يفرون إلى الكهوف والتعسكر تحت الأرض: تحقيق يستعرض أهم ومواقع القواعد العسكرية السرية للحوثيين (صور)
ديفانس لاين خاص - وحدة التحقيقات
| زعيم الجماعة يوجه ببناء آلاف الملاجئ والغرف المحصنة ويخشى مصير قادة حزب الله وينتقد بناء الأبراج والعمارات الكبيرة..
من مخبأ محصن تحت الأرض في المرتفعات الجبلية الوعرة شمالي اليمن تحدث زعيم جماعة الحوثيين عن الملاجئ والغرف المحصنة والمخابئ تحت الأرض كإحدى أهم ركائز القوة في مسألة الدفاع عن النفس، معبرا عن انبهاره بأن إسرائيل اهتمت ببناء الملاجئ والغرف المحصنة لأنها تريد تأمين نفسها في الوقت الذي تستهدف "به شعوب أمتنا"، مبديا امتعاضه الشديد لاهتمام البلدان العربية ببناء الأبراج السكنية العالية والبنايات الضخمة التي يأتي "العدوان" فيسقطها بثلاث أو أربع قنابل وقتل جميع ساكنيها.
عبدالملك الحوثي في خطبته الأسبوعية "المسجلة مسبقا" الذي اعتاد الظهور من خلالها للحديث إلى عناصر وأنصار الجماعة المصنفة على لوائح الإرهاب، وللمواطنين الذين يتم اقتيادهم مكرهين كل يوم خميس للجلوس أمام الشاشات لتلقي وتلقين "كلمة السيد" الفائحة بالملل والنصوص المكرورة، هو في الواقع يعبر عن وجعه لمقتل زعيم حزب الله، ذرع إيران في ضاحية جنوب لبنان وكبار قادة الحزب في هجمات إسرائيلية استهدفت مقراتهم القيادية، وتهاوي قلاع حلفاء طهران في سوريا.
لا يستطيع تغطية الخوف العميق الذي يفتك به وجماعته، وخشيته من مصير كمصير حسن نصر الله الذي كان له المعلم والمرجعية. إنه بوضوح يحث جماعته لتوجيه مزيد من الاستثمارات والمجهودات لتطوير بنى عسكرية تحت الأرض تعتبرها الجماعة أولوية قصوى في عقيدتها القتالية وحروبها الطويلة، كحركة تمرد مسلح قامت على أسلوب التخفي وقتال العصابات والاحتماء بالجبال الحصينة.
مثلت الهدنة الأممية الهشة فرصة ذهبية أمام الحوثيين لينصرفوا نحو تطوير قدراتهم العسكرية وبناء منشئات ومرافق مؤمنة وحفر أنفاق ومغارات في المناطق الجبلية الخاضعة لسيطرتهم، لتوفير ملاذات آمنة لقيادة الجماعة وأنشطتها وتخزين الأسلحة والذخائر النوعية وتأمين مراكز التصنيع الحربي وورش تجميع الصواريخ والطائرات غير المأهولة، في إطار استعدادات الجماعة لحروب طويلة الأمد، وتحسبا لهجمات متوقعة ضد الجماعة.
تستفيد الحوثية من عقيدتها المتراكمة كحركة تمرد مسلحة ترتكز على حروب العصابات وقتال الجبال، إلى جانب تقليد أساليب إيران والجماعات التابعة لها، وقد ساهم خبراء الحرس الثوري وحزب الله في تأمين تحصينات حوثية.
فمنذ عام استنفرت الجماعة جهدها في إعادة تعبئة قدراتها وقواتها ومخابئ قادتها، وأجرت تحديثات شاملة لأنظمة الأمن والاحترازات وتكتيكات الانتشار والتوزيع، وآليات تمركز القيادة والعمليات، هروبا من الهجمات الأمريكية البريطانية، وكذلك الهجمات الاسرائيلية، التي تستهدف الجماعة منذ يناير الماضي، على خلفية استهداف الجماعة للسفن التجارية والمعدات الحربية في البحر الأحمر وخليج عدن وفي البحر العربي تحت شعار نصرة غزة والأقصى.
قبل ذلك، تمكنت الجماعة من بناء مرافق حصينة تحت الأرض وأسفل الجبال في المناطق الوعرة لتجنب الغارات الجوية لمقاتلات "عاصفة الحزم، إعادة الأمل" التي أطلقتها دول التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية في 26 مارس 2015 بقيادة السعودية والإمارات، إذ نجحت الجماعة تخبئة بعض الأسلحة والذخائر الاستراتيجية التي استولت عليها من مخازن الجيش اليمني وتلك التقنيات والقطع المتطورة التي تدفقت إليها من إيران.
استمرار تدفق التقنيات الحربية عبر خطوط تهريب بحرية وبرية ساعد الحوثيين في تطوير قدراتهم الصاروخية ومنظومة الدفاع الجوي والطائرات المسيرة.
