هكذا تبدو محافظة شبوة في ظل سيطرة الانفصاليين!

حوادث الثأر القبلي في شبوة اليمنية أضحت مهيمنة تماماً على الأخبار القادمة من المحافظة الغنية بالثروات والتي كانت حتى وقت قريب إحدى مناطق الاستقرار القليلة جداً في محيط الفوضى الذي خلفته الحرب المستعرة منذ أكثر من 8 سنوات.

وتعيش شبوة منذ نحو عام ونصف تحت سيطرة مليشيات مسلحة يجمعها مشروع انفصال جنوب اليمن والدعم الإماراتي، ويفرقها النزاع على موارد المحافظة والشروخ المناطقية، الأمر الذي ترك مجالاً واسعاً للانفالات الأمني وصعود الثارات القبلية الخامدة، خصوصاً في ظل غياب محافظ المحافظة لفترات طويلة خارج البلاد.

وكان الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي قد استجاب لصغوطات إماراتية وسعودية وأصدر قراراً بتعيين عوض الوزير محافظاً لشبوة في ديسمبر من العام 2021، خلفاً لمحمد بن عديو الذي شهدت شبوة خلال فترة إدارته استقراراً كبيراً وحركة نشطة في عجلة التنمية، فضلاً عن محاولاته الحثيثة لانتزاع منشأة بلحاف الاستراتيجية لتسييل وتصدير الغاز من قبضة القوات الإماراتية التي تعسكر فيها وتعطل عملها منذ 2016 .

وفي أغسطس من العام الماضي نفذت المليشيات الانفصالية المدعومة من أبوظبي عملية عسكرية لإخراج القوات الأمنية والعسكرية الموالية للحكومة اليمنية، في خطوة ضربت التوافق المؤقت الذي نشأ عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي المشكل من ثمانية أعضاء بينهم قادة المليشيات الانفصالية.

 

*فوضى وقمع

وبالتزامن مع الفوضى الذي تضرب المحافظة وغياب الضبط والمساءلة القانونية، هناك قبضة حديدية عندما يتعلق بأصوات المعارضين والناقدين لسلوك وأداء السلطة المحلية الجديدة والمليشيا المناطقية المتحالفة معها، وصولاً إلى تصفية عدد من الأئمة وخطباء المساجد.

ولا تزال قضية الشيخ "عبدالله الباني" الذي أقدمت مليشات دفاع شبوة الانفصالية على تصفيته بعد أدائه لخطبة عيد الفطر المبارك تثير الكثير من السخط الاجتماعي بسبب تراخي السلطة في القبض على بقية المطلوبين ، والتستر على نتائج التحقيقات التي أجرتها اللجنة التي شكلها المحافظ بعد الجريمة، وكذلك تحقيقات النيابة العامة.

هذه الجريمة بالذات رسخت حالة الخوف والشعور بالإقصاء لدى القوى السياسية والقبلية في شبوة، والتي شهدت تحذيرات من الأحزاب هناك للمحافظ من تحويل شبوة إلى حلبة لتصفية الحسابات، بينما تزايد استياء القبائل المحلية من استقدام قوات عسكرية ذات نزعة مناطقية من خارج المحافظة وتمكينها من رقاب أبناء المحافظة استجابةً لإملاءات خارجية.

ومنذ سقوط المحافظة في قبضة المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، ظهرت العديد من خطوط الصراع داخل شبوة، وشهدت شوارع المدينة عشرات الاشتباكات المسلحة، سواء بين مسلحين قبليين بدوافع الثأر، أو بين القبائل والمليشيات الانفصالية، وكذلك بين المليشيات المسلحة نفسها حول الموارد أو بدوافع مناطقية كالتي تتكرر بين ألوية العمالقة التي تتشكل في معظمها من محافظتي الضالع ولحج ، وألوية دفاع شبوة التي يغلب عليها العنصر المحلي.

 

*ثأرات وقصص محزنة

أحدث ضحايا الثارات القبلية كان المواطن " عبدالهادي سالم القميشي" الذي قُتل في مديرية حبان أثناء خروجه من منزله قبل يومين، بينما شهدت مديرية الصعيد أحدث الاشتباكات الواسعة للأسباب ذاتها قبل أسابيع.

وعلى امتداد العام الماضي، جرى رصد أكثر من 25 اشتباكا قبليا في شبوة راح ضحيتها العشرات من أبناء المحافظة، بينهم مدنيون أبرياء ألقت بهم أقدارهم في مرمى الأسلحة المشرعة التي لم تجد دولة تردعها .

وقد تم رصد انخراط أكثر من 30 قبيلة في أحداث العنف البينية، بعضها تستند إلى ثارات قديمة مضت عليها عقود من الزمن ، ووجدت فرصتها للعودة إلى السطح تحت مظلة المليشيات الانفصالية .

وفي هذا الصدد يحذر رئيس "منتدى يزن للحد من الثأر" محمد فضل الحامد من أن حوادث القتل خارج القانون التي تزايدت مؤخراً تهدد النسيج الاجتماعي للمحافظة ، متهماً السلطة المحلية ب "عدم القيام بدورها لمواجهة هذه الظاهرة التي استفحلت خلال الفترة القليلة الماضية" .

ويروي الحامد للمهرية نت إحدى القصص المأساوية جرت مؤخراً، حيث أقدم أب على " قتل ولده الذي كان قد قتل شخصاً آخر" ، وذلك خشية تطور الأمر إلى سلسلة من الصدامات يذهب ضحيتها العشرات من الجانبين بذريعة الثأر .

 

*سلاح منفلت

وساهمت وفرة السلاح في المحافظة نتيجة الحرب والتجنيد ونشاط الدول الخارجية في شراء الولاءات العشائرية عبر المال والسلاح في مفاقمة ظاهرة الثأر، فضلاً عن "انتشار هذا السلاح في الأحياء والمدن التي تعج بالمواطنين " حسب وصف الحامد .

 

ولوحظ خلال الأشهر الماضية استخدام أسلحة ثقيلة في اشتباكات القبائل، كما حدث في الصدامات التي اندلعت بين آل عديو وآل الناجعة أكثر من مرة في الثلث الأول من العام الماضي في منطقة "خمر لقموش"، وكذلك بين قبيلتي "الدولة" و "العسكر" في مرخة السفلى والذي خلف ثلاثة قتلى في أكتوبر الماضي .

وتعتقد المحامية نوال عبدالله أن الأحكام العرفية التي يلجأ إليها المجتمع، باتت تقوم بها مؤسسات الدولة، لحل مشاكل الثأر، رغم إنها لا تغني عن القضاء وتطبيق القانون .

" من مسؤولية السلطة تفعيل دور الجهات الأمنية والقضائية"، تتابع عبدالله للمهرية نت، مشيرةً إلى أهمية " التطبيق الفوري لأحكام القصاص بحق القاتل العمد" في ردع المعتدين على الأرواح دون مسوغات قانونية.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية