الريال اليمني ينهار مجددا والدول المانحة توقف القروض
بينما يعيش اليمن حالة من الانهيار الاقتصادي، أوقفت أغلب الجهات المانحة تقديم القروض المتفق عليها، وحوّلتها إلى دعم برامج إغاثية طارئة، كما هو حال البنك الدولي.
يغرق اليمن في ديون خارجية قيمتها 7 مليارات و600 مليون دولار، وفقا لتقارير العام 2021.
مع انقلاب مليشيا الحوثي، توقفت الحكومة عن سداد أقساط الديون وفوائدها، وتجمّدت أيضاً السحوبات من القروض الجارية كإجراء قامت بها الجهات المانحة لأسباب كثيرة؛ من بينها دخول اليمن في حرب، تجعله عاجزاً عن الوفاء بسداد القروض، إلى جانب حاجته إلى الدعم الإغاثي.
الديون الخارجية للبلاد تمتاز بأن ثمانين في المئة منها ميسّرة وطويلة الأجل، إلا أن تشظِّي مؤسسات الدولة وانقسامها، إلى جانب استمرار الحرب وعدم التوصل إلى حل سياسي، يصعّب الإفراج عن القروض المتفق عليها.
ما يمرّ به اليمن، في الوقت الراهن، من تحديات اقتصادية وتوقف تام لمورده الرئيس (النفط والغاز)، وسيطرة المليشيات على بقية الموارد، يجعله بحاجه إلى الحصول على أي قروض تمنع الحكومة من الانزلاق إلى هاوية الإفلاس.
لكنه في ظل هذه الحاجة، تبرز المخاوف من ارتفاع غرامات متأخرات سداد الدين الخارجي، وهو ما دفع البنك المركزي اليمني إلى مطالبة صندوق النقد الدولي بضرورة مراعاة ذلك؛ كونها مطالب منطقية في ظل الظروف التي تعيشها البلاد العاجزة عن استغلال مواردها المعطلة.
وسائل إعلامية قالت إن قيادة البنك المركزي اليمني طرحت تلك المطالب أمام مسؤولين في صندوق النقد الدولي على هامش الاجتماعات، التي عُقدت مؤخراً في دولة المغرب، إلى جانب المطالبة بإعادة النظر في اشتراطات المبادرات والبرامج حتى تكون أكثر واقعية وإنسانية.
يأتي ذلك، فيما ينهار الريال أمام العملات الأجنبية إلى مستوى هو الأدنى منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام الماضي.
التعاملات الأخيرة لسوق الصرف في العاصمة المؤقتة عدن، وعدد من المحافظات الواقعة تحت نفوذ الحكومة، كشفت عن تجاوز سعر صرف الدولار أمام العملة الوطنية ألفا وخمسمائة ريال.
الانهيار الجديد جاء بعد شهرين من إعلان السعودية تقديم دعم اقتصادي لليمن بقيمة مليار ومائتي مليون دولار لمواجهة عجز الموازنة بعد توقف تصدير النفط بفعل الهجمات الحوثية على موانئ التصدير في حضرموت وشبوة.
وفي فبراير من العام الجاري أيضاً، أعلنت الرياض إيداع مليار دولار في حساب البنك المركزي اليمني، إلا أن تلك الودائع لم تعالج التدهور بل تؤجّل فقط مسألة انهيار العملة الوطنية، وباعتراف قيادة البنك المركزي حينها.
مرات كثيرة هي التي تعلن فيها الحكومة عن القيام بمعالجات، إلا أنها تتمسك بأدوات ليس بمقدورها إيقاف نزيف العملة، من بينها اقتصار التعامل الداخلي بالعملة الوطنية، إلى جانب معالجات أخرى، وُصفت بالهزيلة؛ كونها لا ترقى إلى المستوى المطلوب.
فاتورة الاستيراد هي الأبرز في قائمة أسباب انهيار العملة، خاصة في ظل فقدان مصادر النقد الأجنبي، حيث يعجز البنك المركزي في عدن عن توفير متطلبات الاستيراد كواقع مفروض.
هذا الواقع جاء بعد توقّف صادرات النفط وتحكّم مليشيا الحوثي بالنسبة الأكبر من تحويلات المغتربين، إلى جانب تجميد الدول المانحة القروض المتفق عليها، وهجرة الكثير من رؤوس الأموال، وانقسام السلطة النقدية بين صنعاء وعدن.
اقتصاديون يرون أيضاً أن الحكومة منحت مليشيا الحوثي فرص محاربتها اقتصادياً من خلال طباعة عُملات بكميات كبيرة، وبحجم مختلف عن حجم العملات المتداولة في السوق.
هذا الإخفاق استغلته المليشيا، ومنعت في مناطق سيطرتها العملات بالطبعة الجديدة، ما تسبب في زيادة المعروض منها في مناطق الشرعية، وبالتالي قاد إلى انهيارها.
ما يُلام عليه البنك المركزي في عدن أيضاً -حسب الخبراء- هو عدم سحبه للإصدارات من العُملة بالطبعة القديمة، واستبدالها بالشكل الجديد، كخطوة أولى للحد من الانتكاسة الكبيرة، التي يعيشها الريال اليمني.
التعليقات