً يعيشه ابناء اليمن مجدداً ويعاني منه شعب بأكمله وجوار باتساعه وامتداده.

إن ما صنعته أيادي الإمامة التي استولت بفكرها على اليمن لقرون خلت، عاد أحفادها من الحوثيين وأنصارهم من المتربصين بالجمهورية ليمارسوه من جديد بغية العودة إلى عهد الإئمة وجر الناس نحو الماضي الأسود من التاريخ الإمامي البائد.

يوم من الدهر يعيده الزمن إلى الشعب من جديد لكي ندرك ما اجترحه الأبطال الميامين من الثوار في مقارعة الظلم والطغيان. كيف كافح ثلة من المثقفين والثائرين جبروت إمامة تغلغلت في الأرض قرونا؟ لم يكن ضباطنا الأحرار ولا مقاتلونا الأبرار ولا ثائرون وثائرات سبتمبر المجيد مدعومين بالقرارات الأممية، أو المواقف الدولية سوى من مساندة مصر العروبة أو حتى مسنودين بوسائل الإعلام، ولم تناصرهم الصحف والأقلام لكنهم كانوا معتمدين على الله في ثورتهم وعلى شعب حر قاسى أشد أنواع الظلم، كانوا يعملون في نسق واحد وعلى سرية تامة للتحضير لميلاد الوطن وقدموا من أجل هذا اليوم السبتمبري المجيد أرواحهم رخيصة لينعم الشعب كله بجمهورية تحررهم من أسرة ظالمة حاكمة مستبدة إلى سعة المشاركة في قرار الحكم، وتخرجهم من ظلمات الجهل إلى أنوار التعليم، ومن ربقة الكهنوت إلى أفق المعرفة، ومن الموت من الأمراض الستة القاتلة إلى التداوي والمشافي والوقاية.

لقد عاش اليمنيون في عهد الإمام يحيى وسلالته في عمق البؤس والمرض والتخلف، لقد رزح الشعب تحت سطوة الحاكم المتنفذ المعتمد على ما يروج عن نفسه من خزعبلات وشعوذات وكرامات زائفة حتى أصبحت اليمن خارج الزمن وخارج الحسابات الدولية فعاش أبناء شعبنا أوضاعا متردية، استشرى فيها ثالوث الفقر والمرض والجهل.

لقد أخبرنا ثوارنا الأحرار في مذكراتهم ووصاياهم “كيف كرس نظام الإمامة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية بشخص واحد هو الإمام، ووضع يده على السلطة الدينية والدنيوية، فـ” كان “الإمام هو الدولة والدولة هي الإمام ” وكان يتوجب على الجميع “الخضوع المطلق للإمام والقبول بأحكامه ونواهيه باعتبارها إرادة الله التي لا يحق للإنسان ردها”.

هكذا عاش أجدادنا جواً ملبداً بالأوبئة والامراض في ظل غياب المستشفيات والاطباء، كانت الوجوه شاحبة، والبطون جائعة، والأقدام عارية مقيدة بالأغلال والسلاسل، والناس منهكة بائسة يائسة، بينما بيت الإمام وحاشيته عامر بالخيرات يجبى اليه من كل الثمرات فهو يسطو على املاك الناس تحت أحقية الملك، والخُمس الذي تطور اليوم ليصبح مجهوداً حربياً لإمام جديد يزعم احقيته بالولاية ويوصف نفسه كذبا بأنه قران ناطق.

لا يجب أن ننسى ما وثقته وسائل الإعلام على بساطتها في عهد الأئمة والناس بين مكبل بالقيود يجر الأصفاد على قدميه أو يساق إلى الإعدام دون وجه حق أو يقضي في السجن دون أن يعلم عنه أهله شيئاً، لا يجب أن تغادرنا الصور والوثائق الفيلمية المتوافرة لوضع الشعب في ظل حكم الائمة من بؤس وفقر ومرض وتخلف، حالة بئيسة لا يجد فيها الإنسان ما يطعم نفسه، أو يعالج مريضه أو يكسي أسرته أو يعلم أولاده أو حتى ينعم بأمان الحياة وحرية التملك في بلده، يجب علينا أن نعلم أبناءنا، وندرس أجيالنا ونثقف مجتمعنا بذلك التاريخ المؤسف من حياة أجدادهم وكيف كافح الأحرار والثوار للخلاص والانعتاق من هذا الظلم.

