تجنيد الأطفال في اليمن... مأساة تعانق السماء (استطلاع خاص)
ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن من أخطر صور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المأساوية التي ألقت بظلالها على الوضع العام في البلاد، ولا سيَّما الأطفال.
وبسبب الفقر والجوع والنزاع الدائر والهجمات المستمرة على المدارس؛ ترك الأطفالُ التعليم وفصول المدارس ليُقتادوا طوعًا وكَرهًا إلى المعارك، ويُستخدموا في الأغراض القتالية والأمنية.
وبسبب الفقر والجوع والنزاع الدائر والهجمات المستمرة على المدارس؛ ترك الأطفالُ التعليم وفصول المدارس ليُقتادوا طوعًا وكَرهًا إلى المعارك، ويُستخدموا في الأغراض القتالية والأمنية.
استغلال الأطفال
يقول المواطن لطف السيد، من أبناء منطقة السبعين جماعة الحوثي "تستغلّ المراكز الصيفية والمدارس في اليمن لتجنيد الأطفال، وذلك من خلال غسل أدمغتهم بأفكارهم وعقائدهم الطائفية، ويستمر تدريسهم قرابة شهر.
وأشاف أن "جماعة الحوثي تُوهم أهاليهم بأنهم في دورات ثقافية أو مراكز أمنية بعيدة عن خطوط التماس والمواجهات المباشرة" فيما على العكس فان الجماعة تقوم"بدفع الأطفال إلى الصفوف القتالية الأولى، لاستخدامهم في توزيع المؤن والإمدادات، وجمع المعلومات، وبناء التحصينات، وحفر الخنادق، وزراعة الألغام."
وأشاف أن "جماعة الحوثي تُوهم أهاليهم بأنهم في دورات ثقافية أو مراكز أمنية بعيدة عن خطوط التماس والمواجهات المباشرة" فيما على العكس فان الجماعة تقوم"بدفع الأطفال إلى الصفوف القتالية الأولى، لاستخدامهم في توزيع المؤن والإمدادات، وجمع المعلومات، وبناء التحصينات، وحفر الخنادق، وزراعة الألغام."
طفولة مستباحة
منظمة "سياج" اليمنية لحقوق الأطفال، بدورها قدّمت إحصائية مهولة عن استقطاب الحوثيين لأكثر من نصف مليون طفل في عام 2023، عبر ستة آلاف مخيّم صيفي أُقيمت في مناطق سيطرتها، متوقِّعةً إشراك عدد منهم في معاركها المشتعلة مع القوات الشرعية.
وتعتمد جماعة الحوثي في استقطابها لأطفال المدارس على الإغراء بالمال، وتقديم المساعدات الغذائية، ومنح الرُّتب العسكرية، أو التجنيد القسري عبر الاختطاف والتهديد.
كما تستخدم المخدّرات أيضًا في التجنيد؛ إذ تُغرق المناطق الواقعة تحت سيطرتها بالموادّ المخدرة، وتدفع الأطفال للإدمان عليها، لإجبارهم فيما بعد على الالتحاق بمعسكراتها التدريبية مقابل الحصول عليها، ثم دفعهم إلى جبهات القتال. وبذلك تتحول الطفولة في اليمن من المدارس إلى المعارك لدى أطراف النزاع.
منظمة "سياج" اليمنية لحقوق الأطفال، بدورها قدّمت إحصائية مهولة عن استقطاب الحوثيين لأكثر من نصف مليون طفل في عام 2023، عبر ستة آلاف مخيّم صيفي أُقيمت في مناطق سيطرتها، متوقِّعةً إشراك عدد منهم في معاركها المشتعلة مع القوات الشرعية.
وتعتمد جماعة الحوثي في استقطابها لأطفال المدارس على الإغراء بالمال، وتقديم المساعدات الغذائية، ومنح الرُّتب العسكرية، أو التجنيد القسري عبر الاختطاف والتهديد.
كما تستخدم المخدّرات أيضًا في التجنيد؛ إذ تُغرق المناطق الواقعة تحت سيطرتها بالموادّ المخدرة، وتدفع الأطفال للإدمان عليها، لإجبارهم فيما بعد على الالتحاق بمعسكراتها التدريبية مقابل الحصول عليها، ثم دفعهم إلى جبهات القتال. وبذلك تتحول الطفولة في اليمن من المدارس إلى المعارك لدى أطراف النزاع.
تسرُّب
يتسرَّب الأطفال من المدارس ويلتحقون بصفوف القتال - تقول الأخت نورية محمد، وهي مدرّسة في إحدى المدارس الحكومية بحكومة صنعاء- لذلك تفاقمت مشكلة تجنيد الأطفال بشكل مخيف، وباتت كابوسًا مقلقًا يهدِّد حاضر اليمن ومستقبله.
