بين الوعود المتكررة وتدهور الأوضاع.. العليمي يوجه خطاب العيد محذرًا من "إرهاب الحوثيين" ومجددًا التزامات الحكومة
في خطاب رسمي ألقاه نيابة عنه وزير الأوقاف والإرشاد محمد شبيبة مساء الخميس، وجّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، حمَل في طياتها رسائل سياسية مكررة ووعود متجددة بتحسين الأوضاع في وقتٍ تزداد فيه معاناة اليمنيين يومًا بعد آخر.
العليمي، الذي تحدث باسم أعضاء مجلس القيادة والحكومة، دعا الله أن يكون هذا العيد "فاتحة خير لمرحلة يسودها السلام والرخاء"، مؤكدًا التزام الحكومة بالعمل على تحقيق الأمن والاستقرار وصرف المرتبات وتحسين الخدمات، وهي وعود طالما تكررت في خطابات سابقة دون أن يلمس المواطن نتائجها على الأرض.
وفي تناقض صارخ بين مضمون الخطاب والواقع المعيشي، تستمر الأوضاع في التدهور، مع تصاعد الأزمات الاقتصادية، وانعدام الخدمات الأساسية في معظم المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، إلى جانب تأخر صرف رواتب الموظفين منذ شهور، وتوسع فجوة الثقة بين المواطن والسلطة.
على الجانب السياسي، جدّد العليمي اتهام جماعة الحوثي بـ"المضي في مشروعها التخريبي الطائفي"، متهمًا إياها بالارتهان لإيران، ورفض جهود السلام، وممارسة القمع والانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها، مؤكدًا أن تلك المناطق تحولت إلى "ساحات إرهاب وقمع".
وأضاف: "رأيتم جميعًا كيف قادت مقامرة هذه المليشيات إلى استدعاء العدوان الإسرائيلي الذي استهدف البنية التحتية، ودمر ثلاثة موانئ، ومطارًا، وأربعة طائرات"، في إشارة إلى تداعيات الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، دون تقديم رؤية واضحة لمعالجة تداعيات تلك التحركات على الاقتصاد اليمني.
ورغم تحذيره من "مغامرات الحوثيين الطائشة"، أعاد الرئيس التأكيد على أن الحكومة "اختارت دائمًا الانحياز للناس وتقديم حياتهم ومصالحهم"، في وقت يواجه فيه المواطنون تصاعدًا في معدلات الفقر والبطالة، وأزمات معيشية خانقة لم تجد استجابة فاعلة من السلطات.
وعلى الصعيد القومي، كرر العليمي دعم اليمن للقضية الفلسطينية، مدينًا ما وصفه بـ"حرب الإبادة" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، داعيًا إلى موقف دولي حازم لإنهاء العدوان وحماية المدنيين.
وفي ختام خطابه، تعهّد العليمي بالمضي قدمًا نحو استعادة الدولة العادلة ومؤسساتها، وتحقيق المواطنة المتساوية، وهي عبارات تتكرر في المناسبات الرسمية، لكنها تبقى حبيسة الخطابات في ظل الواقع المتشظي والانقسامات العميقة التي تشهدها البلاد.
فيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم كتابه الكريم: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ"،
والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين، وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم، في الداخل والخارج،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة أن نهنئكم بحلول عيد الأضحى المبارك، سائلًا المولى جل وعلا، أن يعيده على شعبنا ووطننا وقد تحقق له ما يصبو إليه من أمن وسلام واستقرار، وأن يجعل أيامنا القادمة خيرًا من ماضيها، ويكلّل نضالنا وتضحياتنا بالنصر المؤزر واستعادة دولتنا ومؤسساتها الوطنية.
وفي هذه المناسبة العظيمة، اتقدم بخالص التهاني، والتبريكات إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام، مثمّنين عاليًا الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة في خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير كل سبل الراحة والأمان لأداء المناسك بكل يُسر وسكينة.
وهي جهود مشهودة ومقدَّرة على المستويين الإسلامي والإنساني، تعكس ريادة المملكة ومكانتها الرفيعة في خدمة الإسلام والمسلمين.
كما يسرني وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي أن نهنئ حجاج بيت الله الحرام من أبناء اليمن وسائر المسلمين، ونسأل الله أن يتقبل منهم حجهم وسعيهم، وأن يُعيدهم إلى ديارهم سالمين غانمين.
أيها الشعب اليمني الكريم،
يأتي هذا العيد المبارك، ولا تزال مليشيا الحوثي الإرهابية ماضية في مشروعها التخريبي والطائفي، مرتهنة لإملاءات النظام الإيراني، ورافضة لكل جهود السلام، وممعنة في انتهاك حرمة الدماء، والأعراض.
لقد تحوّلت المناطق الخاضعة لهذه الجماعة إلى ساحات للقمع والإرهاب، تُمارس فيها أبشع الانتهاكات بحق أبناء شعبنا من اختطافات وقتل وتعذيب وابتزاز، إلى جانب فرض الجبايات ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال والزج بهم في جبهات الموت، ضاربة عرض الحائط بكل القيم الدينية والإنسانية.
وقد رأيتم جميعا كيف قادت مقامرة هذه المليشيات الإرهابية بمصالح الشعب اليمني، ومكتسباته الى استدعاء العدوان الإسرائيلي لتدمير ثلاثة موانئ، وثلاثة مصانع، ومطار، وأربع طائرات، دون ان يرف لها جفن.. ولازالت مستمرة في مغامراتها الطائشة نحو مزيد من الخراب والدمار.
كما رأيتم في مقابل هذا الإرهاب والابتزاز كيف اختارت الدولة دائما الانحياز للناس، وتقديم حياة المدنيين ومصالحهم على استعراض زائف بالسيادة.
اننا في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، وبالشراكة مع القوى الوطنية والمكونات السياسية، ماضون في العمل من أجل تثبيت الأمن، وتوفير الخدمات، وتحسين الأوضاع المعيشية، وصرف المرتبات، واستعادة مؤسسات الدولة العادلة، الضامنة للشراكة، والمواطنة المتساوية لكل أبنائه.
أيتها الأخوات أيها الإخوة المواطنون،
نجدد في هذه المناسبة موقفنا الثابت والدائم إلى جانب قضية شعبنا العربي الفلسطيني الشقيق، وحقه في تحرير أرضه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وندين بأشد العبارات حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بحق أهلنا في قطاع غزة، والتي تشكل وصمة عار في جبين الإنسانية، وتستوجب موقفًا دوليًا صارمًا يضع حدًا لهذا العدوان، ويحمي المدنيين الأبرياء.
ختامًا، نجدد تهانينا لكل أبناء شعبنا في الداخل والخارج، سائلين الله تعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، وأن يجعل هذا العيد فاتحة خير لمرحلة جديدة يسود فيها السلام، والعدل والرخاء.
كل عام وأنتم واليمن بخير،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عيدكم مبارك ... اخترنا لكم أجمل البرع من موروث اليمن الشعبي
التعليقات