أحداث لا تُنسى: كيف أطاحت ثورة سبتمبر بحكم الإمامة؟
الاختطاف والإخفاء القسري.. الجريمة المشتركة بين المليشيات شمالا وجنوباً

مع كل فترة وأخرى، تتوسَّع دائرة الانتهاكات بحق المدنيين شمالا وجنوبا، حيث تقوم المليشيات المختلفة باعتقال المدنيين والأصوات المعارضة، وعلى رأسها مليشيا الحوثي، وسط صمتٍ مخزٍ من قِبل الجهات الرسمية وهيئاتها القضائية، ومن قِبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

في العاصمة المؤقتة عدن، يقبع نحو 100 مدني ما بين معتقل ومخفٍ قسرا، في سجون مليشيا المجلس الانتقالي، منذ سنوات، وكانت آخر عملية اعتقال حادثة الصحفي أحمد ماهر، حيث تم حجزه بتهم ملفقة وإجباره على الاعتراف بتهم كيدية تحت الإكراه والتعذيب، وبعد إحالته إلى المحكمة منعت المليشيا الصحفي ماهر من حضور جلسات المحاكمة المفترضة، وهو ما دفعه إلى إعلان الإضراب عن الطعام، وإطلاق مناشدات إنقاذه، بحسب رابطة أمهات المختطفين.

 

- جريمة تاريخية

يقول الصحفي والناشط الحقوقي، محمد الأحمدي: "إن ملف الإخفاء القسري في اليمن من الملفات والقضايا المؤسفة، فاليمن عانى كثيرا طوال مراحل تاريخية مختلفة من جرائم الإخفاء القسري، بل إن في كل محطة صراع تشهدها اليمن تبرز إلى السطح مشكلة الإخفاء القسري".

وأضاف: "أتذكر -قبل سنوات- أثير ملف الإخفاء القسري إبان أحداث المناطق الوسطى، وكان هناك ناشطون يمنيون رسموا جداريات على الجدران تتذكَّر وجوههم، واليوم يبدو أن الضحايا أكثر من أن تحصيها جدران اليمن، بسبب تعدد الأطراف التي تمارس جريمة الإخفاء القسري بحق الضحايا، وهي جريمة ضد الإنسانية في القانون الدولي الإنساني".

وأوضح أن "عندما أدركت المجتمعات خطورة هذه الجريمة المروِّعة، عمدت إلى تصميم اتفاقية دولية لحماية الأشخاص من الاخفاء القسري، وأقرَّتها الأمم المتحدة في العام 2006م، واليمن يعد طرفا فيها، فقط بقيت هناك إجراءات شكلية، لكن حكومة الوفاق، عقب ثورة 11 فبراير في اليمن، أقرَّت الانضمام لهذه الاتفاقية، وهي اتفاقية ملزمة للدولة اليمنية".

وأشار إلى أن "هناك فريقا معنيا بالاحتجاز التعسفي؛ مكونا من خبراء حقوقيين مستقلين في الأمم المتحدة، معني بالنظر في الشكاوى التي تقدم إليه فيما يتعلق بالإخفاء القسري، وهناك لجنة أممية أخرى معنية أيضا بمراقبة مستوى تنفيذ الدول للاتفاقية الدولية المعنية بحماية الأشخاص من جرائم الاخفاء القسري".

ولفت إلى أن "في اليمن -مع كل محطة صراع- يعاني اليمنيون من جريمة الاخفاء القسري"، وأوضح أنها بمثابة إستراتيجية تتَّبعها بعض الأطراف بهدف إثارة الرعب في المجتمع، بحيث لا يفقد الضحية وحده الشعور بالأمان، وإنما أسرته ومحيطه يعانون من اختفائه، ويواجهون حالة من الرعب.

واعتبر أن "جريمة الإخفاء القسري تستخدمها بعض الأطراف كوسيلة لترهيب المعارضين بدرجة رئيسية، إضافة إلى ترهيب المجتمع بشكل عام، بحيث يرضخ هذا المجتمع للسلطة أو للطرف الذي يمارس هذه الجرائم".