لا بد أن ندرك ونراقب ونتنبه لما يفعله الحوثيون الذين سعوا منذ اجتياحهم الغاشم للعاصمة صنعاء وسيطرتهم على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014 الي الانقضاض على كافة مظاهر النظام الجمهوري، في محاولة لاستدعاء النظام السلالي بكل تفاصيله الاستبدادية والطائفية في اعتقاد واهم بضعف ذاكرة اليمنيين.

ها نحن اليوم نقف لأمام اليوبيل الماسي لسبتمبر المجيد أمام 60 عاماً من تاريخ الجمهورية التي أشرقت شمسها، وعلت رايتها، وانكفأ وانهزم أعداؤها في يوم السادس والعشرين من سبتمبر المجيد.

ليس للذكرى فقط، لكن من أجل أن نواصل السير على نهج الأحرار والثوار في الدفاع عن حريتنا وعقيدتنا ووطننا، ونناصر أصوات المظلومين والمقهورين والمكلومين من بطش الجماعات الإرهابية المسلحة التي جاءت لتعيد ماضيها وتثأر لرموز طغيانها، فقد ولى عهد التبعية والقطرنة والخوف.

إن على الواهمين أن اليمن ستعيش عصراً إمامياً جديداً أن يفيقوا ويراجعوا التاريخ، فنحن في عصر السماوات المفتوحة والتقدم التقني المذهل، والشعب اليمني شب عن الطوق فلا يمكن أن تعيدوه ليعيش في كهف تسكنه خفافيش إيران، أو أن تدفعوا شبابه إلى عهد تقبيل أياديكم الملطخة بدماء آبائهم وأجدادهم من الثوار الأحرار.

إن مشروع الحوثي الذي كان يخفيه لسنوات طويلة، تحت مسميات كثيرة من المظلومية إلى الجرعة غدا واضحاً كالشمس. إن راياته الخضراء وصرخاته الجوفاء وشعاراته الرعناء تعبر عن فكره الدخيل على مجتمعنا المتعايش مع كل المذاهب والأفكار والجوار والعالم.

فصنعاء في ذهن ممول المليشيات هي قم الإيرانية يريدها أن تغيب عن العالم، أن تعيش حياة اللطميات والبكائيات والخرافات، وأن تذهب إلى خلف التاريخ المحرف لتنتقم لأشخاص وشخصيات قد ذهبوا إلى بارئهم قبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة.

أصارحكم وبكل وضوح هذا الفكر ليس فكراً إمامياً كما كنا نعتقد وحسب، ولم يأت لاختطاف جمهوريتكم على حساب عودة الإمامة فحسب، إنه فكر العودة لعبادة الأصنام البشرية، وهو مشروع مدعوم لابتلاع المنطقة العربية عامة والخليج على وجه الخصوص.

لكننا نؤكد بأن الشعب سيكون يد الله التي ستهدم هذا المشروع الفارسي وتنهي فصوله المأسوية إلى الابد والى جوارنا كل أحرار العالم. إن كان التاريخ يعيد نفسه فالانتصار هو نهاية الطريق الذي سنصل إليه، ومعنا شعب يدرك اليوم أهمية ثورة 26 سبتمبر، بعد تضحيات كثيرة من الشهداء الأبطال المناضلين في سبيل الحرية والدولة والشرعية واليمن الجديد.

ختاما ونحن نقف اليوم بعد 60 عاماً من هذا الانتصار الكبير لليمن أرضاً وإنساناً لنهدي مهندسي ثورة سبتمبر المجيدة من الشهداء والأبطال دعوات قلوبنا بالرحمة والمغفرة، لن تنسى ذاكرة كل اليمنيين تضحياتهم وبطولاتهم الكبيرة من أجل تحقيق الحرية و الكرامة لكل يمني.. إننا على خطاهم سنمضي إلى أن تشرق شمس اليمن الجديد ويعود للدنيا كلها اليمن السعيد

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.