خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
سوريا الجديدة
في المناطق المحررّة من سوريا وفي مخيمات النزوح السوري داخل سوريا وفي اراضي تركيا المتاخمة لسوريا, نشأ جيل جديد من شباب سوريا, الذين لا يعرفون الهزائم والانكسارات التي عرفها أباؤهم وأجدادهم منذ ستينات القرن الماضي, وهم الذين كانوا وقود الفتح المبين وقد تمكنوا من فتح المدن السورية وسقط منهم شهداء وجرحى, هذه تذكّرنا بقصة التيه لبني إسرائيل في صحراء سيناء والتي استمرّت لمدة اربعين عاما, وكانت سبب ذلك التيه, عقوبة الرب للآباء من جهة, وحتى يولد جيل جديد لبني يعقوب لايعرفون المعصية التي عرفها ومارسها آباؤهم من سابق ومن قبل عقوبة سنوات التيه, وبالتالي يكون بمقدور ذلك الجيل الذي نشأ بعد أربعيم سنة من التيه, طاعة الرب, وقادر على تحمل الأمانة الموكلة إليه ومؤهلا لتنفيذ تلك الطاعة.
وقد مثّل الاجتياح لهؤلاء الشباب السوريين في قوات العمليات المشتركة بقيادة هيئة تحرير الشام لكافة مدن سوريا ابتداء بحلب وما بعدها والذي توّج بدخول قوات الثورة الى العاصمة السورية دمشق في الثامن من ديسمبر للعام 2024, مثّل مفاجأة من العيار الثقيل لكل المراقبين والمتابعين للمشهد السوري, والذي صاحبه الإنهيارات المتسارعة لجيش بشّار الأسد ولمرتزقة إيران وانسحاب جحافل القوات الروسية من معظم اراضي سوريا.
بدخول تلك الفتية الى المدن المختلفة من سوريا فقد أعادوا إليها وجهها المشرق لتعود دمشق مرة أخرى في عالمنا العربي والإسلامي كحاضرة للسيادة والريادة والعلم والإيمان, بعد أن جرى تغييب ذلك الدور الوضّأء لها لعقود طويلة منذ الانتداب الفرنسي, ومن بعده سلسلة الإنقلابات العسكرية التي جثمت على صدر سوريا, والذي توّج بانقلاب سيء الذكر حافظ الأسد على الحكم في سوريا وابتداء تاريخ أسود لسلطة عائلة الأسد الظالمة الباغية المعتدية والذي امتد لاكثر من خمسين سنة, والتي انتهى بخروج بشّار الاسد وعائلته وزبانيته من أسوأ أبواب التاريخ وأكثرها اسودادا وظلاما.
وعندما أنشد المنشد ماجد الخالدي أنشودة بعنوان بنو أمية أصلهم ذهب قبل عمليات ردع العدوان بعدة أشهر, لم يكن ذلك الإنشاد من فراغ بل كان يرسل من خلاله رسائل ذات مغزى وتهديد مبطن, أن الأمويين قادمون لإعادة حكم دمشق, بالرغم من عمليات السخرية والاستهزاء بتلك الانشودة والذي نشرها كثير من الشيعة أزلام ايران, إلا إنّ ماجد وهو أحد شباب سوريا المهجرين وألذين أبعدوا من ديارهم ظلما وعدوانا, عاد مع جحافل الشباب الفاتحين في عمليات ردع العدوان والفتح المبين وقد وجدناه يعيد إنشادها من داخل ساحة الأمويين في دمشق حاضرة الشام.
استطاعت قيادة هيئة تحرير الشام مع حلفائها من المكونات العسكرية الاخرى المحسوبة على الثورة السورية مثل الجيش الحر والجبهة الشامية وجيش العزة وغيرهم, استطاع كل هؤلاء قراءة صحيحة للمشهد السوري وللمشهد الإقليمي والدولي, وفي الوقت المناسب تم اتخاذ قرار الاجتياح الشبابي للمدن السورية وبالتالي تحرير سوريا من قبضة نظام الأسد الذي امتد لقرابة خمسين سنة, بعد إعداد طويل للعملية العسكرية وتنفيذ خاطف لهاو والتي سميت برد العدوان, وهذه التسمية إحدى عمليات التضليل الإستراتيجي التي اتخذته قيادة هيئة تحرير الشام بقيادة احمد الشرع وحلفائه, وكانت تخفي تحتها نيتها المسبقة لاجتياح المدن السورية كلها, وكان لها ما ارادت بتوفيق من الله وفضل بعد الأخذ بكل الأسباب المفضية لذلك الإنتصار الكبير والفتح المبين .
