إلى متى سيبقى قرار الحرب والسلام في اليمن مرتهنًا لعواصم خارج حدوده؟
منذ اندلاع الحرب في اليمن، لم يكن القرار اليمني يومًا قرارًا حرًّا، على الرغم من شرعية دولية معترف بها، ومساندة تحالف إقليمي واسع، إلا أن زمام المبادرة ظل بعيدًا عن اليمنيين.
كل خطوة نحو الحرب أو السلام، نحو التهدئة أو التصعيد، كانت تُصاغ خارج الإرادة اليمنية، محصورة في قبضة الرياض وأبوظبي، ولم تكن الشرعية اليمنية سوى ظل يتحرك داخل الفلك السعودي - الإماراتي، وما بدا كتحالف لاستعادة الدولة تحوّل تدريجيًّا إلى وصاية تعيد تشكيل الخارطة اليمنية سياسيًّا وعسكريًّا، وفقًا لمصالحها، والنتيجة: بلد على الهامش، وقضية منسية.
الحكومة تحاصر نفسها
يقول الصحفي والناشط السياسي وديع عطا: "واقع الحال يقول إن الحكومة الشرعية هي التي تحاصر نفسها، لأنها تستطيع أن تحرر القرار، وأن تتحرر كل الموارد التي يمكن أن تصل إليها أو تستطيع أن تسيطر عليها".
وأضاف: "الشرعية اليوم تتواجد في محافظات منتجة، وفي محافظات تقريبًا تمثل عصب الحياة بالنسبة للجمهورية اليمنية كلها، كمأرب وحضرموت وشبوة كمصادر رئيسية للطاقة في عموم اليمن".
وتابع: "صحيح أن مليشيا الحوثي تسيطر على القسم الديموغرافي الأكبر من حيث عدد السكان، ومن حيث ميناء الحديدة بأهميته، وكذلك مينائي رأس عيسى والصليف، لكن في الأخير، الشريان الرئيسي الذي يغذي هذه الموانئ الرئيسية، سواء رأس عيسى كميناء نفطي، أو غيره من الموانئ، هو يوجد في هذه المحافظات التي تتواجد فيها الشرعية".
وأردف: "الشرعية بحاجة إلى أن تحرر قرارها، أن تحرر الروح القيادية الحقيقية، التي يُفترض أن يتحلى بها القائمون على أمر الشرعية، الذين أُسند إليهم هذا الأمر، بغض النظر الآن عن نقاش مسألة دستوريتهم أو شرعيتهم، لكن في الأخير، شاءت اللحظة التاريخية، وشاء الله أن يكونوا في هذه اللحظة هم المسؤولين عن هذا البلد، لذا عليهم مسؤولية أخلاقية ودستورية وقانونية".
وزاد: "ما تحتمه اللحظة، والحاجة الإنسانية، والحاجة الإدارية للبلد، أن يكونوا عند مستوى المسؤولية تجاه الشعب في عموم اليمن كاملًا، حتى هم غير متحررين من مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه الناس في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي".
وقال: "لذلك، هناك مسؤولية قائمة ومستمرة، وهناك كذلك أسئلة متكررة، وأسئلة مفتوحة، يُفترض أن إجابتها تتوفر لدى رشاد العليمي ومجلس الثمانية، ولدى مجلس الوزراء ورئيسه الجديد".
وأضاف: "هناك كثير من الأسئلة المتعلقة بالوضع المعيشي، والوضع الاقتصادي، والوضع السياسي والعسكري، التي لا تزال تتجدد، أيضًا فيما يخص اللحظة التاريخية الراهنة، التي يُنادي بها الشارع اليمني بأن تلتقط القيادة اليمنية لحظة الضعف التي يُفترض أن تكون فيها مليشيا الحوثي، وأن تقوم بمعركة حاسمة تُعيد الأمور إلى نصابها سياسيًّا وعسكريًّا".
ما وظيفة الحكومة؟
يقول الصحفي سلمان المقرمي: "الحكومة اليمنية ابتداء من 2013، وليس هذه الحكومة فقط، هي حكومة سلّمت كل شيء مجانًا بدون أي ثمن، وتنازلت عن الصلاحيات وعن المؤسسات، ودمّرت مستقبل الشعب اليمني، ومزّقت الدولة اليمنية، وفعلت كل ما لا يمكن أن يفعله عاقل، لأنها عبارة عن شخصيات غير سوية، ولم تجد أي مقاومة من الشعب اليمني، والقوى والنخب اليمنية".
