خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
ما مستقبل الأزمة اليمنية بعد 10 أعوام من محاولة جلب الحل السياسي الشامل؟

الأمم المتحدة، وعبر مبعوثيها المرسلين إلى اليمن، لم تستطع، حتى الآن، إيجاد خريطة طريق للحل، ووقف إطلاق النار، وجعل مسار المفاوضات ممكنا، وسط تقارير تشير إلى تخاذلها وغض الطرف عن تصرفات مليشيا الحوثي العابثة منذ سنوات.

تدخل اليمن، اليوم، موجة صراع جديدة، وقد جلبت مليشيا الحوثي التصعيد إلى البحر الأحمر، واستهدفت خطوط التجارة والملاحة الدولية، بينما تنسحب السعودية والإمارات من المشهد، ومن التزاماتهما في اليمن، بعد جلبهما أدوات الفوضى الأخريات، ونهبتا ما استطاعتا من البلاد.

الأمين العام للأمم المتحدة دعا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤوليّته في تأمين وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر، فكيف يمكن أن تؤثّر هذه التطوّرات على جهود الوساطة في اليمن؟ وما التدابير التي ينبغي اتخاذها لتخفيف التوترات في البحر الأحمر؟

 

- مراوغة أممية

يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "إن ما ذكره المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أمام مجلس الامن مؤخرا، من أن تحقيق تقدّم جهود حل الأزمة اليمنية يرتبط بتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وتجنّب أطراف النزاع استغلال الظروف الناتجة عن أزمة البحر الأحمر للتصعيد، والإبقاء على قنوات اتصال مفتوحة، هي واحدة من المؤشرات الخطيرة جدا على عدم وجود رؤية لدى المبعوث الأممي".

وأضاف: "ما قاله المبعوث يدل على عدم وجود مسار واضح للأزمة اليمنية، وعلى ارتهان الأزمة اليمنية لإرادات خارجية، سواء إقليمية أو دولية".

وتابع: "فشل الأمم المتحدة في الإمساك بمسار الأزمة اليمنية، واتكاؤها على توافقات دولية، هي مراوغة إلى حد كبير، وهناك توافق دولي على ما الذي ينبغي عمله في اليمن، لكن تحت مظلة هذا التوافق تجري هندسة المشهد بما لا يتفق مع مصلحة الشعب اليمني، ويجري تمكين قوى خطيرة أخرى على الساحة اليمنية، فيما يستمر المجتمع الدولي بإظهار القدر ذاته من الالتزام تجاه وحدة اليمن، وعدم الاعتراف بأن الحرب يمكن أن تنهي الأزمة في اليمن".

وأردف: "المجتمع الدولي يركز فقط على الجهود السلمية، مع أن هذه الجهود السلمية لا أثر لها عمليا على أرض الواقع، وفي النهاية ما نراه على الأرض هو أن هناك قوى يجري دعمها من وراء الستار، وهي التي تحدِث واقعا على الأرض، ثم يتأسس عليه التصوّرات السياسية والحلول، إلى غير ذلك".

وزاد: "تصريحات غروندبرغ كشفت أن القضية اليمنية ليست منفصلة، ولا تمتلك حصانة أبدا، لا على مستوى المواقف الدولية، ولا على أي شيء آخر".

وقال: "الصراع الناشئ في غزة صحيح أنه مرتبط بقضية أصيلة، وصراع أصيل ومركزي بالنسبة للمنطقة العربية والإسلامية، إلا أن العدوان الصهيوني على غزة لا ينبغي أن يختطف معه القضية اليمنية".

وأضاف: "صحيح أن أحد أطراف الحرب في اليمن يدّعي اليوم بأنه ينصرف بكامل إمكانياته لدعم غزة، لكن في النهاية نحن ندرك أن هذا الطرف يستغل غزة لفرض أجندته السياسية المحلية، والحشد على المستوى الداخلي؛ لفرض مشروعيته كطرف منبوذ عمليا من غالبية الشعب اليمني".

