بعد 22 عاماً من أحداث 11 سبتمبر.. رسالة تعيد "بن لادن" الى الواجهة للواجهة في أمريكا؟
عاد زعيم تنظيم القاعد أسامة بن لادن إلى الواجهة من جديد عبر محركات البحث، سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، وأصبح اسمه في الصدارة بعد 12 عاماً على مقتله و22 عاماً على أحداث 11 سبتمبر/أيلول التي وقعت في الولايات المتحدة عام 2001.
إذا ما دخلت على محركات البحث على منصات التواصل الاجتماعي أو حتى على جوجل ستجد اسم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يتصدَّر المتصفحات؛ بسبب حذف صحيفة الغارديان البريطانية لرسالة بن لادن التي أرسلها للولايات المتحدة عام 2002 يشرح فيها لماذا قام تنظيم القاعدة بتدمير برجَي التجارة والهجوم على عدد من المقرات الأمريكية لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
لم تبيّن الصحيفة البريطانية سبب حذفها لرسالة بن لادن، لكن بعض وسائل الإعلام الأجنبية قالت إن عدداً من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي تداولوا هذه الرسالة مئات المرات، وقال بعضهم إننا لم نكن نعرف أن الغضب العربي من أمريكا يرجع بسبب الدعم المطلق لإسرائيل، لاسيما الذي ظهر في الحرب الجارية التي تشنها إسرائيل بلا هوادة على قطاع غزة، وخلَّفت أكثر من 11 ألف شهيد وآلاف الجرحى جُلّهم من الأطفال والنساء.
وبحسب موقع CNBC NEWS الأمريكي، قال إن العديد من مستخدمي تيك توك تداولوا الرسالة القديمة، فيما أبدى البعض دعمهم لما كتبه أسامة بن لادن، وبرَّر الكثير منهم هجمات 11 سبتمبر/ايلول على مركز التجارة العالمي، حيث رأوا أن الهجوم كان انتقاماً من الولايات المتحدة.
ماذا حوت الرسالة؟
وأوضح أسامة بن لادن في رسالته إلى أمريكا، سبب مهاجمته للولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر/أيلول خلال عام 2001، وتحدث عن دعم أمريكا للاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وقال فيها: "إن أمريكا أنشأت إسرائيل وتدعمها بشكل مستمر، وهذا ظلم كبير، وإن الولايات المتحدة الأمريكية هي لاعب رئيسي في هذا الظلم، وكل الذين ساهموا في هذا العمل سيتحمّلون مسؤولية كبيرة، ويجب أن يواجهوا عواقب جديّة".
وجاء في رسالة أسامة بن لادن، التي أربكت عددا متزايدا من الأمريكيين: "حديثي هذا إليكم عن جدوى الحرب القائمة بيننا وبينكم، ورغم أن الدائرة تدور عليكم بإجماع العقلاء منكم ومن غيركم، إلا أن دافعي لهذا الحديث الشفقة على الأطفال والنساء الذين يقتلون ويجرحون ويهجرون في العراق وأفغانستان وباكستان ظلمًا وعدوانًا".
وتابع أسامة بن لادن: "إن حربكم معنا هي أطول الحروب في تاريخكم على الإطلاق وأكثرها تكلفة مالية عليكم، أما بالنسبة لنا فلا نراها إلا قد مضى صدرها وانقضى شطرها، ولو سألتم عنها عقلاءكم لأجابوكم بأنه لا سبيل لكسبها لأن للأمور أوائل دالة على أواخرها ومقدمات شاهدة على عواقبها فكيف ستكسبون حربًا قادتها متشائمون وجنودها ينتحرون".
وأردف: "إذا دخل الرعب قلوب الرجال يصبح كسب الحرب محالا، وكيف ستكسبون حربًا عمولة أموالها كالإعصار تزيد اقتصادكم عصفًا ودولاركم ضعفًا"، مضيفا: "لقد أدخلتكم إدارة بوش هذه الحروب بحجة أنها ضرورية لأمنكم، أو بوعد أنها حرب خاطفة ستحقق النصر في ستة أيام أو ستة أسابيع ومضت ست سنوات وهم يعدونكم بالنصر دون أن يحققوه".
