"نادي الخريجين".. الذراع الأمني للحوثيين في الجامعات اليمنية!
على الرغم من سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على جامعة صنعاء منذ سنوات، إلا أن خوفهم من فقدان الهيمنة دفعتهم مؤخراً إلى تشكيل كيانات وتنظيمات موالية لهم تحت مسميات طلابية تهدف إلى قمع الحريات والتضييق على الطلاب والطالبات في أهم صرح تعليمي في اليمن.
وأنشأت الميليشيات كيان جديد سمي "نادي الخريجين" في جامعة صنعاء بإشراف مباشر من جهاز الأمن والمخابرات الحوثية، عقب عجزهم على منع حفلات التخرج التي تحولت خلال السنوات الماضية إلى فعاليات تعكس رفض المجتمع لحكم الميليشيات، إذ لا تكاد تخلو حفلات التخرج من الأغاني الوطنية وأعلام الجمهورية، وإلى جانب ذلك يعمل كشبيه لشرطة الأخلاق في إيران.
وتستخدم ميليشيات الحوثي هذا الكيان الجديد للاستقطاب والتجنيد في صفوفها من الطلاب وخريجي الجامعات الحكومية والخاصة، ويقدم النادي إغراءات كبيرة للطلاب الاعضاء فيه بمساندة من سلطات الأمر الواقع الحوثية، التي تسنده بقرارات وتوصيات في رئاسة الجامعة وفي الجهات الأخرى التي يتعامل معها.
وفي العام 2020 استحدث الحوثي ما سمي بـ"نادي الخريجين" في جامعة صنعاء والتي يتخذ منها مقراً رئيسياً لإدارة فروعة في كافة الجامعات بعدد من المحافظات، ومنحته الميلشيات مبنى مستقل بالقرب من رئاسة الجامعة صنعاء، وهدفة التحكم الكلي بكل الفعاليات الطلابية بضوابط تفرضها الجماعة، والتي أثارت غضب الطلاب خلال الأيام الماضية.
قيود وقمع للطلاب
ومنذ تأسيس نادي الخريجين عمل النادي على طمس وحذف الفقرات المتعلقة بالثورة والجمهورية وطغت على حفلات التخرج شعارات وزوامل ميليشيا الحوثي، وفرض إجراءات صارمة خصوصاً ضد الطالبات الخريجات، وخلال الايام الماضية تداول الطلاب الجامعيين على مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً عن الانتهاكات التي مورست ضدهم.
أثارت تلك انتهاكات حالة من التضامن مع الخريجين وطلاب الجامعات في مناطق سيطرة الحوثيين، مما جعل سلطة الميليشيا تسارع في اعلان تعليق عمل النادي الذي استحدثته، والذي اعتبره ناشطون أنه احتيالاً في الاساس على مطالب الطلاب المشروعة في الحرية، إذ أنه لا يوجد قانون يمنح وزارة التعليم العالي أو مسؤولي الجامعات بالتدخل بخصوصيات الطلاب خارج قاعات الدراسة.
وكان الطلاب يعبرون في حفلات التخرج بشكل غير مباشر عن رفضهم للحوثيين، من خلال حضور الأغاني الوطنية والراية الجمهورية والهتافات التي تقدس الجمهورية والثورة، وذلك دفع ميليشيا الحوثي الى فرض قيود على الطلاب من خلال كيان مستحدث، كي يتسنى لها التحكم فيها وفرض قيودا وإجراءات تحت مسميات اخلاقية.
ويرى مراقبون بأن فرض القيود على حفلات تخرج طلاب وطالبات جامعة صنعاء، لا علاقة له بالخوف والقلق من الخروج عن السلوك الأخلاقي، كما تزعم الميليشيا بل الأمر يعود في الأساس حول قلق الحوثيين من فقدان الهيمنة التي تسيج سلطتهم المفروضة ضد إرادة الناس وتحمي نظامهم الإجرامي. وقال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات المحامي توفيق الحميدي: "الجامعات تشكل مصدر دايماً مصدر قلق للمليشيا فهي من تشعل الثورات وهي من تخلق الوعي وتشكل رأس حربة لأي عمليات تغير قادمة".
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن ميليشيا الحوثي تريد أن تتأكد من أنها تسيطر الجامعة وفعالياتها من رئيس الجامعة واستقبال الطلاب حتى حفلات التخرج فهي تحاول أن تكون حاضرة في أذهان الطلاب".
صلاحيات مطلقة
لا تقف تدخلات نادي الخريجين عند حفلات التخرج فحسب، إذ كشف مصدر أكاديمي بجامعة صنعاء لـ "يمن شباب نت" بأن: "نادي الخريجين يتدخل حتى في أعمال الكنترول بمختلف الأقسام الدراسية ويصل ذلك إلى إشرافه على تعديل درجات الطلاب وتغيرها".
وقال المصدر الأكاديمي إن: "النادي امتداد لما يسمى بـ الملتقى الطلابي الذي يصف تاريخه بـ"الأسود لافتاً إلى أن النادي يعمل جنبا إلى جانب مع الملتقى الطلابي التابع للميلشيات الحوثية في الجامعة"، مشيراً إلى أن تلك الكيانات:" تعمل كجواسيس ومخبرين لميليشيا الحوثي الإرهابية في اوساط الطلاب وحتى الأكاديميين والموظفين في الكليات".
