ما وراءها.. مخاطر التعديلات الجذرية التي أجرتها مليشيا الحوثي على قانون السلطة القضائية
تسعى مليشيا الحوثي إلى إدخال تعديلات خطيرة على قانون السلطة القضائية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في خطوة تهدف إلى فرض هيمنتها الكاملة على القضاء.
اقرأ أيضاً: "مذبحة قضائية".. نادي قضاة اليمن يخرج عن صمته ويصدر بيان ناري ويدعو لمواجهة المليشيات
هذه التعديلات لا تعد فقط انتهاكا للدستور اليمني، بل تقوّض مبدأ فصل السلطات، وهو ما يهدد استقلالية المؤسسة القضائية، ويحوّلها إلى أداة بيد مليشيا الحوثي لتنفيذ أجندتها الطائفية.
هذه التعديلات لا تعد فقط انتهاكا للدستور اليمني، بل تقوّض مبدأ فصل السلطات، وهو ما يهدد استقلالية المؤسسة القضائية، ويحوّلها إلى أداة بيد مليشيا الحوثي لتنفيذ أجندتها الطائفية.
تعطي التعديلات لسلطة الحوثيين إمكانية تعيين قضاة من خارج السلك القضائي، مستبدلين المؤهلات القانونية بمقاييس الولاء العقائدي من عناصر المليشيا غير المؤهلة، ما يمنح هذه المليشيا سيطرة أكبر على هذه التعيينات، ويفسح المجال لعناصر طائفية.
ومن بنود القرار حرمان السكان الواقعين تحت سيطرة
المليشيا من حق الدفاع عن النفس، وحرية المحامين في الترافع، كما تمنح القضاة الفاسدين سلطة توقيف أي محامٍ ومنعه من الترافع، وهو انتهاك صارخ لقانون المُحاماة، وإهدار لحقوق المتقاضين.
- انقلاب
يقول المحامي والناشط الحقوقي عمر الحميري: "هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها مليشيا الحوثي بالتعدي على استقلال القضاء، فهي دائما ما تقوم بالانتهاكات، التي كانت تحاول خداع الجمهور بأنها تقوم بعزل الكثير من القضاة، وتعيين قضاة آخرين، وإدخال الكثير من العناصر الموالية لها في السلك القضائي تحت مسميات مختلفة".
وأضاف: "مليشيا الحوثي قامت بإدخال عناصرها للقضاء، سواء من خلال تعيينات من موظفي السلطة القضائية، وتعيينهم قضاة دون حصولهم على درجه قضائية، أو شهادة من معهد القضاء الأعلى، وغيرها من الحيل التي كانت تنتهجها خلال الفترة الماضية".
وتابع: "في هذه المرحلة، صرَّحت المليشيا بانقلابها على السلطة القضائية، وعلى المبادئ الدستورية التي جاءت الجمهورية اليمنية تكرِّسها".
وأردف: "كان هناك تطوّر تاريخي ومتدرِّج في سبيل استقلال القضاء، والفصل بين السلطات، حتى إن مليشيا الحوثي، أثناء مرحلة مؤتمر الحوار الوطني، كانت من أشد المطالبين باستقلال القضاء، وكانت الأصوات، التي تحاول
خداع الجمهور وتقديم هذه الجماعة الفاشية الطائفية نفسها بأنها مدنية وتحترم الحقوق والحريات وتحترم الدستور".
وزاد: "مليشيا الحوثي كانت تنادي بالكثير من المبادئ الشفافة، التي تتفق مع الدستور اليمني، ولكن عندما سيطرت على الحكم أظهرت حقيقتها، وقامت بانقلابات مدوِّية على كل الثوابت الدستورية، واليوم نحن أمام انقلاب على استقلال القضاء".
وبيّن: "استقلال القضاء يعني حماية الضامن الحقيقي والوحيد والأخير للمواطن اليمني، حماية حرياته، وحقوقه وممتلكاته وأرواحه ودمائه وأمواله، وبالتالي فإن القضاء هو المعوّل عليه دائما وأبدا، وهو الملجأ الأخير لكل مظلوم".
