العجز عن تسليح الجيش الوطني.. تآمر إقليمي أم فشل حكومي؟

كشف وزير الدفاع الفريق محسن الداعري، في مقابلة تلفزيونية، عجز وزارته عن تطوير وتحديث التسليح الخاص بقواتها، وذلك لوقوع اليمن تحت البند السابع منذ بداية الانقلاب الحوثي على الدولة، مطلع العام 2015م.

الوزير الداعري أشار، في مقابلته، إلى أن مليشيا الحوثي تمكّنت، من خلال التهريب والأساليب غير القانونية، من تعزيز قدراتها العسكرية وامتلاك أسلحة متطوّرة، بينما الحكومة لم تتمكن من ذلك، وما لم يتمكن الداعري قوله هو أن التحالف السعودي - الإماراتي انصرف عن دعم الجيش الوطني إلى دعم المليشيات والكيانات غير القانونية، كالانتقالي وقوات الساحل الغربي، والعمالقة وغيرها.

تعيش القوات المنضوية تحت مجلس القيادة الرئاسي انقساما كبيرا حال دون نجاح توحيد جبهة واحدة لمواجهة مليشيا الحوثي، فهل يعود هذا الفشل إلى تآمر التحالف السعودي - الإماراتي على اليمن، أم إلى فشل الحكومة الشرعية؟

 

- استهداف مُمنهج

يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "خلال سنوات الحرب، القوات الحكومية تآكلت، واستهدفت، وأُضعفت لحساب قوات تعمل خارج نطاق السلطة الشرعية، حتى السابع من أبريل حينما جاءت السعودية والإمارات بالمجلس الرئاسي ليكون مظلة لكل هذه القوات، ومع ذلك القوات التي تمتلك السلاح النوعي داخل قوى الشرعية لا علاقة لها لا بمواجهة مليشيا الحوثي، ولا باستعادة الدولة، ولا بحفظ كيان الدولة القانوني، ولا بتنفيذ الاستحقاقات الوطنية التي يتطلّع إليها الشعب اليمني".

وأضاف: "ما نراه اليوم هو استهداف مُمنهج ومبرمج للجيش الوطني، تارة بادعاء أنه ينتمي للإخوان المسلمين، وتارة لأنه ضعيف ولا يقاتل، وتارة لأنه يتخادم مع الحوثي، إلى غيرها من الادعاءات، وهي حملات شرسة يواجهها الجيش الوطني".

وتابع: "الوحدات، التي تندرج تحت معسكر الشرعية، هناك تشكيلات تتبع المجلس الانتقالي كالنُّخب وألوية الإسناد وألوية العمالقة، وهناك قوات تتبع طارق صالح، وهي منفصلة تماما ولها مشاريع وأجندات مختلفة، وعندما نتحدّث عن القوات الحكومية فنحن نتحدّث عن القوات التي تتبع وزارة الدفاع اليمنية، وهذه القوات موجودة في تعز ومأرب، وبعض خطوط التماس، وفي الجوف إلى آخره".

وأشار إلى أن "القوات الحكومية لم تلتقط أنفاسها حتى اليوم، ولا تمتلك الخط الناري الكافي لصد الاعتداءات الحوثية على محافظة مأرب، وتفقد كل يوم رجالا شهداء وجرحى بمواجهات مع المليشيا في ظل الهدنة وخارج الهدنة، وهناك استنزاف كبير لها".

وقال: "عند الحديث عن الجيش الوطني، التابع للشرعية، نفترض بأن هناك وضعا مستقرا في قطاعه العسكري، وهذا الأمر غير موجود، وحتى الأطراف التي نشأت خارج نطاق الشرعية لديها سلاح نوعي قُدم لها من التحالف، لكن ليس لديها برامج ولا تصوّرات، ولا رؤى، ولا تطوّر أسلحة".

وأضاف: "من يواجهون مليشيا الحوثي مواجهات بطولية تنطوي على معادلة وصفها بالصفرية، في تعز ومأرب وبعض من أجزاء الضالع، هناك من طوّر قدراته الذاتية، ونجح في ذلك، حتى إن هناك من صنع مسيّرات، وهذه المسيّرات تقوم بعملها من وقت لآخر، وتلحق الأذى بالمليشيا، وطوّر بعض القذائف والمدافع البدائية وبعض المستلزمات التي فرضتها حالة الندرة والحصار والحرمان من التسليح الذي يتعرّض له الجيش الوطني، لكن عندما يقاس الأمر بما يتاح للحوثيين فهو لا يكاد يذكر".

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تصلها مكوّنات الصواريخ المجنحة والصواريخ الأخرى وتصلها الطائرات المسيّرة، وبعض الأسلحة التي يتم اعتراضها، وهي في طريقها للمليشيا، دائما ما تكون سلاح الكلاشينكوف، أما القطع النوعية فتصل، ربما برغبة دولية، وربما أن سلسلة الإمداد امتلكت قدرة المناورة بحيث أنها تضمن وصول القطع إلى الحوثيين وتركيبها في صنعاء".

