اتفاق تاريخي تركي سوري ..تسلم الحكومة السورية إدارة شمال محافظة حلب بشكل كامل.
في تحوّل سياسي وإداري مفصلي، أعلنت الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع تسلّمها الكامل لإدارة شمال محافظة حلب، عقب اتفاق رسمي مع الجانب التركي، أنهى بموجبه دور المستشارين الأتراك في المنطقة، وأعاد دمج الوحدات الإدارية في مدن إعزاز والباب وجرابلس والراعي ضمن الهيكل الإداري لمحافظة حلب.
وأوضحت محافظة حلب، في بيان رسمي، أن القرار جاء عقب اجتماعات موسعة أفضت إلى إنهاء أنماط الإدارة المتعددة وتوحيد الهياكل التنظيمية، بهدف تحسين الخدمات وتسهيل حركة المواطنين، في خطوة وُصفت بأنها الأهم منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
ووفق مصادر مسؤولة في محافظة حلب، فإن هذا الاتفاق أنهى حالة من التشظي الإداري التي كانت تسيطر على ريف حلب الشمالي، وأرهقت المواطنين بسبب تباين الإجراءات والخدمات، مؤكدة أن المرحلة المقبلة ستشهد إصدار خارطة تنظيمية جديدة وإعادة توزيع الكوادر البشرية بشكل أكثر كفاءة.
وفي تصريح خاص لموقع "الجزيرة نت"، أشار أحد مسؤولي المحافظة –رفض ذكر اسمه– إلى أن هذا الترتيب الجديد يعكس التزام تركيا باحترام السيادة السورية، موضحًا أن دور المنسقين الأتراك في مجالات الصحة والتعليم والأمن قد انتهى بالكامل، بالتوازي مع تنسيق مشترك لإنهاء ملفات حساسة، بينها دمج الجيش الوطني وأجهزة الشرطة في مؤسسات الدولة.
وعدّ الباحث السوري باسل معراوي هذه الخطوة بمثابة إعلان غير مباشر عن إنهاء النزاع الإداري في الشمال، معتبرًا أن الحكومة السورية الجديدة نجحت في إعادة توحيد البلاد سياسيًا ومؤسساتيًا، وباتت تملك زمام المبادرة إقليميًا.
وأضاف معراوي أن الدعم التركي والقطري لهذا الانتقال يعكس تغيرًا جذريًا في الاستراتيجية الإقليمية، لا سيما بعد حلّ الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض، وتفكيك البنى الموازية التي كانت قائمة خارج إطار الدولة.
وشدد على أن المجلس المحلي والفصائل التي كانت تدير هذه المناطق أبدت تفهّمًا للتغيير، وشاركت فعليًا في صياغة المرحلة الانتقالية، ما يمهّد –بحسب معراوي– لعودة واسعة للنازحين وتحسين الخدمات وتسهيل حياة المواطنين في الشمال.
ويقول مراقبون إن الخطوة تمثل أيضًا رسالة قوية للفصائل الكردية (قسد)، بأن خيار الانفصال الإداري لم يعد مقبولًا في سوريا ما بعد الحرب، في ظل استعادة دمشق لزمام المبادرة وتوحيد الإدارة الوطنية.
وتأتي هذه التطورات في ظل جهود متصاعدة لتأمين الحدود السورية – التركية، وتنسيق دبلوماسي متقدم بين أنقرة ودمشق، قد يفتح الباب أمام تطبيع سياسي تدريجي بعد أكثر من عقد على القطيعة، وفق ما أكده مصدر رسمي في العاصمة السورية.
التعليقات