حذفت مليشيا الحوثي الكهنوتية حلقات مرئية لبرنامج حواري وثّق حياة وأدوار ومواقف كوكبة من رموز الكفاح وقادة النضال الوطني ممن كانوا في طليعة ثوار فجر ثورة 26 سبتمبر 1962م المجيدة التي أسقطت الحكم الإمامي البائد.

يأتي ذلك ضمن مساعي المليشيا الحوثية الحثيثة في تجريف الهوية اليمنية وعمقها التاريخي والثوري والنضالي، واستبدالها بهوية طائفية تكرس الولاء السلالي.

وحذفت مليشيا الحوثي عبر إدارتها المعينة في "الفضائية اليمنية" المختطفة بصنعاء، كافة حلقات برنامج "أعلام صنعوا تاريخ اليمن الحديث" الذي يتناول حياة أبرز الشخصيات اليمنية المؤثرة في التاريخ اليمني الحديث في مختلف الجوانب السياسية والثقافية والأدبية، وشهادات رفاقهم واقاربهم وشهودها المعاينين لها من على قناتها الخاصة "يوتيوب" وموقعها الالكتروني.

ويحتوي البرنامج الشهير على شهادات ووقائع وأحداث حركة النضال الوطني ومراحل الإعداد لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، ووقائعها وأحداث قيامها والدفاع عنها بغية تخليدها والحفاظ عليها من التحريف والتزوير.

ويهدف البرنامج إلى تذكير الأجيال الجديدة برموز وطنية كبيرة أسهمت وضحت بالغالي والنفيس في صناعة الجمهورية وحاضر اليمن، وسرد البطولات والملاحم التاريخية لتبقى ذكراها راسخة في وجدان جميع اليمنيين.

وحصل برنامج "أعلام صنعوا تاريخ اليمن الحديث" الذي كان فكرة وسيناريو وإخراج "سمير صالح خليل" على جائزة الإبداع للأعمال التلفزيونية في مونديال "الإذاعة والتلفزيون العربي الأول" بالقاهرة، كأفضل برنامج حواري شاركت به اليمن في مطلع ديسمبر 2012م تحت رعاية اتحاد المنتجين العرب، بمشاركة 18 دولة عربية.

ومن ابرز تلك الشخصيات التي تناولها البرنامج: (الرئيس إبراهيم الحمدي، والفريق حسن العمري بطل فك حصار السبعين يومًا، واللواء حمود الجايفي، وسالم ربيع علي، واحمد محمد النعمان، ومحمد محمود الزبيري، والقاضي الإرياني، وعمر الجاوي، وفرج بن غانم رئيس الوزراء الأسبق، وجار الله عمر، ولطفي جعفر امان، وعبدالعزيز المقالح، وعبدالله البردوني).

ويرى مراقبون، ان حذف مليشيا الحوثي لحلقات البرنامج الوثائقي والتاريخي، يأتي ضمن محاولاتها المستميتة لطمس وتجريف الذاكرة الوطنية والثقافية للجمهورية واستهداف رموز اليمن من المناضلين والثوار الذين كافحوا حتى تحقيق ثورة 26 سبتمبر 1926م، والتي اطاحت بالنظام الإمامي البائد وحطمت قيود التخلف وأنهت عهود العبودية والجهل ‬وأعادت للإنسان اليمني‮ ‬كرامته وحريته وحقه المسلوب.

وأكدوا أن ذلك يأتي تماشيا مع توجه المليشيا الحوثية في تغيير وتزييف التاريخ واخفاء الادوار البطولية الناصعة لفرسان وقادة ورموز ثورة 26 سبتمبر، التي تعد ثورة اليمنيين الكبرى والأهم في التاريخ الماضي والحاضر، في محاولة بائسة لاجتثاثهم كأبطال ملهمين من ذهنية السواد الاعظم للشعب اليمني واستبدالهم بقياداتها المزعومة التي تدعي احقية الحكم الإلهي.

ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي وسيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر 2014م عمدت إلى طمس كل ما له علاقة بهوية ومعالم ورموز الجمهورية، واقتحمت مقر منظمة "مناضلي الثورة اليمنية" ونهبت محتوياته من سجلات ووثائق تاريخية وكل ما يتعلق بالثوار والمناضلين.

وغيرت المليشيا أسماء عدد من الشوارع والمؤسسات والمدارس والمستشفيات خصوصا التي لها علاقة برموز ثورة 26 سبتمبر، وسرقة مخطوطات تاريخية من عدد من المتاحف. واعتدت على النصب التذكاري للجندي المجهول بميدان السبعين بصنعاء، وحولته إلى قبر ومزار للقيادي الحوثي "صالح الصماد" في إطار مساعيها الرامية لطمس تاريخ وهوية اليمن واستهدافها الممنهج للنظام الجمهوري.