وفيما يتعلق بانتهاكات الطلاب الخريجين فإن، النادي يعمل على نهب أموال الطلاب تمويلات الداعمين، إذا يفرض النادي مبلغ 20 ألف ريال يمني (ما يعادل نحو 40 دولار أمريكي) على كل خريج بالإضافة إلى الأموال الذي يحصل عليها من رجال الأعمال والتجار، والمنشآت الخاصة العاملة في صنعاء.
يشترط النادي أيضاً أن يكون اختيار اسم الدفعة متوافقاً مع الأوضاع الراهنة، (أسماء لها علاقة بالحرب سواء من قتلى قياداتهم أو رموزهم الطائفية) إذ يتحكم النادي بكافة فقرات الحفل وكذلك الأمن وتصميم المجلات والمصورين والمطبوعات واختيار مقدم الحفل وحتى صالة الاحتفال لا يتم فتحها الا عقب وصول أعضاء النادي.
حارب النادي الطالبات الخريجات إذ عمل على منع صور الخريجات حتى باللثام، ومنع الفل ومنع الألعاب الورقية ومنع الفقرات الغنائية والفنية والاناشيد والأغاني الوطنية كما عمد إلى إهانة الأكاديميين وأساتذة الجامعات.
انتهاكات لحرية لحقوق الطلاب
يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات المحامي توفيق الحميدي إن :"ما يتعرض له الطلاب هو انتهاك واضح للحق التعليمي وانتهاك للحرية الشخصية لافتاً أن الاحتفال يعد حق من الحقوق الشخصية للطلاب".
واعتبر الحميدي "تدخل ميليشيا الحوثي في حفلات التخرج يعد انتهاك كبير يتدخل في حرية الطلاب وحرية التعليم ولابد من توقف هذا التدخل وادانته بصورة مباشرة من قبل المنظمات الحقوقية ومن الجهات التي تنتمي إليها الجامعات أو الجهة المشرفة على الجامعات اليمنية".
وعن دور المنظمات الحقوقية أكد الحميدي لـ "يمن شباب نت"، إن:" المنظمات تعمل على الرصد والتوثيق والتشبيك وهذا العمل يتم من خلال طرفين هما المنظمات من جهة والطلاب من جهة أخرى.
وقال: "على الطلاب على كسر حاجز الخوف والتواصل مع المنظمات للحديث عما يتعرضون له والمنظمات سوف تحتفظ بمصادرها ولن تبوح بأسرارها أو بأسماء الطلاب الذين يتواصلون معها وبالتالي شوف تشكل صورة تامة لما يحدث في الجامعة".
وأضاف: "يجب أن يعرف العالم ما يتعرض له الطلاب اليمنيين من انتهاكات وممارسات قمعية ومجتمع الخوف الذي أصبح اليوم يسيطر على الطلاب في الجامعات اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين"، مشيراً إلى "ضرورة تعاون الطلاب مع المنظمات الحقوقية لأن المنظمات لا تستطيع أن تقدم صورة كلية بدون مساعدة الطلاب بالدرجة الأولى".
ذراع أمني وطائفي للحوثيين
عقب سيطرة ميلشيات الحوثي على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، عمدوا على إحلال عناصرهم وفرض سطوهم في كافة المؤسسات، إما بتهميش دورها كليا، أو انشاء كيانات جديدة، وهذا ما حدث في جامعة صنعاء، حيث بدؤا بإنشاء ما أسموه ملتقى الطالب الجامعي، والذي يعمل بديلاً عن الاتحاد العام لطلاب اليمن، الذي ينتخب من قبل الطلاب.
تقوم مهمة "ملتقى الطالب الجامعي" بمهمة استقطاب الطلاب من السنوات الأولى لصفوف الجماعة، واختيار المندوبين للدفعات ويتجاوزن فكرة التصويت من قبل الطلاب لاختيار مندوبهم، في كثير من الدفعات حيث يفرضون شخص يتبعهم ومن صفوفهم الذين حضروا معهم دورات ثقافية، كي يعمل معهم على استقطاب الطلاب الباقيين لتلك الدورات.
ويتكامل "ملتقي الطالب الجامعي" من "نادي الخرجين" في تحقيق أهداف ميلشيات الحوثي للعمل كذراع أمني وطائفي في الجامعات بصنعاء وعدد من المحافظات، وخلال السنوات الماضية أوقفوا العشرات من حفلات التخرّج، بالاستعانة بجهاز المخابرات الحوثي (الأمن الوقائي) وأبرز مبرراته هي مخالفة "الهوية الإيمانية"، وهي جملة من الضوابط التي يعتقد الحوثيين انها واجب تطبيقها على الجميع.
وفي الوقت الذي تكشف تلك الكيانات التي تؤسسها ميلشيات الحوثي بمناطق سيطرتها، حالة السطوة والقمع التي تمارسه ضد المواطنين، غير انها تعبر عن مدى هشاشة سلطة الجماعة في خوفها الدائم من أفكار مخالفة لها وتعتقد أنها تستهدفها بمؤامرة، ربما ذلك يعكس معرفة الميلشيات بحالة الرفض التي تتوسع ضدهم مع استمرار سيطرتهم.
التعليقات