خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
نزاعات الأراضي في إب تحصد أرواح اليمنيين.. ما دور الحوثيين في ذلك؟


تواصل نزاعات الأراضي حصد مزيد من الأرواح في محافظة إب (وسط اليمن)، وسط اتهامات لمليشيا الحوثي المسيطرة على المحافظة بتأجيج تلك الصراعات وتغييب عمل القضاء المنوط به الفض في تلك النزاعات، وذلك بهدف تحقيق مكاسب ذاتية.

وخلال السنوات الأخيرة ارتفعت قيمة الأراضي في المحافظة بشكل مطرد، الأمر الذي تسبب بارتفاع منسوب الصراعات في المحافظة، حيث تشير تقديرات اقتصادية أن قيمة الأراضي في المحافظة تعد الأعلى في اليمن وبعض دول المنطقة وذلك بالمقارنة مع دخل الفرد.

وبالعودة إلى الإحصاءات الأمنية والتقارير الحقوقية المنشورة عن الضحايا المدنيين الذين يسقطون بشكل دائم في المحافظة، تأتي نزاعات الأراضي في قائمة دوافع القتل إلى جانب الفوضى الأمنية وانتشار السلاح وجرائم مليشيا الحوثي بحق المدنيين.

ووفقاً لإحصائيات رصدها محرر "يمن شباب نت"، فإن أكثر من 30 شخصاً قتلوا وأصيبوا العام الماضي في محافظة إب جراء صراعات الأراضي، إضافة إلى ضحايا آخرون، يقدرون بالعشرات تم ربط مقتلهم أو إصابتهم بخلافات أسرية وقضايا ثأر في غالبيتها لها علاقة بالأراضي.

 

ضحايا جدد .. سبب رئيسي

وفي أحدث حادثة من هذا النوع، قتل شخصان وأصيب ثلاثة آخرون، الأسبوع الفائت في نزاع على قطعة أرض بمدينة إب (مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم) وهي الحادثة التي تورطت فيها المليشيا بطريقة ما عندما استعان أحد طرفي الصراع بمسلحين من المليشيا لحسم قضية خلاف بالقوة، رغم أن تلك القضية منظورة في القضاء، وفقاً لمصادر "يمن شباب نت".

وقالت المصادر، إن نزاعاً مسلحاً اندلع بين مسلحين من بيت "المظلوم" مدعومين بمسلحين حوثيين، وفيصل النهام مالك مستشفى البدر (خاص)، في خلاف على قطعة أرض فناء المستشفى، خلف قتيلان وثلاثة جرحى.

ويرجع النزاع بين الأسرتين إلى خلاف على قطعة أرض "فناء المستشفى"، حيث يدّعي "المظلوم" ملكيته للأرض التي استأجرها (النهام) من أشخاص آخرين من أسرة "الشيباني" الذين يدّعون هم الآخرين ملكيتهم للأرض، وفقا للمصادر.

 

الحوثي وتعطيل القضاء

لم تكن نزاعات الأراضي وليدة اللحظة في المحافظة فمنذ عقود تشهد المحافظة نزاعات مسلحة تودي بحياة العشرات سنوياً غير أن تلك الصراعات تضاعفت منذ سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على المحافظة في خريف 2014م.

وفي هذا الصدد يقول الحقوقي "عرفات حمران"، إن المليشيا الحوثية عمدت منذ بداية الانقلاب إلى تعطيل مؤسسات القضاء وتشكيل مكاتب سمتها بـ "لجان المظالم" وعبرها تعرفت على مئات القضايا الخلافية بين المواطنين حول الأراضي وسحبت الوثائق منهم وشرعت في عملية تأجيج الصراعات بين الأطراف مافاقم من الظاهرة.

وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت"، أن المليشيا وعبر سماسرة محليون استقطبت مئات المتخاصمين إلى تلك المكاتب، وأعطتهم وعوداً بتسريع حل تلك الخلافات المعلقة بعضها لسنين في المحاكم، وعقب ذلك استحوذت على وثائق الأراضي المتنازع عليها لتبدأ طوراً جديداً من الصراعات.

وأشار إلى أن قيادات المليشيا توزعت القضايا وبدأت بحل بعضها بالقوة بعد أن قامت بعمل مايسمى بـ"منزوع" قسمة لصالحها، وهو الأمر الذي أسس لحالة فوضى السلاح والاستقواء بالمسلحين لتنحدر مشاكل الأراضي إلى منحى آخر أغرقت المحافظة في وحله ولم تتمكن من الخروج منه.

وتابع "حمران" أن المليشيا وبعد أن استتب لها الأمر في المحافظة عادت إلى تفعيل القضاء "صورياً" وأحالت إليه مئات القضايا المتنازع حولها، غير أنها وعبر التعيينات الجديدة في المحاكم أو سطوة قياداتها الميدانية على القضاة دفعت بعدم البت في القضايا وخاصة قضايا الأراضي وذلك من أجل استمرار التحكم بهذا الملف الهام.

