تصدعات داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني وانقسام يهدد التماسك في مواجهة الحوثيين (تقرير)
تصاعدت حدة الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال الأيام الماضية، في مشهد يعكس هشاشة التوافق السياسي الذي تأسس بموجبه المجلس كإطار جامع لقيادة المرحلة الانتقالية.
فقد برزت أصوات تحذّر من انهيار التماسك الداخلي، وسط تبادل الاتهامات بين الأعضاء وتجاوز بعضهم للصلاحيات الدستورية، ما ينذر بأزمة ثقة قد تؤثر على المسار السياسي والعسكري ضد الحوثيين.
المخلافي: دعوات لإنقاذ المجلس وتغليب الحكمة
وفي ظل تزايد الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، خرج نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة عبد الملك المخلافي محذرًا من خطورة تفكك المجلس، داعيًا إلى الالتفاف حول مبدأ الشراكة الوطنية الذي تأسس بموجبه.
1-سنبذل أقصى الجهود في إطار رئاسة هيئة التشاور والمصالحة لإسناد مجلس القيادة الرئاسي وتعزيز تماسكه، على أساس متين يقوم على وحدة المجلس والشراكة والالتزام بإعلان نقل السلطة الذي تشكّل بموجبه المجلس والهيئات المساندة.
— عبدالملك المخلافي (@almekhlafi59) September 17, 2025
وأكد المخلافي أن الهيئة التي يرأسها ستبذل أقصى الجهود لتعزيز تماسك المجلس على أساس متين من الوحدة والشراكة، معتبرًا أن المرحلة تستوجب قدرًا أكبر من الحكمة والالتزام بالقوانين والاتفاقات السياسية.
وأشار إلى أن أي تباينات لا يجب أن تُنسي المجلس التزاماته أمام الشعب اليمني والحلفاء والمجتمع الدولي، مذكّرًا بأن التاريخ لن يرحم من يقف على النقيض من مساعي إنقاذ اليمن، في وقت تتطلب فيه المعركة مع الحوثيين وحدة الصف واستحضار المسؤولية الوطنية.
جباري: أصل الخطأ مصادرة القرار السيادي
من جانبه، حمّل نائب رئيس البرلمان عبد العزيز جباري مسؤولية الأزمة الحالية إلى ما وصفه بـ"مصادرة القرار السيادي اليمني" منذ إقصاء الرئيس عبد ربه منصور هادي عن المشهد السياسي، وفرض قيادة بديلة دون تفويض شعبي.
وأكد جباري أن ما جرى كان "خطوة كارثية" لا يمكن لعاقل أن يقبل بها، معتبرًا أن استمرار الوضع القائم يعني انتقال اليمن من فشل إلى آخر، على حساب الشعب والمنطقة.
ودعا جباري إلى إلغاء تفويض هادي السابق للمجلس الرئاسي والسماح له بتعيين نائب أو نائبين لإعادة ترتيب الشرعية من الداخل، مشددًا على أن أي محاولات لترقيع الأزمة لن تجدي نفعًا، بل ستزيد من عمق الانقسام، في وقت يحتاج فيه اليمنيون إلى قيادة حقيقية تعبّر عنهم.
مكتب طارق: تحذير من الممارسات الأحادية وتأكيد على أولوية مواجهة الحوثي
في خضم هذه الخلافات، جدد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح دعوته للتمسك بمبدأ الشراكة واحترام آلية التوافق داخل المجلس، محذرًا من خطورة الممارسات الأحادية على مستقبل المؤسسات الوطنية.
وأكد في بيان له أن الأولوية الوطنية يجب أن تظل موجهة نحو المعركة مع الحوثيين ومشروع إيران، باعتبار أن بقاء المجلس متماسكًا يمثل الضمانة الوحيدة لحماية المكتسبات الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب.
وأشار البيان إلى أن الانقسامات الداخلية تضعف موقف المجلس أمام الداخل والخارج على السواء، مطالبًا بالعودة إلى التوافق والالتزام بالدستور والقانون كمرجعية للعمل.
الدعم الدولي والرهان على المواجهة مع الحوثي
في المقابل، أكدت الولايات المتحدة تمسكها بدعم مجلس القيادة الرئاسي ووحدته، وأشادت خلال لقاء رئيس المجلس رشاد العليمي مع القائم بأعمال سفارتها بجهود الإصلاحات ومكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويل الحوثيين. غير أن هذا الدعم الدولي، على أهميته، لن يكون كافيًا إذا استمرت التصدعات الداخلية وأضعفت الجبهة السياسية والعسكرية للحكومة.
ويرى مراقبون أن الأولوية الكبرى – مواجهة الحوثيين ومشروع إيران – تكاد تغيب خلف صراع الصلاحيات والنفوذ داخل المجلس، وهو ما يهدد بتحويله من مظلة جامعة إلى ساحة لتصفية الحسابات، في وقت يحتاج فيه اليمنيون إلى جبهة موحدة أكثر من أي وقت مضى.
الزبيدي وقرارات أحادية تثير أزمة صلاحيات
الأزمة تفجرت بشكل أوضح بعد إصدار رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، المدعوم من الإمارات، سلسلة قرارات تضمنت تعيينات في مؤسسات حكومية وهيئات سيادية.
هذه الخطوة وُصفت بأنها "انقلابية" وخارج إطار الصلاحيات التي يمنحها الدستور، واعتُبرت سطوًا على مهام رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي ورئيس الحكومة.
وعقب هذه القرارات، غادر الزبيدي مطار عدن متوجهًا إلى أبوظبي برفقة رئيس اللجنة العسكرية هيثم قاسم، في استدعاء إماراتي جاء ليؤكد عمق الخلاف بين مكونات المجلس.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول مدى قدرة المجلس على البقاء موحدًا، خاصة مع تفاقم الاتهامات بانفراد بعض الأعضاء بالقرار وغياب التوافق.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات