الذكرى الـ9.. مجزرة العبر بين الوعود الزائفة والتجاهل المستمر
تحل الذكرى التاسعة لحادثة مجزرة العبر المروعة، والتي شهدت غارات جوية على معسكر اللواء 23 ميكا في منطقة العبر بحضرموت، نفذها طيران التحالف العربي وأدت إلى استشهاد عدد من القيادات العسكرية البارزة بينهم اللواء احمد يحيى غالب الابارة بالإضافة إلى عشرات الجنود الذين كانوا يستعدون لمواجهة الحوثيين في عدة جبهات.
ورغم مرور كل هذه السنوات، لا تزال وعود الحكومة والتحالف العربي بإجراء تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة حبراً على ورق فيما ينتظر أهالي الضحايا بارقة امل لمعرفة ما حدث لأقاربهم هناك.
وبدأت فصول المأساة حينما، استهدفت غارات لطيران التحالف العربي بثلاث غارات متتالية معسكر اللواء 23 ميكا في مغرب 20 رمضان الموافق7/7/2015 (لحظة تجمع الضباط والجنود للإفطار) مستهدفاً ثلاث نقاط حيوية داخل المعسكر الأولى مبنى المركز المتقدم لوزارة الدفاع التابعة للحكومة الشرعية والثانية كتيبة التسليح في المعسكر فيما استهدفت الغارة الثالثة كتيبة المجندين الجدد.
من خلال تسلل الغارات يرى مراقبون انها كانت متعمدة ومركزة إلا أن التحالف اعلن حينها أن الغارات التي شُنت على المعسكر كانت نتيجة لإحداثيات خاطئة وهو ما لم يكن منطقيا على الاطلاق "فأقرب نقطة تماس مع الحوثيين تبعد عن المعسكر المستهدف أكثر من 100 كيلومتر" يقول احد أقارب الضحايا.
عقب المجزرة خرجت الحكومة الشرعية لتطمين الأهالي بانها ماضية في اجراء تحقيق شفاف وعادل لكشف ملابسات الجريمة إلا أن تلك كانت وعود فضفاضة لامتصاص غضب الأهالي حينها، فرغم مرور 9 سنوات على الحادثة لا يزال الغموض يكتنف ملابسات اسباب الجريمة ومن يقف خلفها.
كان من بين الضحايا الذي سقطوا في المجزرة اكثر من 80 ضابطاً متمرساً في القتال ابرزهم اللواء احمد يحيى الابارة قائد اللواء ومؤسس النواة الأولى للجيش الوطني عقب انقلاب المليشيات الحوثية واستيلائها على السلطة في 2014.
يصف عبدالرقيب، وهو نجل اللواء الابارة، الذي شهد الضربة التي استهدفت المعسكر واستشهد فيها والده، يصف الجريمة بـ"المروعة".
ويضيف عبدالرقيب: "لم نكن ندرك أن تلك الليلة ستكون العشاء الأخير لوالدي، الذي كان من أبرز القادة في بناء الجيش الوطني الجديد. من المجحف أن ينتهي نضاله بتلك الطريقة وبنيران صديقة".
ويؤكد : "ضربة معسكر العبر، الذي استشهد فيها والدي، كانت مقدمة لضربات أخرى استهدفت الجيش الوطني، والكثير من رفاق الوالد، البعض منهم استشهد في الميدان، والبعض بضربات لطيران التحالف، والبعض تم تصفيتهم من خلال عمليات الاغتيال، وكان آخرهم اللواء محمد الجرادي".
تسع سنوات على الضربة وما يزال ملف استهداف معسكر العبر مغيبا، رغم تعهد التحالف والحكومة حينها بفتح ملف تحقيق في الحادثة، التي كانت مفتتح جرائم الضربات الجوية التي استهدفت الجيش الوطني في مختلف الجبهات والتي وُصفت بالخاطئة.
اللواء محسن خصروف، رئيس دائرة التوجيه المعنوي سابقاً، يقول في تصرحيات سابقة بأن التحالف العربي هو المسؤول عن حادثة قصف معسكر اللواء 23 ميكا.
وتابع: "يقال إن الطيران الإماراتي هو من نفذ هذه الضربة، وأن السعودية ستتولى التحقيق، بينما لا تتحرك طائرة من طيران التحالف في أي مهمة عسكرية إلا بأمر من غرفة العمليات المشتركة في الرياض".
وأوضح خصروف أن "غرفة العمليات الخاصة للتحالف تدير عمليات القوات الجوية والعمليات العسكرية، وفيها ضابط ارتباط أمريكي يكون على اتصال ومعرفة، ويعطي التوجيهات النهائية لأي عمليات عسكرية للتحالف".
واعتبر خصروف أن "جريمة معسكر العبر كان مخططا لها مسبقا، وسبق أن زار ضابط إماراتي المعسكر ووضع الإحداثيات اللازمة، ووضع كل ما يلزم، وغادر، ومن ثم جاء الطيران واستهدف المعسكر بثلاث غارات، قتل فيها قائد اللواء، العميد أحمد يحيى الأبارة، وعشرات الضباط ومئات الجنود".
ويرى مراقبون أن الغموض الذي يحيط بالقضية مصطنع، وأن الهدف من الاستهداف كان واضحاً والرسالة استوعبت من قبل كافة الكيانات المساندة للحكومة الشرعية وأن التحالف العربي يتحمل مسؤولية هذه الحادثة بوصفها "جريمة عمدية".
وبعد مرور تسع سنوات على المجزرة، يستمر أهالي الضحايا في المطالبة بتحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة، ومع تجاهل السلطات الشرعية لهذه المطالب يزداد الأهالي إصرارا على المضي قدما في تصعيد هذه القضية حتى تنكشف خيوطها.
كما تبقى قضية العبر مثالاً صارخاً على التحديات التي تواجهها العدالة في ظل النزاعات المسلحة، وأهمية تحقيق الشفافية والمساءلة لضمان حقوق الضحايا وعائلاتهم.
التعليقات