خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين


هكذا تحولت تصريحات المسؤولين اليمنيين إلى مادة للسخرية!

على مدار سنوات الحرب والتقلبات السياسية، تآكلت الثقة لدى اليمنيين تجاه تصريحات مسؤولي الشرعية اليمنية. فبينما تخرج الكلمات من المنابر الرسمية محمّلة بالوعود الرنانة والخطابات الحماسية، لا يلمس المواطن أي أثر واقعي لها، مما حولها إلى مجرد شعارات فارغة لا تتجاوز أسطر الأخبار.

ومع تكرار التصريحات دون تحسن فعلي في الأوضاع المعيشية أو تقدُّم ملموس في استعادة الدولة، باتت هذه التصريحات تُستقبل بسخرية علنية في الشارع اليمني، وأصبحت أقرب إلى أدوات لامتصاص الغضب بدلًا من كونها مؤشرات على عمل سياسي جاد.

وفي هذا السياق، أكدت قناة بلقيس في تقرير لها، أن كل تصريح جديد يصدر عن مسؤول في الحكومة أو المجلس الرئاسي، سواء من داخل اليمن أو من فنادق العواصم الإقليمية، يُقابل بمئات التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ لم تعد التعليقات تدور حول فحوى التصريحات، بل باتت وسيلة لتفريغ مشاعر اليأس وخيبة الأمل المتراكمة من الأداء الرسمي.

وبعد مرور عقد كامل على اندلاع الحرب، يرى كثير من اليمنيين أن كلمات المسؤولين لم تعد تحمل أي وزن، بل تحوّلت إلى "مادة كوميدية" يومية يتناولها الناس بسخرية، تعبيرًا عن الهوة المتزايدة بين المواطن ومراكز السلطة.

وبحسب محللين، يعود هذا الانفصال بين المواطن والمسؤول إلى عوامل عدة، أبرزها فشل الحكومة في استعادة الدولة، وعدم السيطرة على الأرض، وغياب الشفافية، إضافة إلى أن أغلب أعضاء المجلس الرئاسي يقيمون خارج البلاد ويتناولون الأزمات وكأنهم محللون سياسيون، لا مسؤولون يحملون على عاتقهم مسؤولية بلد ينهار.

وترى القناة أن تكرار نفس الوجوه في المشهد السياسي، دون محاسبة أو تغيير، زاد من فقدان الأمل. كما أن التبريرات المستهلكة حول الانهيار الاقتصادي وسوء الخدمات، باتت تُقابل بالرفض الشعبي والسخرية. وقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة يومية للسخرية من التصريحات، مع تعليقات مثل: "العام القادم سيكون أفضل... للمسؤول فقط"، أو "تصريحات تصلح فقط للنشر في كوكب آخر وليس في اليمن".

ويرى الباحث السياسي نبيل الشرعبي أن الشرعية لم تعد تواجه فقط الانقلاب الحوثي، بل تعاني من أزمة شرعية حقيقية في نظر الشعب. فالتصريحات الجوفاء لم تعد قادرة على بناء أي أمل، بل عمّقت الشعور بانعدام وجود الدولة خارج نشرات الأخبار. ويؤكد أن السخرية اليومية من الخطاب الرسمي تعكس أكثر من مجرد أزمة إعلامية، بل سقوطًا في وعي المجتمع تجاه مؤسسات الدولة.

ورغم الصورة القاتمة، لا يزال البعض يرى أن استعادة الثقة ممكنة، لكنها مشروطة بعودة القادة إلى الداخل، والاعتراف بالأخطاء، وتجديد النخبة، والحديث إلى الناس بلغة نابعة من واقعهم، لا من خلف زجاج الفنادق الفاخرة.

من أكثر ما يثير غضب اليمنيين هو المقارنة المؤلمة بين حياة المسؤولين ومعاناة الشعب. ففي حين تغرق المدن الرئيسية مثل تعز وعدن في الظلام، وتعاني الأسر من انقطاع المرتبات وشح الدواء والغذاء، يتنقّل المسؤولون بين الفنادق والعواصم، ويتقاضون رواتبهم بالدولار بانتظام، بينما تعيش عائلاتهم في منازل فاخرة مزوّدة بكل وسائل الراحة.

ويُذكّر اليمنيون هؤلاء المسؤولين على الدوام بالمعاناة اليومية التي يعيشونها، حيث يتقاسمون الخبز مع أطفالهم، ويُجبرون على انتظار قارورة أوكسجين أو جرعة دواء لا تصل في المستشفيات الحكومية.

أما الطرقات، فغالبًا ما تتحول إلى رمز للمقارنة، إذ يتحدث المسؤولون عن معاناة المواطنين من داخل سياراتهم الفارهة أو الصالات المكيّفة، في حين يضطر المواطن العادي إلى المشي أو استخدام وسائل نقل متهالكة، إن استطاع دفع الأجرة أصلًا.

وتفاقمت الفجوة لدرجة أن حتى الصمت من المسؤولين بات يُقابل بالسخرية، كونه يعكس انعدام القدرة على مخاطبة الشعب أو حتى مواجهة الواقع.

وفي ظل هذا التناقض الصارخ، لم يعد المواطن اليمني يتوقع الكثير من التصريحات، بل بات يعتبرها من مظاهر العبث السياسي، ما لم تُترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.