خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
"الخطوط الجوية اليمنية: بين استغلال السلطة وتدهور الخدمة.. أزمة تهدد الناقل الوطني"
في ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها البلاد، تبرز أزمة جديدة تتعلق بالخطوط الجوية اليمنية، حيث أثيرت أنباء عن إلغاء رحلة مجدولة لتخصيص الطائرة لنقل عيدروس الزبيدي إلى شبوة، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى استقلالية الشركة وحياديتها.

وتُعد شركات الطيران الوطنية من أهم الرموز السيادية للدول وتعكس سمعتها ومكانتها على الساحة الدولية، لذا فإن أي استغلال لهذه الشركات في أغراض سياسية أو غير مهنية يُعد ضرباً لمصداقيتها وتقويضاً لدورها الأساسي في خدمة المسافرين والاقتصاد الوطني.

وتُعتبر شركات الطيران الوطنية الواجهة الأولى للدولة في المحافل الدولية، حيث تلعب دوراً محورياً في تعزيز سمعتها وتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي. فمن خلال الخدمات التي تقدمها هذه الشركات ومدى التزامها بالمعايير الدولية، يمكن للدول أن تترك انطباعاً إيجابياً يعكس تطورها ومستوى تنظيمها.

وفي هذا السياق، كانت الخطوط الجوية اليمنية تمثل نافذة اليمن على العالم، وقد حظيت بسمعة جيدة خلال العقود الماضية، حيث كانت تُعرف بكفاءتها وانتظام رحلاتها. إلا أن التدخلات السياسية وسوء الإدارة أثرا سلباً على أدائها، مما أدى إلى تراجع مستوى خدماتها بشكل ملحوظ، وهو ما انعكس على نظرة المسافرين إليها وفقدانهم للثقة بها.

وتلعب الخطوط الجوية اليمنية دوراً مهماً في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص عمل لآلاف الموظفين، سواء كانوا طيارين أو مهندسين أو موظفين إداريين.

كما تسهم الشركة في تنشيط الحركة التجارية والسياحية، حيث تُعد الجسر الأساسي الذي يربط اليمن بالعالم الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، تحقق الخطوط الجوية اليمنية إيرادات كبيرة من خلال بيع التذاكر والخدمات الإضافية، وهي إيرادات من المفترض أن تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول مصير هذه الأموال في ظل الوضع الراهن.

وفي السنوات الأخيرة، واجهت الخطوط الجوية اليمنية تدخلات متزايدة من قبل وزارة النقل ومسؤولين حكوميين، وهو ما أثر بشكل كبير على استقلالية قراراتها وأدائها التشغيلي.

وهذه التدخلات لم تقتصر فقط على فرض مدراء وموظفين جدد وفقاً لاعتبارات سياسية، بل امتدت إلى التأثير على قرارات التشغيل، مما أضعف من كفاءة الشركة وساهم في زيادة معاناة المسافرين.

وتُعد هذه الممارسات أحد الأسباب الرئيسية وراء تدهور الخدمات، حيث لم يعد الاهتمام ينصب على تطوير أداء الشركة بقدر ما أصبح موجهاً نحو خدمة مصالح شخصية وسياسية.

وتواجه الخطوط الجوية اليمنية سلسلة من المشاكل الفنية والإدارية التي أثرت بشكل مباشر على مستوى الخدمة التي تقدمها للمسافرين. فقد شهدت الشركة أعطالاً متكررة للطائرات، وتأخيراً مستمراً في مواعيد الرحلات، فضلاً عن تغيير الوجهات بشكل مفاجئ ودون إشعار مسبق، مما زاد من معاناة الركاب وأدى إلى فقدان الكثير منهم الثقة بالشركة.

بالإضافة إلى ذلك، تتكرر شكاوى المسافرين حول فقدان أمتعتهم أو تلفها، وهو ما يزيد من حالة الإحباط لديهم ويضع الشركة في موقف حرج أمام جمهورها.

ومن المشكلات الأخرى التي تؤرق المسافرين، الارتفاع الجنوني في أسعار التذاكر، حيث وصلت تكلفة بعض الرحلات إلى مستويات غير مسبوقة، مما جعل السفر عبر الخطوط الجوية اليمنية أمراً صعباً بالنسبة لكثير من المواطنين.

وفي الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من أوضاع اقتصادية صعبة، كان من المفترض أن تراعي الشركة الظروف المعيشية الصعبة للناس، إلا أن الواقع يظهر العكس تماماً، حيث أصبحت أسعار التذاكر مرتفعة إلى درجة لا تتناسب مع متوسط دخل المواطن اليمني، ما يدفع البعض للبحث عن وسائل نقل أخرى، حتى وإن كانت أقل أماناً.

وبلغت الأزمة ذروتها مع الفضيحة الأخيرة التي هزت الشارع اليمني، حيث تم إلغاء رحلة مجدولة لطيران اليمنية كانت متجهة إلى جدة في 11 مارس 2025، من أجل تخصيص الطائرة لنقل عيدروس الزبيدي وعدد من قيادات المجلس الانتقالي إلى شبوة.

هذا القرار أثار غضباً واسعاً بين المسافرين الذين وجدوا أنفسهم عالقين دون سابق إنذار.

ومثل هذه التصرفات لا تؤثر فقط على سمعة الشركة، بل تعكس أيضاً حالة الفوضى التي تعيشها المؤسسات الوطنية في ظل غياب الرقابة والمساءلة.

وتطرح هذه الأزمة العديد من التساؤلات حول مستقبل الخطوط الجوية اليمنية، فمن المستفيد من تدمير سمعة الشركة؟ ولماذا يتم استغلال مواردها بهذا الشكل في وقت تعاني فيه من أزمات تشغيلية وإدارية؟ وأين تذهب الإيرادات التي تحققها الشركة؟ في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والصراع المستمر مع مليشيا الحوثي حول السيطرة على الشركة ومواردها، فإن الإجابة على هذه الأسئلة باتت ضرورية لفهم ما يجري داخل هذا القطاع الحيوي.

إن ما تمر به الخطوط الجوية اليمنية ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو انعكاس لفشل إداري وسياسي عميق يحتاج إلى إصلاح جذري، ومن الضروري إعادة النظر في آليات إدارة الشركة وضمان استقلاليتها عن التدخلات السياسية، حتى تتمكن من استعادة دورها الحيوي في خدمة المواطنين والاقتصاد الوطني.

كما يجب أن يكون هناك تحقيق شفاف في التجاوزات الأخيرة، لضمان عدم تكرار مثل هذه الفضائح التي تمس سمعة البلاد في الداخل والخارج.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.