كسر حصار تعز.. دموع الفرح تغلب جروح السنين
على مدى عشر سنوات، يقف هذا المواطن المسن على أطراف مدينة تعز محاصراً بأمل اللقاء مع أخته التي تفصلها عنه بضعة كيلومترات.. كانت تعز مغلقة في وجهه، محاطة بجدران من الحصار الحوثي الذي قطع أوصال المدينة وفرّق بين الأهل والأحباء. لم يكن هو وحده في معاناته؛ آلاف اليمنيين عاشوا نفس الألم، وتجرعوا مرارة الفراق والانفصال عن أحبائهم.
اليوم، بعد سنوات طويلة من الصمود والمعاناة، تحقق جزء من الحلم بفتح طريق الكمب القصر وكسر الحصار الجائر الذي فرضته المليشيا الحوثية على تعز.. وفي لحظة عاطفية غامرة عاشها هذا الرجل وهو يعبر الطريق ليحتضن أخته أخيراً.. لم يستطع أن يتمالك دموعه، فانهار باكياً من فرط الفرح وعدم تصديق حقيقة اللحظة التي طالما انتظرها.
الحصار الذي فرضته المليشيا الحوثية على تعز لم يكن مجرد حظر مادي على حركة الناس والبضائع، بل كان هجمة شرسة على الروابط الإنسانية والاجتماعية.. العائلات تفككت، والمرضى ماتوا وهم ينتظرون الدواء، والأطفال كبروا وهم يعانون قسوة الحياة ومرارة العيش في مدينة محاصرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكن هذه المدينة لم تكن ضعيفة او مستسلمة يوماً، فسكانها الشجعان صمدوا أمام كل التحديات، وتحملوا الألم والجوع، وواصلوا الحياة بروح التحدي، والمقاومون الأبطال من الجيش والمقاومة الشعبية لم يتوانوا عن تقديم أرواحهم فداءً للحرية والكرامة، وكل شبر من تعز شهد تضحيات عظيمة، وكل زقاق فيها حفظ أسماء الشهداء الذين رسموا بدمائهم طريق النصر.
كسر الحصار اليوم ليس مجرد فتح لطريق، بل هو انتصار للإنسانية على القسوة، وللحق على الباطل، وتعز اليوم تثبت أن مشروع الحياة أقوى من مشروع الموت، وأن إرادة الشعب قادرة على تحقيق المستحيل، وهذا الانتصار هو رسالة واضحة للمليشيا الحوثية وللعالم أجمع بأن تعز لن تركع، وستظل حصناً منيعاً أمام كل محاولات الإخضاع والتدمير.
ورغم هذا الإنجاز، فإن المعركة لم تنتهِ بعد، فالمقاومة مستمرة، والشعب اليمني لن يقبل بأي سلام مؤقت أو هش، لان السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بكسر شوكة الحوثيين وإجبارهم على التخلي عن مشروعهم الامامي الكهنوتي، وتعز اليوم أقوى وأكثر عزماً على مواصلة النضال لتحقق هذا الهدف.
كسر الحصار اليوم يجب أن يكون دافعاً قوياً للمجتمع الدولي لدعم اليمن في محنته، وعلى العالم أن يدرك أن رفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات هو خطوة أولى نحو السلام، ولكنها ليست كافية، في مقابل الضغط على الحوثيين للالتزام بالقرارات الدولية والتوقف عن استهداف المدنيين والمدن اليمنية والرضوخ للسلام.
لكن اليوم هو يوم فرح لأهالي تعز ولكل اليمنيين، لإنه يوم تتجدد فيه الأمل وتتوهج فيه روح المقاومة، وهو تتويجا لتضحيات الشهداء والجرحى، ، فاليوم كسرنا الحصار، وغداً نجتث الكهنوت ومخلفات الامامة ونبني وطن المستقبل.
التعليقات