هيئة التشاور.. عبء جديد ينهك خزينة الدولة وامتيازات تفوق حكومتين
تحوّلت هيئة التشاور والمصالحة، التي شكّلها إعلان نقل السلطة لمساندة مجلس القيادة الرئاسي، إلى عبء جديدة ينهك خزينة الدولة، التي تعاني بالفعل وضعا صعبا؛ نظرا لتوقف الصادرات النفطية وشحة الموارد الأخرى؛ إثر القيود التي تفرضها المليشيات الحوثية على الحكومة المعترف بها دوليا.
وخلافا للأزمة السياسية، التي أثارتها، والاتهامات الموجّهة لها بمحاولة الاستحواذ على مهام البرلمان، أدخلت هيئة التشاور والمصالحة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في حالة طوارئ غير معلنة، بعد مطالبة أعضائها الخمسين بتسوية وضعهم الوظيفي والمالي.
وتتألف هيئة التشاور، التي يرأسها القيادي الموالي للمجلس الانتقالي، محمد الغيثي، من خمسين عضوا، سيحصلون جميعهم على درجة وزير عامل، عندما تتم مساواتهم بأعضاء حكومة معين عبدالملك.
وقالت مصادر مطلعة لـ"بلقيس" إن رئيس هيئة التشاور وجّه مذكرة لمكتب رئاسة الجمهورية يطالب بتسوية وضع ما تبقى من أعضاء الهيئة، الذين لا يحملون درجات وزير عامل منذ السابق، ولا يتقاضون الامتيازات المالية الممنوحة لها.
ويضم قوام الهيئة عددا من الوزراء والوزراء السابقين، وأعضاء مجلس النواب، وقيادات الدولة الذين يحملون بالفعل درجة وزير غير عامل، ويتقاضون المستحقات المالية للدرجة بشكل منتظم منذ العام 2015، وذلك تحت بند ما يسمى "الإعاشة الشهرية"، التي يتم صرفها من حساب الحكومة في البنك الأهلي السعودي.
وعلى الرغم من أن تسوية الوضع لن تشمل سوى أقل من نصف الأعضاء، إلا أن المطالبة بدرجة وزير عامل جعلت مجلس القيادة والحكومة يعلنون الاستنفار، ويعقدون اجتماعين مشتركين، خلال الأسبوع الماضي، لمناقشة سُبل مواجهة العبء الجديد.
وقال مصدر حكومي لـ"بلقيس" إن الوزير العامل يحصل على راتب شهري بمعدل 7 آلاف دولار، بالإضافة إلى نثريات يومية للحراسة الشخصية المرافقة، وبدل السكن والتنقل، بالإضافة إلى سيارات مصفحة.
ووفقا للمصدر، فإن هيئة التشاور بأعضائها الخمسين ستحصل على امتيازات حكومتين، خصوصا وأن الحكومة الحالية تضم 25 عضوا فقط، بعد إضافة محافظ عدن، أحمد لملس، إلى قوامها كوزير دولة.
وتواجه الحكومة تحديا حقيقيا في مسألة توفير مرتبات موظفي الدولة المدنيين، ونظرا لفقدان الكثير من الموارد؛ جراء توقف تصدير النفط وتراجع نشاط ميناء عدن، عقد مجلس القيادة، الأيام الماضية، سلسلة اجتماعات لمناقشة الوضع الاقتصادي، وأقر عددا من القرارات التقشفية.
وكانت اجتماعات الهيئة التي تم رفعها، الأربعاء الماضي، في عدن قد قوبلت بانتقادات واسعة من قِبل سياسيين وبرلمانيين؛ نظرا لفشلها في إقرار أي وثائق، وخصوصا بعد خروج رئيس الهيئة، محمد الغيثي، لنفي التسريبات التي تحدثت عن إقرار 3 وثائق رئيسية، وقوله إن الهيئة لم تتسلم سوى ملاحظات دون أن يتم إقرارها أو رفعها إلى مجلس القيادة.
وشهدت الاجتماعات حضور 38 عضوا من أصل 50 يشكلون قوام الهيئة بموجب نص إعلان نقل السلطة، وخلافا للشخصيات التي تعذر حضورها إلى عدن لأسباب غير معروفة؛ مثل الشيخ حميد الأحمر، كان من اللافت هو عدم امتناع عضو الهيئة، مصطفى النعمان، عن المشاركة، رغم وصوله إلى العاصمة المؤقتة للمشاركة في الاجتماعات.
ووجّه النعمان انتقادات علنية للهيئة، وقال إن هدف الاجتماعات لم يكن سوى ترتيب الأوضاع المالية لأعضاء الهيئة، بعد أن حسم رئيسها أوضاعه المالية والوظيفية مع نوابه.
وقال النعمان، في تغريدة على تويتر، إن مجلس القيادة "لم يكتفِ بالعمل من ١١ شهرا دون لائحة تنظم عمله، بل صار يحتفي بالهيئات المساندة، التي لم يقر مجلس النواب قوانينها ويمنحها الموازنات والدرجات الوظيفية"، لافتا إلى أنه "من المضحك انه يتحدث عن استكمال مهام المرحلة الانتقالية، كما لو كأن شيئا منها قد اُنجز".
وتحظى هيئة التشاور بدعم واسع من مجلس القيادة، الذي يسعى بالفعل لتحويلها إلى برلمان بديل، وكان من اللافت أن الاجتماع الختامي، يوم الأربعاء الماضي، شهد إلقاء كلمات لرئيس مجلس القيادة، رشاد العليمي، ورئيس الوزراء، معين عبدالملك.
وقدّم العليمي للهيئة ما يشبه تقرير إنجاز للإصلاحات المزعومة، خلال 11 شهرا من عمر مجلس القيادة، وذلك في كلمة مسجَّلة بعد تعذّر عودته إلى العاصمة المؤقتة عدن، جراء الخلافات الأخيرة مع المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتيا، على خلفية تصريحات صحفية مثيرة للجدل حول مصير القضية الجنوبية
التعليقات