مجلة أمريكية: الضربات الأمريكية على الحوثيين.. مسرحية مكشوفة تحاول تعزيز سلطة الحوثيين
كشفت تقارير حديثة أن الضربات الجوية الأمريكية التي تستهدف الحوثيين في اليمن قد تكون مجرد مسرحية سياسية تخدم مصالح الجماعة بدلاً من إضعافها. وفقًا لتحليل نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، يشير الباحث آشر أوركابي من جامعة هارفارد إلى أن التصعيد العسكري الحوثي الأخير يتماشى بشكل متسق مع الضربات الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول تنسيق محتمل أو معرفة مسبقة من جانب الحوثيين.
خلال الشهر الماضي، صعّد الحوثيون من هجماتهم على الشحن البحري في البحر الأحمر، وشنوا هجمات بطائرات بدون طيار على إسرائيل، واعتقلوا أكثر من خمسين يمنيًا يعملون مع منظمات أجنبية. هذه الأفعال، التي جاءت ردًا على أزمة مالية ناجمة عن إغلاق البنك المركزي في صنعاء، زادت من حدة التوترات في المنطقة، حسب ما أفاد أوركابي في تحليله.
تعد هذه الهجمات ردود فعل متوقعة ومبررة للحوثيين، مما يعزز الدعم الشعبي ضد الحكومة الشرعية. فقد أشار أوركابي إلى أن التراجع السعودي عن دعم البنك المركزي في صنعاء أُعتبر تخليًا عن آخر شكل من أشكال النفوذ على الحوثيين، مما دفع الجماعة للتحول بشكل كامل نحو إيران لضمان استقرارهم المالي.
من جهة أخرى، ساهمت الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية في تضخيم الشعور بالقدرة الذاتية لدى الحوثيين في الشؤون الإقليمية. وما كان في السابق شعارًا فارغًا "الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!" أصبح سياسة قابلة للتنفيذ. ورغم الحملة الجوية المستمرة منذ 2015، فإن الحوثيين يدركون جيدًا عدم جدوى الحملات الجوية في ظل تضاريس اليمن الصعبة التي صمدت أمام قرون من الحروب.
النتائج الفعلية لهذه الضربات لم تؤدِ إلى إضعاف الحوثيين، بل عززت من شرعيتهم الداخلية وعزلتهم عن المجتمع الدولي. وهو ما يدعم فكرة أن الضربات قد تكون مخططًا لها لإعطاء الحوثيين مبررًا لتصعيد النزاع وكسب المزيد من الدعم الشعبي.
ومع استمرار الصراع، يبدو أن الحل لن يأتي من الجهات الخارجية التي تحاول فرض نماذج معينة، بل من خلال الجماعات اليمنية نفسها. وفي ظل هذه الظروف، قد تستمر الضربات الجوية في خدمة الحوثيين بدلاً من إضعافهم، مما يستدعي إعادة النظر في الاستراتيجيات الدولية المتبعة تجاه الأزمة اليمنية.
بهذه الطريقة، تصبح الضربات الجوية الأمريكية ليست إلا جزءًا من مسرحية سياسية تزيد من تعقيد الأزمة، وتعزز من موقف الحوثيين في اليمن بدلاً من تقييدهم.
التعليقات