وتضيف نورية: "الأمر يتطلّب وقفةً جادَّة وصارمة على مختلف المستويات" ناصحة "الآباء والأمهات الوقوف وقفةً جادَّة ضد جماعة الحوثي، والرفض القاطع لإلقاء أبنائهم في محارق الموت".
كما وجهت نورية دعوة "لمنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفل للقيام بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية، والضغط لوقف العمليات التي يرتكبها الحوثيون بحق أطفال اليمن، وتقديم المسؤولين عن تجنيدهم إلى العدالة، فضلاً عن إنشاء مراكز متخصِّصة لإعادة تأهيل الأطفال المتضرِّرين من الصراع ودمجهم في المجتمع".
يتسرَّب الأطفال من المدارس ويلتحقون بصفوف القتال - تقول الأخت نورية محمد، وهي مدرّسة في إحدى المدارس الحكومية بحكومة صنعاء- لذلك تفاقمت مشكلة تجنيد الأطفال بشكل مخيف، وباتت كابوسًا مقلقًا يهدِّد حاضر اليمن ومستقبله.
وتضيف نورية: "الأمر يتطلّب وقفةً جادَّة وصارمة على مختلف المستويات" ناصحة "الآباء والأمهات الوقوف وقفةً جادَّة ضد جماعة الحوثي، والرفض القاطع لإلقاء أبنائهم في محارق الموت".
كما وجهت نورية دعوة "لمنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفل للقيام بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية، والضغط لوقف العمليات التي يرتكبها الحوثيون بحق أطفال اليمن، وتقديم المسؤولين عن تجنيدهم إلى العدالة، فضلاً عن إنشاء مراكز متخصِّصة لإعادة تأهيل الأطفال المتضرِّرين من الصراع ودمجهم في المجتمع".
ثمن الفقر.. دماء الأطفال
من جانبه يقول "ناشر الورد"، وهو تاجر معدات ثقيلة في صنعاء "إن التردّي الكبير للوضع الاقتصادي في اليمن أدى إلى ازدياد ظاهرة تجنيد الأطفال؛ حيث تضطر الكثير من الأسر إلى الموافقة للحصول على عائد مادي ولو كان ضئيلًا، ليُعينها على متطلبات الحياة المرهقة في ظل حكومة عاجزة حتى عن دفع رواتب موظفيها، لكنها سبّاقة في رفع الأسعار وإثقال كاهل المواطن".
ويضيف الرود "في حين لا تعلم بعض الأسر شيئًا عن تجنيد أطفالها إلا بعد عودتهم إلى منازلهم جثثًا هامدة أو بعد إصابتهم في جبهات القتال".
من جانبه يقول "ناشر الورد"، وهو تاجر معدات ثقيلة في صنعاء "إن التردّي الكبير للوضع الاقتصادي في اليمن أدى إلى ازدياد ظاهرة تجنيد الأطفال؛ حيث تضطر الكثير من الأسر إلى الموافقة للحصول على عائد مادي ولو كان ضئيلًا، ليُعينها على متطلبات الحياة المرهقة في ظل حكومة عاجزة حتى عن دفع رواتب موظفيها، لكنها سبّاقة في رفع الأسعار وإثقال كاهل المواطن".
ويضيف الرود "في حين لا تعلم بعض الأسر شيئًا عن تجنيد أطفالها إلا بعد عودتهم إلى منازلهم جثثًا هامدة أو بعد إصابتهم في جبهات القتال".
صرخة أُم
وبصوتٍ يملؤه الألم، تحدثت أم الطفل محمد العافشي من محافظة ذمار، الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره، قائلةً:
وبصوتٍ يملؤه الألم، تحدثت أم الطفل محمد العافشي من محافظة ذمار، الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره، قائلةً:
"مع بداية العطلة، أرسله والده إلى المركز الصيفي لتعزيز مستواه الدراسي، وكان أملنا أن نراه في المستقبل طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا، خصوصًا أنه عُرف بتفوّقه الدراسي بين زملائه، وكان دائمًا الأول في الترتيب".
وتضيف أم محمد: "لكن، بعد أن أنهى الدورات الحوثية، عاد إلينا محمَّلًا بأفكار غريبة ومختلفة تمامًا؛ حاول كثيرًا إقناعنا بالسماح له بالالتحاق بجبهات القتال، لكننا رفضنا بشكل قاطع".
وتقول ام محمد بحرقة "رغم ذلك، لم يستسلم وواصل محاولا إقناعنا بلا جدوى، حتى قرَّر الذهاب دون موافقتنا برفقة المشرف الحوثي ليتدرب على استخدام السلاح، ولم يكن يعلم أن تلك الخطوة كانت بداية النهاية؛ فقد أصبح في النهاية ضحيةً لأفكار الحوثيين".