تستفيد الحوثية من عقيدتها المتراكمة كحركة تمرد مسلحة ترتكز على حروب العصابات وقتال الجبال، إلى جانب تقليد أساليب إيران والجماعات التابعة لها، وقد ساهم خبراء الحرس الثوري وحزب الله في تأمين تحصينات حوثية.
وقامت بتوزيع القواعد العسكرية على مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، مع التركيز على محافظة صعدة بدرجة رئيسية، والمحافظات الجبلية المجاورة، عمران وحجة، لتحديث وبناء قواعد سرية كبيرة وشبكات كثيرة من الطرق، ثم العاصمة صنعاء والمرتفعات المحيطة بها، وكذلك محافظة الحديدة والمرتفعات الغربية المطلة على البحر الأحمر.
قواعد ومخابئ في الجبال الشمالية
تظهر صور الأقمار الصناعية وجوجل إرث قيام الجماعة بإنشاء عشرات من القواعد الرئيسية والفرعية في جبال صعدة والسلسة الجبلية المجاورة في عمران وحجة والجوف، وحفر مغارات تحت الأرض لتخزين الأسلحة والمعدات والوقود والأموال وقواعد لتخبئة واطلاق الصواريخ ومنصات للذخائر الجوية والطائرات المسيرة ومراكز لمنظومات المراقبة والاستطلاع، والقيادة والسيطرة وملاجئ للخبراء والمستشارين الأجانب.
حيث تبين نتائج تحليل الصور التي أجراها فريق "defense liney" وجود أعمال انشائية واسعة في مدينة صعدة ومديريات الصفراء وسحار وحيدان وساقين والبقع وكتاف.
وكانت تلك الجغرافيا الاستراتيجية مسرحا لعدد غير قليل من الضربات الجوية الأمريكية البريطانية.
بعض غارات قاذفة "الشبح" الأمريكية التي استهدفت منشئات تحت الأرض، يوم 17 أكتوبر، وقعت في قاعدتين للحوثيين بصعدة.
في محافظة الجوف، تبين صور جوجل إرث ومصادر الاستخبارات المفتوحة التي قام فريق "ديفانس لاين" بتحليلها، وجود منشئات عسكرية حوثية واستحداثات مستمرة في المرتفعات الجبلية بالمحافظة، وتتركز في السلاسل الجبلية في مديريات الزاهر والحميدات المحاذية لحرف سفيان عمران، ومديرية خراب المراشي التي تربط بين الجوف وعمران وصعدة، وكذلك مديرية رجوزة الجبلية التي تشهد نشاطات عسكرية حوثية مكثفة، وصولا إلى مديرية برط العنان الحدودية مع صعدة، وفيها تقع أعلى جبال الجوف، وهي ذات أهمية للحوثيين لقربها من صعدة وتضاريسها الوعرة.
تلك السلاسل الجبلية كانت هدفا لغارات أمريكية بريطانية خلال الأشهر الماضية.
في محافظة حجة، تتركز المنشئات والمخابئ الحوثية في المديريات الغربية عبس وميدي وحيران المطلة على البحر الأحمر، امتدادا إلى حرض الحدودية مع السعودية.
وتكشف المعلومات وصور الأقمار الصناعية عن تركيز جهود الحوثية لبناء قواعد عسكرية تحت الأرض وفي الجبال، وحفر شبكة واسعة من الأنفاق والملاجئ في الجغرافيا الساحلية في عبس وميدي ومخابئ للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والزوارق البحرية ومراكز أنظمة الرادار ونقاط المراقبة، وإنشاء ورش لتجميع وتصنيع المعدات الحربية في مزارع الجر بعبس. ومراكز مراقبة واستطلاع في حرض، ومثلها منصات إطلاق صواريخ وطائرات غير مأهولة ومنظومات دفاع جوي.
في محافظة عمران، تشير المعلومات ونتائج تحليل صور الأقمار الصناعية إلى وجود استحداثات وانشاءات حوثية في أعتى جبال المحافظة، خصوصا في مديرية حرف سفيان، أكبر المديريات جغرافيا وأهمها استراتيجيا كونها البوابة الجنوبية لصعدة وتقع على الحدود مع مديريات الجوف وحجة.
تقع في سفيان قواعد عسكرية قديمة ومقار عسكرية، ومنها تمر الطرق الرئيسية الرابطة بين صنعاء وعمران وصعدة والجوف.
وقد كشف تحقيق سابق أجراه فريق "ديفانس لاين" عن قاعدة عسكرية حوثية جديدة في منطقة "الحيرة" غربي مدينة حرف سفيان، تعتبر إحدى أهم قواعد الصواريخ والطائرات المسيرة.
تلك القاعدة التي بناها الحوثيون منذ ما بعد عام 2022، كانت هدفا لغارات أمريكية بريطانية في نوفمبر الماضي.
