وباء الكوليرا.. أكثر من 14 ألف حالة إصابة ووفاة 75 في موجة ثانية منذ الشهر الماضي
تجتاح اليمن منذ مارس/ آذار الماضي، موجة ثانية من تفشي وباء الكوليرا، دون إحصائية رسمية معلنة من سلطتي طرفي النزاع لحالات الإصابة والاشتباه والوفاة، باستثناء ما أعلنه تقرير أممي، موضحًا أن الموجة الثانية سجلت أكثر من 14 ألف شخص مشتبها بإصابته، مشيراً إلى أن معظمها في المناطق الواقعة تحت سيطرة حركة “أنصار الله” (الحوثيون).
وقالت مديرة العمليات والمناصرة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إيديم ووسورنو، إن اليمن شهد منذ مارس/ آذار انتشارًا سريعًا للمرض، وبخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقالت في جلسة لمجلس الأمن، الاثنين، خلال تقرير ألقته نيابة عن وكيل الأمين العام للشؤون الانسانية:” حتى السابع من أبريل/ نيسان تم الإبلاغ عن أكثر من 11 ألف حالة مشتبه بها في تلك المناطق مع 75 حالة وفاة مرتبطة بها مقارنة بحوالي 3200 حالة مشتبه بها في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأشارت إلى ما اعتبرته النجاح في كبح تفشي المرض في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وأكدت أن “الاستجابة السريعة أمر بالغ الأهمية”.
وقالت: “تعمل الأمم المتحدة وشركاؤنا في المجال الإنساني بشكل وثيق مع السلطات المعنية لتوسيع نطاق الاستجابة. ومع ذلك، فإن مخزونات الطوارئ من الإمدادات الأساسية قد استنفدت تقريبًا. وتحتاج أنظمة دعم المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية إلى تعزيز عاجل.”
واجتاح وباء الكوليرا اليمن عام 2019 جراء تراجع خدمات ومستلزمات النظافة وتلوث مياه الشرب وتدهور خدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية جراء الحرب التي أهدرت معظم إمكانات البنى التحتية للخدمات.
وأعلن اليمن، عقب الحملة التي واكبت الموجة الأولى من التفشي، أن المرض بات مستوطنًا هناك.
إمكانات متواضعة
في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها بدأت السلطات المحلية والإدارات الصحية برامجها ذاتها العلاقة في محاولة لاحتواء تفشي الوباء بالتعاون مع المنظمات.
ومن المحافظات التي شهدت عودة تفشي الكوليرا في مناطق الحكومة تبرز محافظة الضالع (جنوب) وسط شكوى محلية من إمكانات متواضعة للقطاع الصحي في ظل تنفيذ بعض الجهود للحيلولة دون انتشاره.
وقال مسؤول في مكتب الصحة بالمحافظة، في تصريح لتلفزيون عدن المستقل، أمس الثلاثاء، إن المكتب لا يستطيع مواجهة الوباء دون مساندة السلطة المحلية والمكاتب ذات العلاقة. وأشار إلى وجود نقص في الأدوية والمستلزمات الخاصة بعلاج الكوليرا. وناشد المنظمات الدولية التدخل لعمل اللازم في المناطق الموبوءة.
فيما ذكر مدير مكتب الصحة هناك، إياد صالح، لتلفزيون عدن المستقل في وقت لاحق، أن عدد الحالات في المحافظة بلغت 90 حالة مصابة على مستوى المحافظة، موضحًا أن أكثر الحالات آتية من مديرية الأزارق، مشيرًا إلى أنه تم تفعيل مراكز خاصة لاستقبال وعلاج الحالات في جميع مديريات المحافظة.
وطالب ناشطون بضرورة إيجاد محاجر ورفدها بالمستلزمات بما يسهم في احتواء الوباء قبل تمدده.
فيما نقلت وكالة الأنباء الحكومية عن محافظ محافظة أبين(جنوب)، أبوبكر حسين سالم، تشديده على ضرورة اتخاذ الاجراءات الوقائية للحد من انتشار مرض الكوليرا بالمحافظة. وأكد، خلال لقاءه، الثلاثاء، مدير مكتب التربية والتعليم بالمحافظة وضاح المحوري، أهمية الجهود والإجراءات التي اتخذها المكتب للوقاية من مخاطر انتشار مرض الكوليرا، وتجنيب الطلاب في مختلف مديريات المحافظة الإصابة بالعدوى، خاصة بعد استئناف الدراسة عقب إجازة عيد الفطر، إلى جانب التنسيق مع مكتب الصحة العامة والسكان والجهات ذات العلاقة لمكافحة المرض والحد من انتشاره.
فيما شهدت محافظة تعز (جنوب غرب) اجتماعًا موسعًا، الاثنين، برئاسة المحافظ، نبيل شمسان، تم خلاله مناقشة الاجراءات الوقائية والاحترازية لمواجهة الوباء.