واسترسل: "وجاء أوباما وأخر الانسحاب الذي وعدكم به ستة عشر شهرًا، ثم وعدكم بالنصر في أفغانستان وحدد موعدا للانسحاب منها، وبعد مضي ستة أشهر جاءكم بتريوس برقم ستة مرة أخرى مطالبًا بتأخير الانسحاب ستة أشهر عن موعده... وما زال استنزافكم مستمرا في العراق وأفغانستان".
وأضاف: "فأنتم تخوضون حربًا لا آية لها في الأفق ولا صلة لها بأمنكم، وقد أثبتت ذلك عملية عمر الفاروق فهي لم تنطلق من ساحات القتال معكم وكان بإمكانها أن تنطلق من أي بقعة من بقاع الأرض"، مؤكدا: "أما نحن فجهاد الظالمين المعتدين عبادة عظيمة في ديننا، وهي أحب إلينا من آبائنا وأبنائنا، فجهادنا لكم عبادة وقتلكم لنا شهادة، ونحن بفضل الله سبحانه وتعالى نجاهد منذ ثلاثين سنة ضد الروس ثم ضدكم، ولم ينتحر منا رجل واحد، وأنتم في كل ثلاثين يومًا ينتحر منكم ثلاثون رجلًا".
وأكد أسامة في رسالته: "فواصلوا في الحرب ما شئتم. هبت عواصفهم تدك صروحه وله تقول.. لن نوقف الغارات حتى عن مرابعنا تزول والسلام على من اتبع الهدى" مضيفا: "فواصلوا في الحرب ما شئتم فالعدل أقوى جيش والأمن أهنأ عيش أضعتموه بأيديكم يوم أن نصرتم اليهود على احتلال أرضنا وقتل إخواننا في فلسطين فسبيل الأمن أن ترفعوا ظلمكم عنا".
ماذا قالوا عن الرسالة وحذف الصحيفة البريطانية لها؟
وتحدثت مستخدمة تدعى لينيت أدكينز، ويتابعها ما يقرب من 12 مليون مستخدم على تيك توك، عن الرسالة؛ إذ قالت: "أريد من الجميع أن يتوقفوا عن فعل ما يفعلونه الآن ويذهبوا لقراءة رسالة إلى أمريكا، أشعر وكأنني أمر بأزمة وجودية الآن".
ثم شارك مستخدمون آخرون الرسالة، وانتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما عبَّر بعض الأمريكيين عن قلقهم من أن تعيد الرسالة تشكيل الرأي العام في أمريكا فيما يتعلّق بأحداث 11 سبتمبر/أيلول، وذلك بالتزامن مع المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة بدعم مطلق من أمريكا ودول غربية.
بعد أن انتشرت الرسالة على نطاق واسع، قامت صحيفة الغارديان بإزالة الرسالة الأصلية من موقعها، ما أثار جدلاً واسعاً، وشارك أحد المستخدمين لقطة شاشة للرسالة المحذوفة، وكتب: "إنه أمر غريب للغاية بالنسبة لي أن تتم إزالة رسالة إلى أمريكا التي كتبها بن لادن من صحيفة الغارديان اليوم، تم نشر هذه الرسالة على موقعهم عام 2002 وإزالتها بعد أن شاركها رواد تيك توك بسبب ذكرها لإسرائيل وفلسطين".
فيما قال متحدث باسم صحيفة الغارديان لصحيفة ديلي بيست، تعليقاً على حذف الرسالة، إن "النص المنشور على موقعنا قبل 20 عاماً تمت مشاركته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي خارج سياقه الأصلي".
من هو بن لادن وكيف قُتل؟
أسامة بن لادن هو مؤسس تنظيم القاعدة الذي تبنى هجمات هزت العالم وآلمت الأمريكيين أبرزها أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. وُلد بن لادن عام 1957 في الرياض بالسعودية لأب من أصل يمني وأم دمشقية.
وكان والده -محمد عوض بن لادن- قد جاء إلى جدة من حضرموت عام 1930، ولم تمضِ إلا سنوات قليلة حتى تحول "محمد عوض" من حمال في مرفأ جدة إلى أكبر مقاول إنشاءات في السعودية، وفي عام 1969 شارك في إعادة بناء المسجد الأقصى بعد الحريق الذي تعرض له، كما شارك في التوسعة الأولى للحرمين الشريفين.