صنعاء مخزن أسلحة ومغارات
في العاصمة صنعاء والمرتفعات الجبلية المحيطة بها التابعة لمحافظة صنعاء تقع ثاني أكبر مجمعات للقواعد العسكرية الحوثية، إذ لا تتوقف أنشطة الحوثيين في إنشاء قواعد عسكرية جديدة ومخابئ تحت الأرض وأنفاق وتحصينات أسفل الجبال التي تطوق العاصمة، وتحديث منشئات عسكرية قديمة مدفونة ومحصنة بالخرسانة الأسمنتية بنيت في عهد على عبدالله صالح..
إذ تستفيد الجماعة من التضاريس والمقومات المواتية، وتستغل البنى التحتية العسكرية ومقار ومخازن الجيش اليمني التي وضعت يدها عليها في حروبها وفي التجنيد والتعبئة الطائفية وإدارة عملياتها داخل وخارج حدود اليمن.
توضح صور الأقمار الصناعية وصور جوجل إرث والمصادر المفتوحة التي حللها فريق "ديفانس لاين" قيام الجماعة بإعادة تأهيل مخازن أسلحة تحت الأرض قديمة في معسكر الحفا والمعسكرات في جبال نقم شرقي العاصمة، واستحداث مخابئ وتحصينات جديدة واسعة في سلسلة جبال نقم.
وتفيد المعلومات عن محاولة الحوثيين إعادة تشغيل مخازن الصواريخ القديمة المخبئة في أنفاق محصنة في جبال عطان، حيث كانت تتمركز ألوية الصواريخ سابقا وتم فيها تخبئة الصواريخ الباليستية والمجنحة.
وكانت مصادر أمنية أفادت لـ"ديفانس لاين" في وقت سابق عن قيام الحوثيين بأعمال حفر واسعة في الجبال الشرقية للعاصمة صنعاء للبحث عن مخازن سلاح وذخائر قديمة وبناء تحصينات وأنفاق جديدة.
كما توضح صور الأقمار الصناعية قيام الحوثيين بانشاءات واستحداثات كثيفة وشق طرقات جديدة في مواقع بقاعدة عسكرية بمنطقة جربان شمال العاصمة، وفي منطقة ضلاع همدان إلى الشمال الغربي، حيث يقع فيها عدة معسكرات سابقة وحديثة ومنطقة الكسارات ومغارات واسعة تستخدمها الجماعة لعمليات عسكرية.
البيضاء ومأرب
إلى الشرق، استحدث الحوثيون منشئات عسكرية في محافظة البيضاء ونشروا قواعد ومنصات إطلاق صواريخ وطائرات تجاه البحر العربي.
فيما توضح المعلومات الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية تكثيف الجماعة بناء الأنفاق والتحصينات وشق طرقات في مرتفعات مأرب خصوصا في سلسلة جبال هيلان الاستراتيجية، وحفر شبكة أنفاق وتحصينات في خطوط المواجهات.
عسكرة الحديدة والمرتفعات الغربية
في محافظة الحديدة، الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر، وجهت جماعة الحوثي جزء غير قليل من جهدها لبناء مرافق وقواعد عسكرية جديدة في سهول تهامة وفي الجزر البحرية والموانئ بمدينة الحديدة والصليف.
إذ أنشأت الجماعة شبكة واسعة من الأنفاق والمغارات تحت الأرض على طريقة حماس والجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله في ضاحية بيروت، وتطوير مخازن محصنة لإيواء وتخبئة السلاح والذخائر البحرية المتطورة، ومراكز تصنيع الألغام البحرية والزوارق المفخخة وورش تجميع صواريخ أرض بحر وأرض جو والقذائف المضادة للسفن، وتطوير مخابئ مدفونة للقيادة والتوجيه ومرابض منصات الاطلاق والرادارات.
وكان تحقيق سابق أجراه فريق "ديفانس لاين" قد كشف عن قيام الجماعة بأنشطة حفر ملاجئ وأنفاق داخل مطار الحديدة وقاعدة الحديدة الجوية ومحاولة إعادة تأهيل وتشغيل مدرج المطار واستخدامه لأعمال عسكرية.
فيما كانت مصادر أمنية كشفت في وقت سابق عن قيام الجماعة بحفر أنفاق في المرتفعات الجبلية الشرقية لمدينة الحديدة لتخزين الأسلحة الفتاكة وملاجئ مدفونة.
وتظهر صور الأقمار الصناعية قيام باستحداثات وانشاءات وشق طرقات في الجبال الغربية لمحافظتي ريمة وذمار وإب وتعز المطلة على البحر الأحمر.
وفي تلك المناطق الاستراتيجية قامت الجماعة بنشر منصات ثابتة ومتنقلة لإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة ومنظومات المراقبة الكهروبصرية وأنظمة دفاع جوي ومعدات الحرب الالكترونية والاستطلاع.
التعليقات