الفرق بين تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية وعالمية: منظور قانوني وتأثير دولي
تعتبر التصنيفات التي تضعها الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية أدوات قانونية قوية تؤثر بشكل كبير على كيفية التعامل مع هذه المنظمات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. في هذا السياق، يظهر الفرق بين تصنيفي "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO) و"منظمة إرهابية عالمية" (SDGT) الذي شهد تغييرات مثيرة خلال فترة إدارة الرئيسين الأمريكيين دونالد ترامب وجو بايدن، وخاصة فيما يتعلق بالحوثيين في اليمن.
1. تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO):
عندما صنف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحوثيين في لائحة المنظمات الإرهابية في آخر يوم له في الإدارة، وضعهم تحت تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO). يتم تحديد هذا التصنيف بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي. يشمل هذا التصنيف عدة تداعيات قانونية تشمل فرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تتعامل مع الحوثيين بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يفتح المجال لتجميد أصول هذه المنظمات على الأراضي الأمريكية، مما يجعل من الصعب عليهم الحصول على موارد مالية عبر النظام المصرفي الأمريكي.
ومع ذلك، يعتبر هذا التصنيف أكثر محدودية من حيث تأثيره الدولي، حيث يرتكز بشكل أساسي على الأفعال التي تقع داخل حدود الولايات المتحدة أو تتأثر مباشرة بالقوانين الأمريكية.
2. تصنيف "منظمة إرهابية عالمية" (SDGT):
من جهة أخرى، يصنف "منظمة إرهابية عالمية" (SDGT) بشكل أوسع ويؤثر أكثر على الأفراد والكيانات على مستوى العالم. تم إدراج الحوثيين تحت هذا التصنيف في يناير 2021 من قبل إدارة بايدن بعد أن رفعوا التصنيف في بداية ولايته. وتصنيف "SDGT" يستهدف الأصول المالية للمجموعة على مستوى عالمي، مما يتيح للولايات المتحدة تجميد أصول الجماعة في كافة دول العالم التي تتعاون مع العقوبات الأمريكية. كما يتوسع هذا التصنيف ليشمل الدول والأفراد الذين يتعاملون مع هذه الجماعات الإرهابية، مما يضاعف الضغوط على حلفاء الحوثيين مثل إيران.
الفرق بين التصنيفين:
من حيث الإطار القانوني، يُعتبر تصنيف "SDGT" أكثر تأثيرًا على المستوى الدولي مقارنة بتصنيف "FTO"، لأن العقوبات التي تترتب على التصنيف العالمي تصل إلى الأصول المالية المتواجدة في دول مختلفة، مما يعزز من قدرة الولايات المتحدة على محاصرة هذه المنظمات في عدة أماكن حول العالم. كما أن تصنيف "SDGT" يمكن أن يشمل الشخصيات السياسية والاقتصادية التي قد تكون قد تعاونت مع هذه المنظمات، ما يزيد من فاعلية هذا التصنيف في ممارسة الضغط الدولي.
ومع ذلك، يتميز تصنيف "SDGT" بمرونة أكبر من "FTO"، حيث يسمح الأخير بتجميد الأصول المتعلقة بالمجموعات الإرهابية بشكل أكثر تشددًا، بينما يسمح "SDGT" لبعض الأنشطة الإنسانية بالاستمرار تحت إشراف دقيق، مثل إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن، وهو ما دفع إدارة بايدن إلى إقرار هذا التصنيف مجددًا لضمان الحفاظ على بعض المساعدات الإنسانية رغم التصعيد العسكري.
التأثير على المساعدات الإنسانية:
أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت إدارة بايدن تعيد تصنيف الحوثيين تحت "SDGT" هو المخاوف الإنسانية. يتيح تصنيف "SDGT" استثناءات تتعلق بالمساعدات الإنسانية، مما يساهم في منع حدوث كارثة إنسانية في اليمن عبر السماح بوصول المساعدات الدولية من خلال آليات تحت إشراف الأمم المتحدة. بينما كان رفع التصنيف في بداية فترة بايدن يهدف إلى تسهيل إيصال المساعدات، فقد أعاد الرئيس الأمريكي التصنيف لاحقًا لمواجهة التهديدات الإرهابية من الحوثيين وضمان أن العقوبات لا تؤثر سلبًا على المدنيين في اليمن.
تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي:
في تعليق على هذه القضية، صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بأن إدارة ترامب المقبلة ستعمل على "إصلاح" الوضع، في إشارة إلى إعادة تصنيف الحوثيين كـ"FTO"، مما يعكس رغبة في اتخاذ موقف أكثر تشددًا ضد الجماعة الإرهابية. وأوضح أن القرار الذي اتخذته إدارة بايدن برفع التصنيف كان محاولة لتقليل تداعيات الأزمة الإنسانية في اليمن، وهو ما كانت إدارة ترامب قد أبدت استياءً منه.
خلاصة:
لفرق بين تصنيف "FTO" و "SDGT" يبرز في جوانب قانونية وتجارية هامة، ويكشف عن تعقيد العلاقة بين الأمن الإقليمي والدولي في ظل الصراع اليمني. بينما يظل تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يحمل تبعات ثقيلة على التنظيمات التي تتعامل مع الجماعة، فإن التصنيف العالمي يوفر هامشًا للمرونة في بعض المجالات الإنسانية.
التعليقات