وشدد على ضرورة اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية للحد من تفشي الوباء بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، والعمل على تضافر جهود الجميع وتكثيف الحملات التوعوية في أوساط المجتمع، وفي مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن أسباب وباء الكوليرا وكيفية الوقاية منه.
وأكد، طبقًا لوكالة الانباء الحكومية، دعم السلطة المحلية وبشكل عاجل لتنفيذ الخطط والإجراءات اللازمة للحد من هذا الوباء القاتل، وتكليف وكيل الشؤون الصحية للإشراف ومتابعة الجهات المعنية، والرفع بتقارير يومية عن مستوى تنفيذ الاجراءات، وأي صعوبات قد تواجههم لمعالجتها.
وحسب إحصائية حكومية في المحافظة فقد تم فتح خمسة مراكز لاستقبال وعلاج حالات الكوليرا، ووصول عدد الحالات المشتبه بإصابتها إلى 374 حالة منها 122 حالة مؤكدة. وفي مناطق سيطرة “أنصار الله” (الحوثيون) عقد بصنعاء بتاريخ 31 مارس/ آذار اجتماع ضم وزير المياه والبيئة في حكومة الجماعة، عبدالرقيب الشرماني، وممثل منظمة اليونسيف بصنعاء، لوسيانو كاليستيني، ووكيل وزارة المياه لقطاع المياه، عبدالسلام الحكيمي، ورئيسي الهيئة العامة للموارد المائية، هادي قريعة، والهيئة العامة لمشاريع مياه الريف، عادل صالح بادر. وناقشوا آلية التنسيق وتوحيد ودعم الجهود الهادفة إلى مواجهة ومنع انتشار الوباء. وأكد الوزير الشرماني أهمية التحرك لمواجهة انتشار الكوليرا والاستجابة الفاعلة من قبل المنظمات الدولية للحد من انتشار الوباء، وفق وكالة الأنباء سبأ التي يديرها الحوثيون.
التمويل المطلوب
ونقلت تقارير إعلامية محلية عن وكيل وزارة الصحة العامة والسكان في الحكومة المعترف بها، سالم الشبحي، قوله إن الوزارة وكل الجهات المعنية اتخذت كل الاجراءات اللازمة وفي وقتها، لمنع انتشار مرض الكوليرا بشكل كبير، وذلك من خلال فتح مراكز العزل في مديريات العاصمة المؤقتة عدن واستقبال الحالات، وإجراء المعاينات اللازمة والضرورية لها.
وقالت المسؤولة الأممية، إيديم ووسورنو إنه “مع ارتفاع معدلات الغذاء وسوء التغذية والتفاقم السريع لتفشي وباء الكوليرا، يتعين علينا أن نكون قادرين على التحرك بسرعة لتقليل المعاناة ومنع المزيد من تدهور الظروف. إن الدعم النشط والموحد لأعضاء مجلس الأمن أمر بالغ الأهمية لتهيئة بيئة تمكينية لمساعدتنا في تنفيذ هذا العمل الحيوي.”
وحثت أعضاء المجلس، “بذل ما في وسعهم لتوفير التمويل المطلوب بشكل عاجل لبرنامج المساعدات في اليمن – لضمان رفاه الملايين من الناس ودعم الخطوات التي يتخذها المجتمع الإنساني لتحسين فعالية استجابتنا”.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة أعلنت في 7 ابريل/نيسان، في بيان، أن مستشفى منبه الريفي في صعدة ابلغ خلال الثلاثين يوما الماضية عن أكثر من 180 حالة مشتبه بها بحاجة للعلاج.
وقالت منظمة الهجرة الدولية: في حين أن الكوليرا متوطنة في اليمن وتؤثر على جميع السكان، فإن النازحين داخليًا والمهاجرين معرضون بشكل خاص للإصابة بالأمراض المعدية بسبب عدم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة وخدمات الرعاية الصحية؛ مما يزيد من خطر حدوثها وانتشارها وتأثيرها.
ويواجه اليمن عبئا مزدوجًا من الأمراض والنزاعات المسلحة، ويحتاج 17.8 مليون شخص في البلاد إلى المساعدة الصحية. ومن بين هذا العدد، 24% من النساء، اللاتي يحتجن إلى الوصول إلى خدمات طبية وصحية إنجابية متنوعة. ويمثل الأطفال 50% من المحتاجين، بما في ذلك 540000 طفل دون سن 5 سنوات يحتاجون إلى علاج منقذ للحياة من الهزال الشديد – 10% منهم يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفات طبية ويحتاجون إلى رعاية داخلية متخصصة للغاية.
وجاء وباء الكوليرا في المخاطر الراهنة باليمن، وفق بيان لمنظمة الصحة العالمية، بعد النزاعات المسلحة. وحذر البيان من ستة مخاطر ذات أولوية في اليمن تحتاج المساعدة: النزاع المسلح، والكوليرا، وحمى الضنك، والفيضانات والأعاصير، والملاريا، والحصبة.
التعليقات