وأضاف: "مليشيا الحوثي أرادت أن تستأثر بالنصيب الكامل، وإدخال أعضاء من جماعتها المليشياوية ممن لا يمتلكون أي مؤهلات، ولم يحصلوا على تأهيل قضائي، بتعيينهم قضاة تحت مسميات مختلفة، تارة قضاة صلح، وتارة بتعيينهم على أنهم من ذوي الحاصلين على شهائد من حسن السيرة والسلوك، وغيرها من المسميات بقصد الاستئثار بكافة مقاعد السلطة القضائية".
وتابع: "لم تكتفِ هذه المليشيا بأنها، خلال العشر السنوات الماضية من تاريخ الانقلاب، استأثرت بكافة مقاعد معهد القضاء، وقامت بالزج بالكثير من عناصرها الذين لا يحملون المؤهلات الأولية الكافية للالتحاق بمعهد القضاء".
وأردف: "هناك الكثير من الممارسات، التي كانت ظاهرة، واليوم هناك انقلاب حقيقي وكبير، حيث انتزع استقلال القضاء، وأصبحت الصلاحيات لشخصيات وهمية، وربما هو أشبه بحذاء وقفاز يستخدمه عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة".
وزاد: "القانون الحوثي، اليوم، يسمح لرئيس السلطة التنفيذية التابعة للحوثي، الذي لا ينتمي للسلطة القضائية، والذي لا يحق له التدخل في مثل هذه القرارات، بتعيين قضاة من غير الحاصلين على شهادة في القانون، ومن غير الحاصلين على كفاءة وخبرة قانونية كافية؛ فقط لأن لديهم شهادة حسن سيرة وسلوك".
وقال: "هذا القانون مرره مجلس النواب، الذي لا يملك أي مشروعية، والذي معظم أعضائه لا يمتلكون ولا يشترط القانون أن يكون لديهم شهادة حتى ثانوية عامة!".
- العبث بالقانون
تقول الأمينة العامة والقائمة بأعمال رئيس نادي قضاة اليمن، الدكتورة رواء مجاهد: "بالنسبة لمسمى التعديل القانوني، الذي جاءت به السلطات المسيطرة في صنعاء، وجدنا أن الوسط القانوني والقضائي قد صعق بمسمى هذا التعديل، وقدمت الجماعة مبررات واهية وعقيمة".
وأضافت: "المطالع لهذه المبررات يصطدم ابتداء بكمية الفجاجة والتطاول على السلطة القضائية ومنتسبيها، خطاب استعلائي، هذا إن دل على شيء فهو يدل ابتداء على أنه في نقص وتضاؤل فيهم، ويريدون من اللعبة القانونية هذه تجيير القضاء لمصلحة سياسية، لا لمصلحة العدالة، ولا لمصلحة المواطن".
وتابعت: "مليشيا الحوثي تريد أن تعبث بالقانون بحُجة المصلحة العامة، وهذا أمر ظاهره الرحمة وباطنه العذاب".
وأوضحت: "القصد الأساس من كل هذه التعديلات، التي أوردوها، هو تعديل نص المادة 57، التي من خلالها يحق لهم أنهم يدخلوا في القضاء من يشاءون حسب أهوائهم وأمزجتهم وسياساتهم".
- الضرر سيلحق بالمواطن
يقول المحامي ووكيل وزارة العدل، فيصل المجيدي: "خطورة مثل هذه التعديلات بقانون السلطة القضائية، وهو في كثير الدول يرقى إلى مستوى ما يسمى بالقوانين الأساسية المرتبطة بالدستور، باعتباره يعالج أوضاع سلطة مثلها مثل السلطة التنفيذية، مثل السلطة التشريعية".
وأضاف: "السلطة القضائية يفترض أنها تشرف أيضا على تطبيق القانون، ومكافحة الفساد، وضمان الحقوق والحريات للشعب اليمني".
وتابع: "هذا القانون، وهذا الضرر، لن يلحق فقط بمنتسبي هذه السلطة، لكنه أيضا سيلحق بشكل مباشر بالمواطن، إذا ما رأت الجماعة مثلا عبر قضاتها الذين سيعيَّنون بأن هناك من يخالف أو يرفض دعوى عبد الملك الحوثي السلالية العنصرية فإنه سيذهب إلى المقصلة، وحتى المحايد".
وقال: "رأينا كثيرا من قرارات هذه السلطة الغاشمة والعصابة كيف ذهبت بقرارات إعدام أناس أبرياء لم يثبت عليهم شيء، سوى أنهم رافضون لهذا الحكم، ولهذه الأيديولوجية".
التعليقات