وقال: "أحيي وزير الدفاع، لأنه تقريبا أدان التحالف، بصيغة المدح، عندما قال: السعودية والإمارات قدموا ما لم نكن نحلم به، لكن مليشيا الحوثي تمتلك أسلحة نوعية وحققت تفوقا نوعيا خلال السنوات الماضية، بينما نحن لا نمتلك أي شيء، وكانت رسالة واضحة بأدب، وهذا الأمر ينبغي أن يلتقط من جانب التحالف، لكن هل التحالف يحتاج رسالة من هذا النوع".

ويرى التميمي أن "التحالف قراره واضح بأن أي مكون مرتبط بالشرعية وبالدولة اليمنية ممنوع أن يمتلك القدرة على الدفاع عن خياره ومشروعه الوطني، وهي نقطة لا نقولها نكاية أو لأجل الإساءة للسعودية والإمارات، فهناك طيف واسع من اليمنيين من أيّد التحالف السعودي في اليمن".

 

- وجهة نظر

من جهته، يقول الخبير العسكري محمد الكميم: "نستغرب من تصريح وزير الدفاع محسن الداعري، كون قرار البند السابع ينص على أشخاص معيّنين، ومن يعرقل السلام، وعملية التسوية في اليمن، ولا يشمل الدولة اليمنية".

وأضاف: "يمكن مناقشة إيجابيات وزير الدفاع في التصريحات التي ذكرها فيما يتعلق بإنشاء غرفة عمليات مشتركة، وتوحيد القوات المسلحة اليمنية، وخوض معركة حاسمة بالتنسيق مع التحالف".

ويرى أن "القوات الحكومية اليوم بحال أفضل، صحيح أن مليشيا الحوثي استغلت الهدنة لمصلحتها الشخصية واستعدادها القتالي، ولكن في المقابل هناك إيجابيات للهدنة بالنسبة للقوات الحكومية، منها أن مأرب استعادت أنفاسها، بعد معركة طاحنة استمرت لسنة ونصف في جبهاتها الوحيدة، ولكنها اليوم استعادت قوتها من جديد".

وأشار إلى أن "هناك أسلحة نوعية وصلت للجيش الوطني، ولكن لا استطيع الكشف عنها، وستكشفها المعركة، إضافة إلى التنسيق العالي بين القوات بشكل عام".

وفيما يتعلق بالمعركة ضد مليشيا الحوثي، قال الكميم: "أؤكد أن جميع التشكيلات العسكرية ستقاتل صفا واحدا العدو الحوثي، اليوم في حال كان هناك معركة لن تقاتل مأرب لوحدها أو تعز لوحدها، وإنما هناك قوات متكاملة، فعندما نتحدّث عن جبهات تعز لا يمكن فصل قوات تعز عن قوات الساحل الغربي، وقوات لحج، ولا يمكن فصل قوات مأرب عن شبوة، فجميع القوات متفقة على مقاتلة الحوثيين".

 

- المشكلة الأساسية

من جهته، يقول وكيل وزارة الثقافة، عبدالهادي العزعزي: "إن الحكومة لا تعجز عن تكوير قدراتها، لكنها لم تبدأ فعلا عمليا على تطوير قدراتها المسلحة، فهي لديها 80% من الأراضي المحررة، وهي سلطة شرعية معترف بها، ويمكنها توفير الإمكانيات من أي طرف كان، لكن الاستسلام لأقدار دولية -كما تزعم- أو لما تسميه لتحذيرات دولية منها ما هي صادقة ومنها ما لا يصدق أصلا، فهي لم تتحرك حتى الآن لا اعتمادا على الذات ولا على الأصدقاء في الإقليم".

وأضاف: "لا زالت المشكلة الأساسية هي في النخب اليمنية، وفي كيفية الإفلات من الاستسلام للضغوط الإقليمية والدولية، والمشكلة أن لدينا مشكلة من أطراف، وهذه الأطراف لا تريد أن تكون طرفا واحدا في قيادة معركة مصيرية للبلد، في ظل سيطرة مليشيا انقلابية غير شرعية على نصف البلد تقريبا".

وتابع: "8 سنوات، ونحن ندور داخل حلقة توحيد المتحد، الذي يبدو أنه لا يريد أن يكون هيكلا واحدا، لكنه عبارة عن مجموعات كل منها تبحث عن التفرّد أكثر من بحثها عن مسألة توحيد الجهود، والتوحّد داخل هذه المعركة".

وأردف: "8 سنوات، ونحن لا زلنا في مرحلة الاستعداد، وهذا الاستعداد لا نعلم إلى متى، وقد قامت المليشيا بتغيير الواقع بدعم دولي، فالأطراف التي تعمل على تخدير الحكومة الشرعية، وتخديرها وإيقافها عن التمدد، والتي أعادت الشرعية من على أبواب صنعاء، وأعادتها من الحديدة إلى المخا، وأوقفتها في المناطق الوسطى، هي التي تسعى لإبقاء الوضع على ما هو عليه".

وقال: "مشكلتنا أننا وقعنا داخل منظومة محددة ضمن صراع إقليمي ودولي حاد، تهيمن عليها أطراف تدّعي بأنها حلفاء للإقليم، وهي في الأساس تعمل على إنهاك الإقليم، ونحن مجرد ضحايا داخل هذه العملية، ولا يمكن أن نفلت منها ما لم يُتخذ قرار حاسم بمسألة المواجهة، اعتمادا على الذات".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية