خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
فساد فاق الخيال.. "كهرباء عدن" ثُقب أسود يلتهم ترليونات الريالات

بلغ معدل تشغيل الكهرباء في عدن في الأيام القليلة الماضية ساعتي تشغيل مقابل ست ساعات إطفاء، أدت إلى اندلاع احتجاجات في عدد من شوارع العاصمة المؤقتة (جنوب اليمن) في ذروة  فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة.

وقاد ملف أموال الكهرباء في أشهر سابقة للصراع على ما بقي من إيرادات عامة بين المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس الحكومة معين عبدالملك.

حجم الفساد في ملف الكهرباء والفساد في شراء الوقود وإنشاء تجار جدد؛ دفع بتاجر النفط الكبير ونائب مدير مكتب رئاسية الجمهورية للشؤون الاقتصادية أحمد العيسي إلى كشف سلسلة من الوثائق حققت فيها لجنة مكلفة من مجلس النواب.

والسبت الماضي، أصدرت اللجنة البرلمانية تقريرها والذي يكشف عن أن ترليونات الريالات ذهبت هباء ولم تشغل الكهرباء بل أدت تلك الصفقات إلى إعطاب عدد من المحطات تكلف صيانتها عشرات الملايين من الدولارات مرة أخرى.

وذكر تقرير اللجنة البرلمانية أن العاصمة المؤقتة عدن تحتاج إلى 570 ميجا وات كحد أقصى، وتنخفض إلى 215 كحد أدنى، بينما بلغت القدرة التوليدية الفعلية كحد أعلى 288 وتنخفض إلى 140 ميجاوات، وفق إجابات مسؤولي الكهرباء في عدن سواء من الوزارة أو المؤسسة العامة للكهرباء.

 

اعترافات بالتلاعب والفساد

أقرت وزارة الكهرباء بفشلها في إنشاء وتوسيع محطات كهربائية تعمل بالمازوت الذي يصل سعر الطن منه إلى 400 دولار، بينما يزيد سعر الديزل عن 1400 دولار وفق محافظ البنك المركزي واعترافات الوزارة والمؤسسة في تقرير اللجنة.

واعترفت الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء، بفشل صيانة محطة المنصورة العاملة بالمازوت بقدرة 60 ميجاوات بعدن قبل صيف2023.

كما اعترفت وزارة الكهرباء بفشل إعداد دراسات الجدوى لمحطات كهربائية في عدن بقدرة 950 ميجاوات، وتصريف الطاقة منها، كما اعترفت بفشل إعداد مشاريع لتحويل المحطات العاملة بالنفط الخام أو الديزل إلى الغاز.

وأقر المسؤولون عن الكهرباء بفشلهم وتأخرهم في إعادة تأهيل شبكة النقل 132 ك. ف لمحطات التحويل 33/11 ك. ف، ولا يكلف هذين المشروعين سوى26 مليون دولار، بينما أنفقت الكهرباء خلال سنة واحدة أكثر من مليار دولار على الوقود.

واعترف مسؤولو الكهرباء بعدم إجراء صيانة منتظمة لمحطات الحسوة، والمنصورة والقطرية (محطة الحسوة الثانية) في عدن، ومحطة الريان في حضرموت.

 

محطة الرئيس.. ملكية مجهولة وعقود إنشائها سرية

قالت وزارة الكهرباء ومؤسسة الكهرباء إنها لا تعرف أي شيء عن مشروع محطة كهرباء الرئيس، التي يفترض أنها المحطة الرئيسية لإنقاذ الكهرباء في عدن حيث يفترض أن يصل إجمالي إنتاجها إلى 480 ميجا وات في مطلع العام القادم.

لكن الوزارة والمؤسسة قالت إن المحطة لا تملكها المؤسسة ولا توجد حولها أي بيانات ولا تعرف إجمالي تكلفتها ولا ملكيتها ولا أسباب تعثر تنفيذها.

بينما أعلنت الرئاسة في 2017 أن تكلفة المحطة تبلغ قيمتها 500 مليون دولار من دون مناقصة وأوليات حتى الآن، ولكنها لم تر النور حتى الآن وفق إعلان الرئاسة آنذاك.

وقالت وزارة ومؤسسة الكهرباء في بداية لقاء اللجنة إن خطتها كانت تعتمد عليها بدرجة رئيسية، ولم تقدم الوزارة والمؤسسة أي توضيحات حول هذا التناقض، سوى التنصل ورمي التهمة على عبدربه منصور هادي. وأكدت الوزارة أنها لا تملك أي صلاحيات تجاه شركة بترومسيلة الحكومية لمعرفة أسباب عرقلة المشروع وتأخير تنفيذه.