وتضيف أم محمد: "لكن، بعد أن أنهى الدورات الحوثية، عاد إلينا محمَّلًا بأفكار غريبة ومختلفة تمامًا؛ حاول كثيرًا إقناعنا بالسماح له بالالتحاق بجبهات القتال، لكننا رفضنا بشكل قاطع".
وتقول ام محمد بحرقة "رغم ذلك، لم يستسلم وواصل محاولا إقناعنا بلا جدوى، حتى قرَّر الذهاب دون موافقتنا برفقة المشرف الحوثي ليتدرب على استخدام السلاح، ولم يكن يعلم أن تلك الخطوة كانت بداية النهاية؛ فقد أصبح في النهاية ضحيةً لأفكار الحوثيين".
مصانع التطرف
بدوره يكشف الطفل "زيد أنور الحياني"، من أبناء صنعاء القديمة، معلومات خطيرة عن الدورات التي تنفذها الجماعة داخل المراكز الصيفية بالقول:"
"لقد التحقتُ بالمركز الصيفي في العام الأول ووجدتُ أفكارًا لم نعرفها من آبائنا أو أجدادنا، فقد قالوا لنا إن القتال دفاع عن الدين، وإن اليمن يجب أن تتطهَّر من شيء اسمه إصلاحي أو أعوان الرئيس السابق، وأن حربهم واجب، وإن مذهب خصومهم باطل ودينهم ليس بالدين وإنهم خوارج عن ملة محمد".
ويضيف زيد: "ما لفت انتباهي تعصُّبهم لأقاربهم وحواشيهم ومن هم سادةٌ من حاشيتهم، فهم لهم الأولوية والاحترام والتقدير، ويدعوننا للجهاد واللحاق بإخواننا في الجبهات دون تردد أو استئذان باعتباره جهادًا في سبيل الله".
بدوره يكشف الطفل "زيد أنور الحياني"، من أبناء صنعاء القديمة، معلومات خطيرة عن الدورات التي تنفذها الجماعة داخل المراكز الصيفية بالقول:"
"لقد التحقتُ بالمركز الصيفي في العام الأول ووجدتُ أفكارًا لم نعرفها من آبائنا أو أجدادنا، فقد قالوا لنا إن القتال دفاع عن الدين، وإن اليمن يجب أن تتطهَّر من شيء اسمه إصلاحي أو أعوان الرئيس السابق، وأن حربهم واجب، وإن مذهب خصومهم باطل ودينهم ليس بالدين وإنهم خوارج عن ملة محمد".
ويضيف زيد: "ما لفت انتباهي تعصُّبهم لأقاربهم وحواشيهم ومن هم سادةٌ من حاشيتهم، فهم لهم الأولوية والاحترام والتقدير، ويدعوننا للجهاد واللحاق بإخواننا في الجبهات دون تردد أو استئذان باعتباره جهادًا في سبيل الله".
ضحايا للصراع
تشير التقارير إلى أرقام صادمة ونماذج مأساوية لأطفال يمنيين جُرّدوا من طفولتهم، بعدما الزجّ بهم في ساحات القتال بدلاً من المدارس والملاعب.
وتحمّل مصادر حقوقية جماعة الحوثي مسؤولية إشراك الأطفال في جبهات القتال، في وقتٍ تتصاعد فيه الدعوات لمحاسبة المسؤولين ووضع حد لانتهاكات الطفولة.
وتصف تقارير دولية الصراع الجاري بأنه نزاع مذهبي أدى إلى تمزيق اليمن وإفقار شعبه، حيث أصبح الأطفال والشباب وقوداً لحرب مستمرة، بينما يستفيد الساسة وأصحاب النفوذ من استمرارها.
وتتزايد التساؤلات حول إمكانية إنهاء هذا الصراع وإعادة الاستقرار إلى اليمن.
وتحمّل مصادر حقوقية جماعة الحوثي مسؤولية إشراك الأطفال في جبهات القتال، في وقتٍ تتصاعد فيه الدعوات لمحاسبة المسؤولين ووضع حد لانتهاكات الطفولة.
وتصف تقارير دولية الصراع الجاري بأنه نزاع مذهبي أدى إلى تمزيق اليمن وإفقار شعبه، حيث أصبح الأطفال والشباب وقوداً لحرب مستمرة، بينما يستفيد الساسة وأصحاب النفوذ من استمرارها.
وتتزايد التساؤلات حول إمكانية إنهاء هذا الصراع وإعادة الاستقرار إلى اليمن.

التعليقات