وتابع: "على المجتمع الدولي أن يظهر جديته فيما يتعلق بالتعاطي مع الشعب اليمني، ففكرة المهددات التي تعترض مسار التسوية السياسية في اليمن واضحة، وهناك أطراف خارج الشرعية، وهناك أطراف تعمل ضد إرادة الشعب اليمني، بينما المجتمع الدولي -للأسف الشديد- يتعامل مع هذه الأطراف باهتمام زائد عن الحد ويفضلها، بل ويسعى بطرق مباشرة أو غير مباشرة لتمكين هذه الأطراف، لذا فأنا لا أثق بنوايا المجتمع الدولي مطلقا، ولا بتأثيرها الإيجابي على مسار الأزمة اليمنية".

 

- "الكل يدمّر الكل"

يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، العميد عبدالرحمن ربيع: "إن العمليات العسكرية في البحر الأحمر لا زالت في إطار التصعيد حينا، والخفوت حينا آخر، باستثناء الأحداث الأخيرة، بدءا من الأحداث الأخيرة التي جرت في منطقة الشرق الأوسط، من قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في سوريا، ومن ثم الرد الإيراني الباهت، فهذه الأحداث كانت لها ارتدادات مباشرة".

وأضاف: "اليوم نحن أمام مشهد في اليمن، يكاد يكون هذا المشهد برمته في الشرق الأوسط الكل يكمّل الكل، والكل يدمّر الكل، بمعنى أننا لا نستطيع الإفلات من الأحداث الدائرة حولنا؛ لأننا أصبحنا في عربة تجر وراءها كل ما هو دائر الآن في المنطقة، خصوصا اليمن، سواء كان في مشكلتها واحترابها الداخلي، أو في علاقتها بمشكلة الحوثيين والبحر الأحمر، وارتباط ذلك بغزة، أو في محاولات الأمم المتحدة".

وتابع: "أتذكر هانز هولفريتز، وهو كاتب ألماني أتى إلى اليمن عام 1920م، وما بين هانز هولفريتز وهانس غروندبرغ مائة عام، الأول أتى لكي يحدث اختراقا، وحاول واستطاع وألّف كتاب 'اليمن من الباب الخلفي'، والثاني الآن يحاول أن يحدث ثقبا في الجدار، لكنه سيغادر دون أن يحدث ذلك الثقب".

 

- غياب الرؤية الواضحة

يقول الباحث في مركز واشنطن للدراسات، سيف المثنى: "إن الدور الأممي، منذ تعيين مبعوث إلى اليمن، يفتقد للرؤية الواضحة حول السلام في اليمن، ولا نجد هناك إنجازا حقيقيا، وتحول الأمر إلى إنجاز شخصي من قِبل المبعوث الأممي، إذ يريد أن يكون لديه الإنجاز الشخصي، رغم الأمل والتفاؤل به، خاصة أن لديه سابقة وخبرة فيما يخص الشرق الأوسط، أو دول الخليج".

وأضاف: "كان هناك نوع من الأمل والتفاؤل، لكن التعقيدات التي حدثت في اليمن، وأيضا السياسات الخارجية، التي انتهجتها السعودية والولايات المتحدة، التي عقدت من الملف اليمني، مما جعلته في حالة، كل منهم يريد أن يثبت نفسه بإنجاز شخصي".

وتابع: "إحاطة المبعوث الأممي تؤكد أن السلام في اليمن قد فشل، وأن العملية السياسية وخارطة الطريق، التي تحدث عنها المبعوث في السابق، قد فشلت لأسباب عدة، ربما كانت الولايات المتحدة هي الركيزة الأساسية في تعطيل خارطة الطريق، باعتبارها جاءت في توقيت خاطئ".

وأردف: "المبعوث الأمريكي تحدث، في لقاءات سابقة، حول خارطة الطريق، وأرادت أمريكا أن ترى أن هناك عملية في البحر الأحمر، وأن الحوثيين جزء من السلام في اليمن، لذا كان لا بُد لها أن تربط ما يحدث في البحر الأحمر بالعملية السياسية في اليمن، وهذا ما جعل الملف في حالة معقدة جدا".

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.