وفق اعترافات الكهرباء ومسؤوليها للجنة البرلمانية يفترض أن القدرة التوليدية لمحطة عدن الجديدة التي تعمل بالنفط الخام في صيف2022 بلغ 115 ميجا وات، بينما كان المتوقع أن تصل قدرتها التوليدية إلى 230 عند اكتمال المرحلة الأولى في 2023.

ويفترض أن تصل إلى 460 ميجاوات في 2024 أي أن المفترض كان أن تغطي محطة عدن 80% من احتياج عدن للكهرباء وقت الذروة بعد أشهر من الآن.

 

محطة الحسوة

اعترفت وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء ومسؤول الوقود بالمنحة السعودية للوقود بأن محطة الحسوة الحرارية بلغ إنتاجها 35 ميجا بين مارس وصيف 2022 وكان يفترض تأهيل التوربين الثاني والغلاية الرابعة لرفع الإنتاج في2023  إلى 50 ميجاوات.

وكانت الخطة تقضي بتأهيل التوربين الصيني والغلاية الثالثة ليرتفع إنتاجها 75 ميجاوات  على أن يكون إجمالي قدرتها التوليدية 125 ميجاوات في 2024.

 

محطات معطلة نتيجة الوقود المغشوش

اعترف مسؤولو الكهرباء الذين التقتهم اللجنة بأن المحطة القطرية، والمنصورة-الياباني، والمنصورة الملعب، ومحطتي خور مكسر الفرنسي ووارتسيلا، كان إنتاجها صفر كهرباء في مطلع 2022، بينما بلغت القدرات التوليدية لمحطة شهبناز وحجيف والتواهي 16 ميجا، وهذه المحطات كلها تعمل بالديزل عالي الكلفة.

كما اعترف المسؤولون في الكهرباء أن إجمالي إنتاج المحطات الحكومية في عدن بما فيها العاملة بالديزل كان في مارس2022 لا يزيد عن 77 ميجا، من دون محطة عدن الجديدة(محطة الرئيس). بينما اشترت فعليا من الطاقة المشتراة باهظ التكاليف أكثر من 100 ميجا.

كما اعترفت الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء بإنفاق 30 مليون دولار لترميم محطة كهرباء متهالكة في الحسوة دون جدوى من إصلاحها وبررت ذلك بأنه كان عقب تحرير المدينة من الحوثي 2015.

واعترفت وزارة الكهرباء ايضا بأن مبلغ 514 مليار ريال تم صرفها باسمها دون أن تكون لها أي أوليات، معلومة لدى الوزارة، وذهبت باتجاه مستوردي الطاقة الرديء وقطع الغيار.

كما اعترفت الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء بأن سبب خروج المحطة القطرية عن الخدمة جاء نتيجة شراء وقود رديء غير مطابق للمواصفات، واعترفت أنها لا تملك قدرة لفحص جودة الوقود.

أكثر من ذلك عمدت الوزارة إلى تأخير صيانة الكهرباء القطرية أكثر من سنة كاملة منذ أبريل 2022 وحتى مايو 2023 على حساب دولة قطر دون مبرر.

 

وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة: "حاسبوا رئيس الحكومة"

حملت وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء رئيس الحكومة معين عبدالملك مسؤولية عدم تشكيل اللجنة العليا للمناقصات في تعاقدات شراء الطاقة، وقالت إنه لم يشكل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات وهو الذي يخالف السقوف السعرية للشراء.

وأكدت الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء أنها لا تشتري مطلقا أي وقود، وإنما تحدد الكمية فقط، واتهمت رئيس الحكومة بتشكيل لجنة لشراء الوقود ومنحها صلاحيات تجاوز السقوف السعرية بقرار حكومي.

 

الأموال تحضر بأضعاف مضاعفة عند الطاقة المشتراة:

اتهمت وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء في عدن رئيس الحكومة معين عبدالملك ووزارة المالية والبنك المركزي بتأخير فتح اعتماد مستندي  لعقد شراء كهرباء طاقة من شركة برايزم كبد الدولة خسائر تصل إلى 575 مليون دولار خلال ثلاث سنوات.

وأظهر تقرير اللجنة البرلمانية أن شراء الطاقة لوقود الكهرباء من الديزل المغشوش كان سعر الطن فيه أعلى من قيمته ب400 دولار، وفي عقد واحد تبين أن الموردين اشترى قرابة مليون طن من الديزل المغشوش أي أنه حصل على  400 مليون دولار جراء إضافة 400 دولار على كل طن بسبب العقد الفاسد.