وأضاف: "الحكومة الشرعية اعتمدت على سياسة الإنهاك وإفقار الشعب اليمني، والتنصل، هناك من يرى أن في كلامي هذا قسوة على الشرعية، وخاصة أن هناك من يرى أنها لا تملك بيدها أي أوراق، لكن إلى متى سيظل هذا العذر أمام اليمنيين؟".
وتابع: "الحكومة الشرعية ضعيفة، وأي حكومة في الدنيا ضعيفة، لكن وظيفة الحكومة هي أن توجد القوة وبناء القوة، وتوجد الحلول للمشاكل والتحديات التي تواجهها، فلا توجد حكومة في الدنيا، منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، لا توجد أمامها تحديات، أو لا توجد أمامها مشاكل".
وأردف: "على الحكومة أن تعمل ليل نهار، عليها أن تواجه التحديات والتهديدات، وتعمل على بناء القوة؛ الحكومة اليمنية، خاصة مثل رشاد العليمي، هذه حكومة العائلات، لا تستطيع، وليس لديها طموح".
وزاد: "هناك حكومات لا تستطيع أن تفعل، ولكنها تحاول، لكن هذه الحكومة، حتى ليس لديها طموح، وليس لديها أي حلم حتى في البقاء في اليمن، وليس لديها أي مسؤولية".
وتساءل: "إلى متى سنظل نختلق الأعذار للحكومة اليمنية، ونتعذر بالتحالف والشرعية، والعوامل الخارجية؟".
وقال: "الفلسطينيون في غزة لو تعذروا بهذه الأشياء لما نشأت مقاومة على الإطلاق، ولو أن السوريين تعذروا بما نتعذر به لما أنشأوا مقاومة، وكل الدول، وكل المجتمعات، وكل القوى، لو أن لديها أعذار، واستجابت لهذه الأعذار، وجعلت منها محددات لتحركاتها، لما كان هناك تدافع للحياة على الأرض أصلًا".
وأضاف: "العبرة في الحكومة هي كيف تعمل على تجاوز التحديات الموجودة، بأقل الإمكانيات، عبر إطار أخلاقي ونظري ودستوري وقانوني، يُلبي متطلبات المجتمع الذي هي مسؤولة عنه".
تحول كبير
يقول الصحفي نشوان العثماني: "يبدو أن الإقليم والعالم اتجه، بدلًا من المواجهة مع الأذرع الإيرانية في المنطقة، إلى المواجهة مع المركز مباشرة".
وأضاف: "نحن أمام تحول كبير في الشرق الأوسط، ولا نتحدث عن فرص كالتي سبقت، فالتحول واضح أنه يجري على قدم وساق، وربما نحن على مرحلة من تغيير المركز الذي غذى كل هذه الأذرع والجماعات".
وتابع: "ربما هناك تدخل وشيك من قبل الولايات المتحدة لإنهاء البرنامج النووي الإيراني، والقدرات الإيرانية التي لطالما عبثت في الشرق الأوسط وفي العديد من الدول، منها بلدنا، وهذا سيتيح متنفسًا كبيرًا جدًّا، وستكون الأطراف اليمنية في اللحظة المناسبة متحدة، وسنتجه إلى تحرير صنعاء".
وأردف: "أنا متفائل جدًّا بكل هذه التغييرات التي تحدث، ومع الأسف الشديد فيما يخص انهيار العملة، التي وصلت اليوم مستوى قياسيًّا جديدًا، ولا شك أنه ينعكس سلبًا على الداخل، وعلى المواطن، وكل القطاعات".
وزاد: "اليمن هي ضمن هذا الفلك الإقليمي الذي تضرر؛ لأن الدولة اليمنية كانت مترهلة، وتمت كل هذه الاختراقات، وسمح الفرقاء اليمنيون بما حدث، ولكن الآن، الذي أراه تحركًا أساسيًّا باتجاه تحرير صنعاء وصعدة".
برنامج اليمن الكبير الحلقة الثانية : "عاصمة الروح" .. صنعاء
التعليقات