 وقال: :عندما نتحدث عن جرائم الاخفاء القسري، يتبادر إلى الذهن مباشرة مليشيا الحوثي على رأس قائمة الأطراف في اليمن، التي تمارس هذا النوع البشع من الجرائم بحق الإنسانية، وهي المسؤولة الأولى عن جرائم الإخفاء القسري، في كل التقارير الحقوقية المحايدة".

 

- مطالبة بالعدالة والإنصاف

من جهتها، تقول رئيسة رابطة أمهات المختطفين، أمة السلام الحاج: "الأمهات في عدن وقفن أمام وزارة العدل لإيصال رسالتهن، بمطالبتهن بالعدالة والإنصاف، وأن يُكشف عن مصير أبنائهن المخفيين قسرا، وإذا كان أبناؤهن تسببوا بشيء أو متهمين بأي شيء، يتم محاكمتهم محاكمة عادلة".

وأضافت: "قضية المختطفين والمخفيين قسرا أصبحت فيها تجاهل بشكل كبير جدا، والأمهات تعبن وهن يبحثن من باب إلى باب، ومن مكان إلى مكان، ومن قائد إلى قائد، لكن دون جدوى".

وأشارت إلى أن "بعض الأمهات فارقن الحياة وهن يبحثن عن أبنائهن، وينتظرن عودتهم، ومع كل خبر وفاة لأي مختطف أو معتقل داخل السجون، تزداد آلامهن وأوجاعهن".

وتساءلت قائلة: "إذا كان أبناؤنا غلطانين، لماذا لا تتم محاكمتهم، والفصل في قضاياهم في المحكمة؟".

وأضافت: "حتى من يتم تحويلهم للمحاكمة تحدث عملية التجاهل والمماطلة، وعدم السماح لهم بحضور جلسات المحاكمة، كما هو حال الصحفي أحمد ماهر، وهذا ما يحدث دائما بخصوص المختطفين والمخفيين قسرا والمعتقلين".

 واعتبرت أن "حالة الصحفي أحمد ماهر تمثل ما هو حاصل وموجود في عدن لـ 14 شخصا تمت محاكمتهم، وطلب من البعض أن يأتي بضمين لإخراجه من السجن، لكنه لم يجد من يضمنه؛ لأن الجميع يخاف من الضمانات في هذا الوضع الحرج الذي نعيش فيه".

وقالت: "نطالب الجميع بأن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الله وأمام الناس، وأمام القانون وأمام أنفسهم، وأن تتم محاسبة من تسبب بأذية هؤلاء المخفيين والمختطفين، فنحن نطالب بالعدالة، ولا نريد غير العدالة، وهذا حق من حقوق المختطفين والمخفيين قسرا".

 

- مسؤولية القضاء

من جهته، يقول الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي، صلاح السقلدي: "نتضامن مع الصحفي أحمد ماهر وغيره ممن يتعرضون لأي ضرر من أي طرف، سواء كانت سلطة أمنية أو غير أمنية"، مشيرا إلى أنه "طالما وأن الصحفي أحمد أصبح في يد القضاء يفترض أن يكون المجلس الانتقالي قد خرج من الموضوع نهائيا، وأصبحت القضية بيد الأمن والنيابة".

وأضاف: "أي إجراءات تتصادم مع القانون ومع كرامة الإنسان نحن نرفضها، ومثل هذه القضايا من المفترض أن يبت فيها القضاء، وبما أن قضيته أصبحت في المحكمة، فإن أي تجاوزات وأخطاء يتحملها القضاء، وليس المجلس الانتقالي".

وتابع: "لا يجب أن نعتبر القضاء خصما، لأن لا المجلس الانتقالي ولا أي قوة أمنية لها سلطة على القضاء، فبعد أن يتحول ملف الشخص من البحث الجنائي إلى النيابة، تكون الأجهزة الأمنية قد أخلت مسؤوليتها تماما، وتبقى المسؤولية على النيابة والقضاء".

ولفت إلى أنه "إذا صحت المعلومات بتعرض الصحفي أحمد ماهر للتعذيب فإنه أمر مرفوض، ولا يمكن القبول به"، معتبرا "هذه المعلومات أيضا مجرد اتهامات، ولا بُد أن تكون هناك جهة هي التي تفصل فيها، وتؤكد أو تنفي صحتها، ونحن نرفض مسَّ كرامة أي شخص، مهما اختلفنا معه، أو تصادمت آراؤنا السياسية".

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.