كما اعترفت بأن عدد من ا لمحطات المحطة خرجت عن الخدمة بدرجة رئيسية لتشغيلها بالديزل المغشوش ولم تبرر أسباب عدم امتلاكها لمعدات الفحص. كما اعترفت أن صيانة المحطة القطرية تستوجب نقلها إلى المصنع خارج اليمن، تكفلت به قطر مؤخرا، لشدة الأعطاب التي لحقت بها عمدا جراء الوقود الرديء وغير المناسب.

 

260 مليار ريال لا تسددها المؤسسات الحكومية وشريحة المنازل

أقرت وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة بأن مديونيتها في السوق لدى المستهلكين تتجاوز 260 مليار ريال ، معظمها ديون المرافق الحكومية، في فبراير2023.

حيث بلغ التسديد الحكومي أقل من 6% مما عليه بينما كان تسديد القطاع التجاري يصل إلى 97% بسعر يبلغ 105 ريالات لكل كيلووات. أما المنزلي فقد بلغ سعره 12 ريالا فقط.

كم اعترفت الوزارة والمؤسسة بوجود فاقد هائل من الكهرباء يصل إلى النصف في اليمن، إلا أنها رمت المسؤولية على جهات أخرى، مبررة أن إيرادات الكهرباء تخضع للمجالس المحلية، وحملته مسؤولية عدم خفض الفاقد، كما اعترفت بأن عدم قدرتها على تنفيذ خططها جعلها تتخلف عن رداءة الشبكة الكهربائية.

 

الفساد فاق الخيال

اعترفت وزارة الكهرباء بأن موازنتها لدى البنك المركزي 569 مليار ريال في 2022 فقط،، ولا يشمل هذا الرقم موازنة المؤسسة العامة للكهرباء، ولا منحة الوقود السعودية.

كما اعترفت بأنها خصصت ما يقارب 2 مليار و285 مليون مرتبات، موظفي ديوان الوزارة  والمستحقات والخدمات التشغيلية لهم. كما أفادت أن مبلغ 10 مليارات ريال ذهب لصالح شركة بترو مسيلة التي تشيد محطة كهرباء الرئيس وخط التصريف من مبلغ 569 مليار ريال.

 

رأي اللجنة البرلمانية

قالت اللجنة البرلمانية إن أزمة الكهرباء في عدن هي أزمة إدارة، ليست أزمة موارد، بعد استحواذ الكهرباء على 85% من إجمالي موازنة الوحدات الاقتصادية.

وطالبت اللجنة بسرعة تحقيق مع المتورطين بتدمير كهرباء عدن والعبث بترليونات الريالات المخصصة لها، دون فائدة،  بل أدت إلى تدمير المحطات القائمة باستخدام الوقود الرديء.

واتهم التقرير وزارة الكهرباء بعرقلة مشروع نقل تصريف الطاقة بمبلغ لا يزيد عن 26 مليون دولار دون مبرر وهو أحد أهم المشاريع الحيوية.

 

الكهرباء الطافية الأغلى في التاريخ

وفق تقرير وزارة الكهرباء واللجنة البرلمانية، بلغت تكلفة توليد الكهرباء في 2022 لإنتاج 145 ميجاوات مليار وسبعين مليون دولار، بالإضافة إلى 569 مليار ريال موازنة الوزارة، دون أن نتمكن من معرفة موازنة المؤسسة العامة للكهرباء في عدن:

569 مليار ريال ديوان عام الوزارة.

313 مليون دولار قيمة طاقة مشتراة بالديزل المغشوش من 23 شركة .

191 مليون دولار خسارة سنة 2022 بسبب تأخير عقد شراء طاقة بالغاز.

366 مليون دولار شراء ديزل بعقد واحد بسعر مرتفع عن السوق بـ400 دولار عن الطن الواحد.

200 مليون دولار المنحة السعودية.

                                                                                 

ملاحظة:

قدرت الحكومة قبل أشهر إن الوقود الذي يصل إلى محطة كهرباء الرئيس من مأرب فقط يبلغ يوميا ما بين 400 إلى 600 ألف دولار وهو ما يغطي نسبة وقود  تبلغ 80%.

بينما تدفع الحكومة مبلغ 1.8 مليون دولار يوميا لشحنات وقود الكهرباء الطافئة، وفق بيان للحكومة في يونيو الماضي.

 

المحطات التي خرجت عن الخدمة

المحطة الأولى الحسوة.

المحطة القطرية 60 ميجا

محطة المنصورة 60 ميجا

محطة الرئيس تنتج فقط 90 ميجا بالنفط الخام بدلا من الغاز، والفاقد من مرحلتها الأولى 140 ميجا.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.