ولفت إلى أن المتخاصمين وتحت الترهيب والترغيب يلجؤون إلى تحكيم قيادات المليشيا للبت في نزاعات الأراضي، وهو ماتعتبره تلك القيادات فرصة للإثراء حيث تعمد على نزع جزء من الأرض لصالحهم قبل أي بت في القضية، أو تصدر أحكاماً متحيزة لطرف على حساب طرف مقابل رشى مالية وهو الأمر الذي يؤجج الصراع ويطيله.

وأوضح "حمران"، أن غالبية القضايا التي يُحكّم فيها الحوثيون تشهد نزاعاً مسلحاً بين المتخاصمين وداعميهم، أو تذهب القيادات الحوثية إلى اختلاق وثائق تثبت أن تلك الأراضي أملاك دولة أو أوقاف وتصادرها بالقوة، أو في أحسن الأحوال تفصل في بعض القضايا مقابل مبالغ مالية كبيرة غير أن تلك القضايا تبقى مرشحة للانفجار بسبب أن تنفيذها يستدعي تصديق من القضاء والتمكين عبر الأجهزة الأمنية المعنية.

 

أراضي الأوقاف..

تعتبر أراضي الأوقاف هي العامل الرئيسي لصراعات الأراضي في مدينة إب (مركز المحافظة) باعتبار أن نحو ثلثي الأراضي "أوقاف" كما يقول أحد موظفي مكتب الأوقاف لـ "يمن شباب نت".

ويضيف الموظف ـ الذي فضل عدم الكشف عن هويته ـ أن معظم نزاعات الأراضي بمركز المحافظة تدور حول أراضي أوقاف إما بين مستأجرين، أو بين مدعيّن ملكية الأرض وهي في الأساس "وقف".

وأشار إلى أن مكتب الأوقاف وضمن سياسة غير مفهومة عمد إلى إغراق المحاكم بقضايا من هذا النوع وتسبب ذلك في إطالة الفصل فيها واندلاع صراعات تصل في غالبيتها إلى مواجهات مسلحة تسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

وأكد أن القضايا التي يتنازع فيها مستأجرون من الأوقاف، أو في حالة الاعتداء على أرضية أوقاف من قبل معتدين كما هو السائد حالياً وخاصة من قبل المتنفذين والقيادات النافذة في جماعة الحوثي، من المفترض أن يتدخل المكتب في الفصل فيها دون الرجوع إلى القضاء، (في الحالة الأولى)، أو يكون المكتب طرفا فيها (الحالة الثانية) وتنصيب محامي دفاع أمام القضاء وإخراج "المسودة" بشأن ذلك وسرعة البت فيها قبل تفاقم الصراع.

واستطرد المصدر، "لكن وللأسف نجد أن قيادة المكتب تكتفي بالمشاهدة أو الانحياز لطرف على حساب آخر عبر شبكات نفعية، أو عدم تزويد المحاكم بالوثائق التي تساهم في تسريع البت في القضايا".

وأشار إلى أن نهج قيادة مكتب الأوقاف في التعامل مع المشاكل وفي ظل حالة الفوضى الأمنية والاستقواء بالسلاح والوضع المليشاوي السائد، أغرى الكثيرين ودفعهم إلى التعدي على أملاك الأوقاف بالقوة ووصل الحد إلى الاعتداء على عشرات المقابر أو حرمات المساجد.

 

تبعات الانقلاب

يؤكد متخاصمون ومراقبون أن نزاعات الأراضي في المحافظة أخذت منحى تصاعدي منذ مابعد الانقلاب الحوثي وسيطرته على المحافظة، وأضافوا أن حالة الفوضى الأمنية والانتشار الواسع للسلاح وتغييب القضاء، فاقم من الظاهرة ودفع كثير من المتخاصمين إلى حل مشاكلهم بالسلاح.

وفي هذا السياق يقول "أبو مرتضى" ـ وهو اسم مستعار لأحد المتضررين من نزاعات الأراضي في مديرية ريف إب ـ، إنه فقد أكثر من ثلاثة أشخاص من أفراد أسرته، فضلاً عن إصابة أربعة آخرين في نزاعات مسلحة على أراضي في أوقات متفاوتة خلال العامين الماضيين.

وأضاف أن الطرف الآخر، هو الآخر، قتل وأصيب منهم أربعة أشخاص، ولازالت القضية معلقة.

وأشار إلى أن القضية كانت تسير بالطرق الرسمية أمام القضاء منذ سنوات، غير أن لجوء الطرف الآخر إلى الحوثيين والاستقواء بهم في البسط على الأرضية بالقوة دفعهم إلى التصدي لهم والدخول معهم في نزاعات تنشط بين الفينة والأخرى.

وأوضح أن الأمر تحول من صراع على أراضي إلى قضية ثأر بين الأسرتين، كان معلوم بداية انطلاق شراراتها ولا ندري متى ستنتهي، حد وصفه.

وحمّل " أبو مرتضى" مليشيا الحوثي مسؤولية تفاقم صراع الأراضي في المحافظة وذلك بسبب الحالة المليشاوية التي باتت عليها المحافظة منذ مابعد الانقلاب في ظل استشراء ثقافة الاستقواء بالسلاح والعصابات المسلحة في السطو على الأراضي.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.