هل للسعودية دور فعلي في تمكين مليشيا الحوثي عسكريا؟

بالتزامن مع الحراك المحموم والأحاديث التي لا تنتهي عن فرصة إيجاد حل سلمي ينهي الصراع، ويعيد الاستقرار إلى اليمن، تمضي مليشيا الحوثي بوتيرة عالية في عملية التجنيد في صفوف طلاب المدارس؛ تحت اسم "الدورات الصيفية"، بهدف تحشيد جيل بأكمله لغرض تشكيل قوات مقاتلة مستقبلية.

وبينما تحجُّ قيادات حوثية في السعودية، تذهب المليشيا إلى الحشد في محافظة إب، وتجييش آلاف المقاتلين، الأمر الذي يشير إلى استعدادها لحرب جديدة، وتحديدا في تعز.

 

- استغلال للفرص

يقول الصحفي فهد سلطان: "جماعة الحوثي تحاول، في هذه الأثناء، أن تستغل اللحظة السياسية التي تعيشها البلاد، كما استغلت الكثير من الفرص السابقة، وحشدها العسكري اليوم باتجاه مدينة تعز رسالة توجهها لأنصارها وللعالم وللسعودية والتحالف ولمدينة تعز، التي ما تزال هي المدينة الوحيدة التي كُسرت عنجهية المليشيا على أعتابها".

وأضاف: "مليشيا الحوثي تريد أن تظهر نفسها بأنها أصبحت قوية، وأنها قادرة على ضمان ما لم تستطع عليه سابقا، حيث إنها كانت تستطيع أن ترسل تلك العناصر عبر ناقلات؛ لكنها أرادت أن تجعلها راجلة بحيث تشد بقية المحافظات للانضمام إلى هذا المسير العسكري، الذي هو في الحقيقة تعزيزات عسكرية إلى تعز".

وأوضح: "تعز ستتعامل بطريقتها مع هذه الحشود الحوثية"، لافتا: "كما كتب أحد المغردين، في تعليقه على الاستعراض الحوثي بالقوات المتجهة من ذمار إلى تعز، أن هؤلاء لدى الجيش سيكونون كباش العيد".

واعتبر أن "مليشيا الحوثي تستغل الوضع الحالي، وكأن لديها ضوءا أخضر لممارسة ذلك، فيما السعودية -على ما يبدو- أطلقت يد المليشيا بشكل كبير؛ تفعل ما تريد ما دام أن ذلك داخل اليمن، لا على حدوده أو خارجه".

وتابع: "الصورة اليوم تتشكُل بشكل أوضح مما كانت عليه، حتى أمام أولئك الذين كانوا يشككون في خيانة التحالف للمبادئ والأهداف التي طرحها، وتآمره على الشرعية، فالحقائق اليوم أكثر وضوحا منذ قبل لمن لم يستوعب، أو لم يقرأ ما بين السطور، أما المطلعون على تاريخ السعودية وتاريخ اليمن القديم والحديث فهم كانوا مدركين لهذا السيناريو منذ انطلاق ما يسمى بعاصفة الحزم، ولم يفاجئهم ما جرى، بل إن انطلاق تلك التصريحات 2015 كان هو المفاجئ".

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي، منذ بدء الحرب، في كل المحطات تتعامل بثقة كبيرة، الأمر الذي يشير إلى أن هناك شيئا ليس طبيعيا يجري خلف الكواليس، وهو أن السعودية لم تكن جادة في إنهاء الانقلاب الحوثي، وبالتالي هناك حقائق كثيرة نستطيع اليوم أن نجملها تؤكد هذه الحقيقة ولا تنفيها، ويكفي دليل على ذلك أن السعودية لم تستهدف قيادات الحوثي، وإنما حاولت أن تجرهم إلى بيت الطاعة فقط؛ باستثناء خطأ واحد، وهو استهداف صالح الصماد، الذي لم تكن السعودية تعرف ذلك إلا بعد إعلان المليشيا".

وزاد: "ما زلت أتذكر حديث القيادي الحوثي علي العماد عقب انقلاب جماعته على الدولة، وهو يتحدث بثقة عن لقائهم في السفارات بعدد من السفراء في صنعاء، وبعدد من البعثات الأممية والدولية، وأن الجميع كان متفهما لهم ومرحبا بهم، وهو ما يؤكد صحة ذلك بعد صولهم إلى صنعاء؛ من الصمت والمباركة حتى اليوم".

ولفت إلى أن "منذ العام 2014م، حتى الآن، هناك سيول من التصريحات والتهديدات وجهها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأمريكي والمبعوث الأممي، وسفراء الدول والاتحاد الأوروبي، تجاه جماعة الحوثي، فما الذي تحقق منها حتى الآن؟".

وبيّن: "هناك رسم مشهد على الأرض، لجعل مليشيا الحوثي جزءا من واقع اليمنيين، وإضعاف الشرعية، ومحاولة الانتقام من اليمنيين، الذين حاولوا أن يلخبطوا المصالح الغربية في اليمن والوطن العربي بشكل عام، بسبب أحداث الربيع العربي".

