خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
اليمن وحقبة "ترمب" الجديدة
لا بُد أن العالم كله سيكون على موعدٍ مع رحلة صعبة مع الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب)، خلال فترته الرئاسية الثانية، فالرجل أطلق -حتى قبل تنصيبه- جملةً من التحديات، وعلى الجميع داخل الولايات المتحدة وخارجها الاستعداد لمواجهتها.

صرّح (ترمب)، ولم يلمح، بضم كندا، وهي ثاني أكبر دولة في العالم من حيث المساحة؛ لتصبح الولاية الواحدة والخمسين للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بضم جزيرة "غرينلاند" وهي إقليم ذاتي يتمتع بصلاحيات ذاتية واسعة النطاق في القطب الشمالي، كما هدد باستعادة مضيق "بنما"، وغير ذلك من الأمور المثيرة للجدل.

أحلام "ترمب" -المعلنة قبل أدائه اليمين الدستورية زعيماً لأكبر قوة عالمية- لا تبعث على القلق فقط، بل توحي بخطرٍ حقيقي على توازنات السياسة الدولية المختلة أصلاً منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

فإلى أين يريد الرجل بأحلامه أن يصل؟ لا نعلم على وجه التحديد إلى أين، لكن المؤكد أنه سوف يذهب بطموحاته إلى أبعد مدى يمكنه الوصول إليه.

الواضح بجلاء أنه لا حل جذري لأيٍ من أزمات الشرق الأوسط خلال رئاسته المقبلة للولايات المتحدة، بل قد يدخل معظم تلك الأزمات في تعقيدات جديدة، أو في تسويات معقدة في أحسن حال، لا تقتلع أسبابها وجذورها.

في ما يتعلق باليمن، ربما يكون من الأنسب لحكومته "الشرعية" الحفاظ على ما يمكن اعتباره "شعرة معاوية" في العلاقة مع واشنطن للإبقاء على موقفها الداعم لمبدأ الذهاب إلى حل سياسي للنزاع اليمني.

من غير الواضح ما إذا كان ترمب سوف يقوم بتعيين مبعوثٍ خاصٍ جديدٍ له إلى اليمن خلفاً لـ"تيموثي ليندركينج"، أم أن الأمر سيكون مرتبطاً بتطورات الأوضاع في اليمن أو المنطقة عموماً.


الأمر بالنسبة للموقف الأمريكي من "جماعة الحوثيين" سوف يكون على الأرجح مرهوناً بشأن مستقبل الملفات الخلافية بين إيران والقوى الغربية، بخصوص برامج طهران النووية والصاروخية، إلاّ أنّ من غير المستبعد أن يستمر الموقف الأمريكي في النظر إلى الحوثيين بوصفهم "منظمة إرهابية أجنبية" و"مشكلة عالمية"، سواء تم تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أو لم يتم، وسواء رغب ترمب في التوصل إلى تسويات مع إيران، أو لم يفعل.

قبل يومين من تنصيب ترمب رئيساً، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على بنك اليمن والكويت بتهمة تسهيل الحركة المالية للحوثيين.

يرى الصحفي الاقتصادي اليمني المتابع مصطفى نصر أن "الولايات المتحدة الأمريكية تتجه نحو فرض مزيد من العقوبات على شركات ومؤسسات مصرفية يمنية خلال المرحلة المقبلة، هذا الإجراء لن تقتصر تداعياته على جماعة الحوثي فقط، بل سيمس الشعب اليمني بأسره".

حال الحكومة "الشرعية" اليمنية لا يحسد عليه، وليس بمقدورها أن تضع على الطاولة شرطاً للحل الذي تقول إنها تسعى إليه، والحوثيون كطرف أساسيٍ قوي في النزاع اليمني لن يكون بوسعهم سوى القبول بما ستفرضه عليهم متغيّرات المرحلة المقبلة، وعلى الجميع بالتالي إنقاذ ما يمكنهم إنقاذه قبل فوات الأوان.

بمشاركته الواضحة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، يبدو أن الرئيس الأمريكي بدأ في تمهيد الملعب للشروع في تنفيذ أجندته، التي قد يكون على رأسها تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية؛ باعتبار أن هذا، في اعتقاده، سوف يؤدي إلى الاستقرار في كامل المنطقة.

الكل -على ما يبدو- سوف يكون محتاجاً للتريث ومراقبة نوايا وأداء إدارة ترمب، خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، إذ لا أحد يمكنه التنبؤ بما يدور في ذهن ساكن البيت الأبيض الجديد غير ترمب نفسه.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.