توفي والده عندما كان أسامة في التاسعة من العمر، فنشأ نشأة عادية وتزوج وهو ابن 17 عاماً من أخواله في الشام، ثم استكمل مراحل دراسته كلها في جدة، وأتم دراسته الجامعية في علم الإدارة العامة والاقتصاد وتخرج في جامعة الملك عبد العزيز.
بدأت علاقة بن لادن بأفغانستان منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي في 26 ديسمبر/كانون الأول 1979، حيث شارك مع المقاتلين الأفغان ضد الغزو الشيوعي وكان له حضور كبير في معركة جلال آباد التي أرغمت الروس على الانسحاب من أفغانستان.
أسامة بن لادن في أفغانستان منتصف الثمانينيات
وفي عام 1988 أنشأ "سجل القاعدة" وهو عبارة عن قاعدة معلومات تشمل تفاصيل كاملة عن حركة المقاتلين العرب قدوماً وذهاباً والتحاقاً بالجبهات.
بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان عاد بن لادن إلى السعودية وعلم بعد فترة من وصوله أنه ممنوع من السفر، وظن أن السبب هو الانسحاب الروسي وتفاهم القوى العظمى، فنشط في إلقاء المحاضرات العامة.
ولم تكتفِ وزارة الداخلية السعودية بمنعه من السفر بل وجهت إليه تحذيراً بعدم ممارسة أي نشاط علني، لكنه بادر بكتابة رسالة نصح إلى الدولة، قُبيل الاجتياح العراقي للكويت.
غادر بن لادن السعودية عائداً إلى أفغانستان ثم اتجه إلى الخرطوم عام 1992، وفي نهاية العام نفسه صدر أمر بتجميد أمواله، ثم تحول إلى قضية ساخنة على جدول أعمال المخابرات الأمريكية، فسحبت الحكومة السعودية جنسيته عام 1994.
العودة إلى أفغانستان
خلال إقامته في السودان وقعت أحداث الصومال واليمن وانفجار الرياض، فتعرض السودان لضغوط كبيرة من أمريكا ودول عربية لإخراج بن لادن أو تسليمه، فخرج هو ورفقاؤه إلى أفغانستان ومن هناك بدأ نشاطه لمهاجمة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط حتى قام بعملية 11سبتمبر/أيلول 2001.
بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001 الشهيرة وضعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة على رأس المطلوبين، وراحت تدك ما تعتقد أنه قواعد لتنظيم بن لادن في أفغانستان، وتغيرت منذ ذلك التاريخ أوضاع سياسية وعسكرية كثيرة ليس في أفغانستان وحدها ولكن في الكثير من دول العالم أيضاً.
وبعد هذه العملية بعقد تقريباً وبالتحديد في 2 مايو/أيار 2011 أعلن الرئيس باراك أوباما أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قُتل في هجوم قامت به وحدة أمريكية خاصة داخل باكستان، وقال -في تصريح مقتضب- إن الأمر تم بعد معركة عنيفة، وإن التعاون مع باكستان ساعد في قتل الرجل.
وقد أكد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق ليون بانيتا في كتاب أصدره بعنوان "حروب جديرة بالمجازفة" عام 2014، أن بن لادن دفن في البحر مكبلاً بالحديد.
ما علاقة ذلك بغزة؟
لا يخفى على أحد ما يتعرض له قطاع غزة من قصف وتدمير على مدار الساعة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من 40 يوماً وبالتحديد من بعد عملية طوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي خلَّف عدداً كبيراً من القتلى الإسرائيليين وأسر نحو 250 آخرين أغلبهم من العسكريين.
هذه العملية التي تقوم بها إسرائيل تتقلى دعماً سياسياً وعسكرياً وأمينياً غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا في وقت يرفض فيه الرأي العام العالمي هذه الحرب ويدعو لوقف إطلاق النار بشكل فوري في غزة.
وتشهد على مدار الأسبوع عواصم عالمية كبيرة مثل لندن وباريس وبعض المدن الكبرى مظاهرات منددة بتلك الحرب ومطالبة دولها بالضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار فوراً؛ نظراً لعدد الضحايا من الأطفال والنساء، وأيضاً بسبب الممارسات الإسرائيلية التي كان آخرها اقتحام مستشفى الشفاء ومنع كل من فيه من الخروج.
التعليقات