استثمر الشباب السوري حالة السيولة في المشهد الإقليمي وفي الشام وتخومه على وجه الخصوص وما حول سوريا, وبعد عمليات طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر 2023 , وما أحدثته من زلزال في المنطقة العربية, وما تلا ذلك من انكسار لأزلام ومرتزقة إيران في لبنان والعراق واخيرا في سوريا, وكذلك حالة الوهن والارتباك الروسي من جراء حرب اوكرانيا, كل ذلك ولّد فراغا في الساحة السورية أمكن ملؤه بأحرار الشام وفي لحظة خاطفة وعاصفة وبإسناد تركي لايخفي على اي مراقب.
واليوم تقف الإدارة الإنتقالية الجديدة بقيادة احمد الشرع في دمشق أمام مسئوليات جسام وهي ترث أعباء وأثقال مظالم عمرها أكثر من خمسين سنة من عمر الشعب السوري مارست فيها عائلة الأسد مع أعوانها من الطائفة العلوية ومن أشياعها من مرتزقة إيران القادمين من لبنان ( حزب اللات) ومن العراق (الحشد الشعبي) ومن مرتزقة روافض من أفغانستان وباكستان ومن اليمن (الحوثيين) أبشع أنواع الجرائم والإرهاب والظلم والتي لاتعرف البشرية لها مثيلا.
تلك التحديات الجسام التي تقف أمام الإدارة السورية في دمشق اليوم تتطلّب قدرا من الحزم والحكمة والروية والتعامل معها بعمق استراتيجي وفهم حيوي يؤمن من خلالها مقاربة تحفظ للشعب السورية كرامته وحريته ووحدة أراضيه وحقه في تقرير مصيره, وكذلك الاقتصاص من المجرمين شبيحة الاسد, الذين سفكوا دماء السوريين فأضحوا بين مقتول ومفقود ومغيّب تجاوز المليون ضحية.
الإدارة السورية الجديدة التي ورثت هذه التركة المثقلة بالآلام والأوجاع والأسقام من النظام البائد, ستحتاج لسنوات من أجل تضميد جراحات السوريين وجبر كسرهم ومواساتهم وتطييب خواطرهم, وتوفير التعويضات المجزية في حقهم وحق ضحاياهم, كذلك بعض التقديرات تفيد أن سوريا بحاجة الى حوالي خمسمائة مليار دولار لإعادة إعمارها بعد ذلك الدمار الشديد الذي أصاب البنية التحتية في معظم مدنها وأريافها.
لكن بالرغم من تلك الجراحات والآلام السورية إلا إنّ هذا الزلزال السوري والفتح المبين, نزل بردا وسلاما على الشعوب العربية والإسلامية, وأصاب محور إيران ووكلائها في المنطقة العربية وما يطلقون عنه زورا وبهتانا بمحور الممانعة في مقتل, وأرجع مشروعها التدميري والتوسعي في منطقتنا خمسين سنة الى الوراء, والى جانب رغبة ايران في التوسع على حساب مصالح العرب الوطنية وأمنها القومي, فقد كانت تستهدف مقاومة الشعوب العربية وحقها في تقرير مصيرها واختيار حكامها وإخراجها من معادلة المواجهة مع المشروع الصهيوني في موقف متخادم بامتياز مع الصهاينة في المنطقة, وأثبتت إيران ومن معها من المرتزقة أنّهم يقفون باستمرار في الموقف الخطأ من التاريخ زمانا ومكانا, وسيكون للزلزال السوري أرتدادات كثيرة وكبيرة في المنطقة العربية وستظهر آثاره طال الزمن أم قصر.

المشهد الإقليمي والدولي بكافة تداعياته وسيولته ما زال قائما, والفراغ الذي خلّفة انكسار إيران وأزلامها في المنطقة مستمرا, فهل تستطيع السلطة الشرعية في اليمن وصنّاع القرار في دول التحالف العربي وعلى رأس هؤلاء المملكة العربية السعودية التقاط اللحظة السانحة في ظل انكسار حلف إيران وازلامها وتراجع أطماع روسيا في المنطقة العربية, في ظل انشغالها بحرب ومستنقع أوكرانيا, التقاط زمام المبادرة, وبالتالي تنفيذ عمليات خاطفة لكنس الحوثيين وإنهاء بؤرهم العفنة خلف الحد الجنوبي للسعودية, وحسم الصراع العسكري معهم, وبالتالي تطهير المناطق اليمنية التي يحتلونها كتلك التي شهدتها مدن وبلدات سوريا, وأثمرت الفتح المبين حتى يتنفّس اليمنيون وشعوب دول الخليج العربي وبقية الشعوب العربية الصعداء.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.