ويرى أن "مليشيا الحوثي اليوم تقاطعت مصالحها مع مصالح العالم، ومع مصالح السعودية والإمارات وإيران، وجميعها تختلف في تقسيم الصراعات فيما بينها، لكنها تتفق في مسألة إضعاف الشرعية وإضعاف اليمنيين وكسر الدولة، وفي تقوية مليشيا الحوثي وجعلها بديلا عن اليمنيين".

وطالب سلطان اليمنيين بالانتباه، وقراءة التاريخ جيدا، وخاصة مذكرات القاضي الإرياني، التي هي إحدى الوثائق التاريخية المهمة، وكذلك قراءة تاريخ الوطن العربي القريب، وخاصة أحداث العراق منذ الغزو الأمريكي، وكيف كان موقف السعودية والعالم، والسيناريوات ذاته يطبَّق حرفيا في اليمن بعد أن نُفذ في لبنان وسوريا والعراق".

 

- تورط سعودي

يقول الصحفي أحمد شوقي أحمد: "مثل هذه الأخبار المتعلقة بالتحشيد الحوثي إلى تعز تصل إلى مسامع الناس، وهناك من يرى أن تعز هي المستهدفة من هذا التحشيد، والبعض يرى أنه استعداد لخوض معركة في المناطق الجنوبية".

وأكد: "خطوات وتحركات مليشيا الحوثي تأتي باتجاه تقويض التفاهمات التي تسير عليها إيران والسعودية، والشرعية، وحتى مليشيا الحوثي نفسها".

ويرى أن "السعودية تورطت باتفاقها مع إيران، ووقعت في شلكه، ففي البداية كانت مضايقة، ومهددة من قِبل الإدارة الأمريكية بإحلال السلام في اليمن قسرا، وهروبا من هذه العملية ذهبت للتحالف مع الصين؛ لتجد أن الصين نفسها تحمل إليها ملفا للتفاهم مع إيران".

وأضاف: "شاهدنا هناك تفاهمات بين الإيرانيين والحوثيين قبل نحو شهرين في مسقط، وهذه التفاهمات كانت من أجل الوصول إلى نقاط أو عناصر معينة يمكن من خلالها إفشال مثل هذا الاتفاق؛ لأن الإيرنيين، وإن كانوا يريدون حل مشاكلهم الداخلية، ومعالجة الملف الاقتصادي، والتخفيف من الضغوط الدولية عليهم، لكنهم في المقابل ليسوا مستعدين لدفع الثمن، وهو تحقيق السلام في البلدان العربية، التي يشتغلون فيها".

وتابع: "مليشيا الحوثي أيضا لا تريد الاتفاق السعودي - الإيراني، لكنها مجبرة على مثل هذه التفاهمات حتى الآن، إلا أنها ستسعى بكل الطرق لإفشالها، وهو ما سيقودنا إلى مرحلة جديدة من الاشتباك بين الأطراف المختلفة".

واعتبر أن اليمنيين "ليسوا معنيين بمثل هذه التفاهمات؛ لأن الحقيقة تقول إن جماعة الحوثي مليشيا مسلحة كهنوتية إرهابية، تؤمن بفكرة الغلبة والسيطرة والهيمنة والقوة، والحق الإلهي في الحكم، واحتكار إرادة اليمنيين بشكلها ونظامها".

وقال: "المجتمع الدولي يتعامل مع مليشيا الحوثي كامتداد للدويلات الزيدية في اليمن، وهي دويلات كانت تقوم على الإرادة من أجل الحكم والسيطرة داخل اليمن، وهذه المسألة لا تشكِّل للمجتمع الدولي أي تهديد، لذا يتعامل معها كمشكلة يمنية، وليس كمشكلة دولية وإقليمية".

وأشار إلى أن "هناك أيضا رغبة دولية في ابتزاز الطرف الخليجي، وخصوصا السعودية، لذا يرى المجتمع الدولي أنه لا بُد أن يظل الملف اليمني كما هو عليه".

ولفت إلى أن "على السعودية أن تتنبّه إلى أن مثل هذه التفاهمات والتورُّط بها، والاعتقاد أن هذا التفاهم شبيها باتفاق الحديبية؛ قد يبدو في ظاهره المأساة ولكن في باطنه الخير، أو أنه سيفضح وسيكشف المليشيا، وسيخلص السعودية من الضغوط الدولية، فهذا غير وارد، وعلى الأقل ليس بالقدر المرجو منه".

وقال: "لا بُد أن تكون هناك تحركات من قِبل السعودية لدعم الحكومة الشرعية، وتثبيت موقفها وموقعها داخليا، وحل خلافات الحكومة مع المجلس الانتقالي، وإلزامه من قِبل الرعاة الإقليميين والدوليين؛ بأن ينخرط في المعركة ضد مليشيا الحوثي، ما لم فإن المليشيا ستتغدى بالجنوب قبل أن يتعشى به الانتقالي".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية