ماذا لو دخلت أميركا الحرب مباشرة؟
تتصاعد حدة التوترات في الشرق الأوسط مع اقتراب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من اتخاذ ما قد يكون أخطر قراراتها على الإطلاق، والمتمثل في توجيه ضربة عسكرية واسعة النطاق ضد البرنامج النووي الإيراني، استكمالاً للهجمات التي بدأها الجيش الإسرائيلي منذ أيام.
في المقابل، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي رفض بلاده لأي إملاءات خارجية، معلناً استعداد القوات المسلحة والشعب الإيراني لمواجهة أي هجوم عسكري، محذراً من أن أي عدوان أميركي قد يفتح أبواب "عواقب وخيمة لا يمكن إصلاحها".
ويقرأ محللون هذا التصعيد العسكري المرتقب في إطار إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية وتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة، حيث تترقب عواصم القرار الدولي ما إذا كان التصعيد سيظل تحت سقف الضربات المحدودة، أم سيتدحرج نحو حرب شاملة تنذر بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
التهيئة للحرب: واشنطن تدفع بالتعزيزات العسكرية إلى قلب المنطقة
في هذا السياق، تواصل الإدارة الأميركية حشد قواتها في الشرق الأوسط، حيث أشارت مصادر في وزارة الدفاع إلى نقل مقاتلات متطورة من طراز "إف-16"، و"إف-22"، و"إف-35"، إلى جانب قاذفات "بي-52" المتمركزة في قاعدة "دييغو غارسيا" بالمحيط الهندي، ضمن سيناريوهات محتملة تشمل استهداف منشآت نووية إيرانية محصنة وعلى رأسها منشأة "فوردو".

ويرى الباحث السياسي أسامة أبو أرشيد من واشنطن أن دخول الولايات المتحدة عسكرياً إلى خط المواجهة سيمثل نقطة تحول كبرى في ميزان القوة، مع امتلاك واشنطن قدرات هجومية متطورة قد تعيد رسم المشهد في حال استخدامها.
لكن في مقابل هذا السيناريو التصعيدي، يذهب المحلل الإيراني مهدي عزيزي إلى أن ما يجري في الوقت الراهن لا يتجاوز "حرباً نفسية"، هدفها إرباك طهران دون التورط في حرب شاملة مكلفة للولايات المتحدة وإسرائيل معاً.
أهداف أميركية وإسرائيلية متصاعدة
وفق تصريحات رسمية متكررة، تتوزع الأهداف الأميركية بين تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني ومنع أي قدرة على تخصيب اليورانيوم داخلياً، وصولاً إلى تجريد طهران من برنامجها الصاروخي، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديداً وجودياً لأمنها. كما تتحدث أطراف في الإدارة الأميركية عن هدف استراتيجي أوسع يتمثل في تفكيك محور المقاومة، بل والتلميح إلى إعادة صياغة النظام السياسي الإيراني بالكامل.
ويرى المحلل إبراهيم المدهون أن إدارة ترامب باتت أقرب ما تكون إلى الدخول في مواجهة مباشرة، بعد أن اكتفت حتى الآن بمنح إسرائيل هامشاً واسعاً في الميدان، لكنها تمهد لتدخل أميركي حاسم حال تطلبت المواجهة توجيه الضربة القاضية.
سيناريوهات الرد الإيراني: من الخليج إلى مضيق هرمز
في المقابل، تؤكد طهران أنها مستعدة للرد بكافة الوسائل. ويشير أسامة أبو أرشيد إلى أن أولى جبهات الرد الإيراني المحتملة ستكون القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج والعراق، مع احتمال توسيع دائرة التصعيد عبر الحلفاء الإقليميين، وتلويح متكرر بإغلاق مضيق هرمز وتعطيل الملاحة الدولية.
في حين يحذر مهدي عزيزي من أن استمرار التصعيد سيدفع إيران إلى خيارات مفتوحة، تشمل الدفاع عن حقها في تخصيب اليورانيوم وتعزيز قدراتها الدفاعية، مؤكداً أن طهران لن تستسلم أمام الضغوط أو تتنازل عن ثوابتها الاستراتيجية.
مقامرة أميركية محفوفة بالمخاطر
ورغم امتلاك واشنطن التفوق العسكري، يرى محللون أن أي اندفاع أميركي نحو الحرب مع إيران يحمل في طياته مقامرة مكلفة. ويقول أبو أرشيد إن واشنطن لطالما تبنت عقيدة توسعية ترفض أي منافسين استراتيجيين في مناطق نفوذها الحيوية، لكن تجاربها السابقة في فيتنام والعراق وأفغانستان تثبت أن الكلفة قد تتجاوز الفوائد المفترضة.
ويذهب المدهون إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن واشنطن لا تزال أسيرة قناعة "فرض النظام العالمي الجديد بالقوة"، حتى لو اقتضى الأمر مغامرة كبرى في قلب الشرق الأوسط.
المنطقة على حافة المواجهة الشاملة
ومنذ تفجر المواجهات بين إيران وإسرائيل قبل أيام، تسارعت التطورات على الأرض، مع شن تل أبيب هجمات مباشرة داخل العمق الإيراني استهدفت منشآت نووية وعلماء في البرنامج الذري الإيراني، بينما ردت طهران بإطلاق صواريخ واستنفار منظوماتها الدفاعية.
ومع استمرار التصعيد، تبقى المنطقة بأسرها على أعتاب مواجهة قد تتجاوز في تداعياتها الحسابات العسكرية إلى ما هو أعمق وأشمل على صعيد الجغرافيا السياسية ومستقبل النظام الإقليمي بأكمله.
برنامج اليمن الكبير الحلقة الثانية : "عاصمة الروح" .. صنعاء
التعليقات