برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

واحد من أخطر الملفات العسكرية في اليمن.. كيف استولى الحوثيون على ترسانة الصواريخ اليمنية؟
في تحقيق خاص أعدّته منصة "ديفانس لاين"، كشفت من خلاله النقاب عن واحد من أخطر الملفات العسكرية في اليمن، والمتعلق بسيطرة جماعة الحوثيين – الذراع العسكرية لإيران – على القوة الصاروخية اليمنية، التي تضم منظومة من صواريخ سكود وتوشكا وسام وإس-300 وغيرها من الأنظمة الباليستية والدفاعية المتطورة، التي راكمها نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح طيلة عقود حكمه.

من شراكة متوترة إلى صراع خفي
التقرير يوثق صراعًا باردًا خاضته الجماعة مع الرئيس الراحل صالح، بدأ عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، حين كانت أنظارهم موجهة نحو أكثر القطاعات العسكرية حساسية: القوة الصاروخية، ذات النفوذ الاستراتيجي والمدى الإقليمي.



ورغم شراكة ظاهرية في إدارة هذه المنظومة، فإن الجماعة كانت تعمل بالتوازي على اختراقها من الداخل، عبر استقطاب ضباط ومهندسين، وتعيين موالين لها في مواقع تشغيلية، في وقت كان صالح يحتفظ بأجزاء من شفرات التحكم والمخازن.

مخازن تحت الأرض.. وشيفرات بيد "الشهيد الحي"
يشير التقرير إلى أن صالح عمد إلى بناء مجمعات صاروخية سرية تحت الأرض، أبرزها قاعدة جبل عطّان التي تمتد أنفاقها نحو 30 كيلومترًا بعمق الأرض، أنشئت بمساعدة خبراء عراقيين بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

كما خزن أسلحة ووقودًا في جبل النهدين داخل دار الرئاسة، وفي معسكرات متفرقة مثل الحفاء، نقم، وصبرا في سنحان. واحتفظ بشيفرات بعض المخازن وملفات التشغيل، مدعيًا أن "الصواريخ التي تطلق على السعودية هي مخزونات صالح، وليست إيرانية"، حسب وصفه في خطاب متلفز عام 2016.

العاطفي.. مهندس التحول ومفتاح الهيمنة
أحد أبرز الأسماء التي سلط عليها التقرير الضوء هو محمد ناصر العاطفي، القائد العسكري ذو الخبرة التكنولوجية الواسعة، الذي تمكّن – بحسب التقرير – من إعادة هيكلة المجموعة الصاروخية والعمل تحت رعاية صالح وبتفاهم مبكر مع الحوثيين.

العاطفي، الذي ابتعث إلى الاتحاد السوفيتي وأمريكا وتخصص في نظم GPS والخرائط الإلكترونية، قاد عمليات تطوير صواريخ طويلة المدى وتعديلها بالتعاون مع خبراء من إيران وحزب الله، بحسب ما توصل إليه فريق التحقيق.

ورغم ظهوره كقيادي محسوب على صالح، إلا أن التقرير يشير إلى اختراق مبكر للرجل من قبل الحوثيين، ما مكّنهم لاحقًا من تثبيته وزيرًا للدفاع في حكومة الانقلاب عام 2016، دون اعتراض يُذكر.


بين صالح والحوثي.. مناورات على خيوط الصواريخ
منذ إعادة هيكلة ألوية الصواريخ بقرار من الرئيس هادي عام 2012، وإبعادها عن هيمنة الحرس الجمهوري، بدأت الجماعة ترصد وتخترق الكوادر وتعيد توزيع الولاءات داخل هذه المنظومة.

ومع اندلاع الحرب، استطاعت تهريب ذخائر ومعدات إلى صعدة، وأعادت تشغيل منصات سكود وفروج-7، بالإضافة إلى تحويل صواريخ الدفاع الجوي إلى صواريخ أرض-أرض، مثل "قاهر"، "بركان"، و"زلزال"، استُخدمت لاحقًا في قصف العمق السعودي والإماراتي.

وفي الفترة ما بين 2015 و2017، أعلن التحالف العربي أن الحوثيين أطلقوا 83 صاروخًا باليستيًا نحو السعودية، أبرزها محاولة استهداف مكة المكرمة بصاروخ سكود في أكتوبر 2016، وهو ما اعتُبر تجاوزًا خطيرًا لكل الخطوط الحمراء.

الحسم.. اغتيال صالح واستكمال السيطرة
بحلول ديسمبر 2017، وبعد اغتيال الرئيس صالح إثر مواجهات محدودة في صنعاء، تمكنت الجماعة من فرض سيطرتها الكاملة على مجموعة ألوية الصواريخ، بما فيها مخازن الوقود، الذخائر، المعامل، والشيفرات التقنية، ثم شرعت في إحلال عناصر موالية وهاشمية مرتبطة بإيران في مواقع مفصلية.

التقرير يوثق كيف أعادت الجماعة بناء شبكات المهندسين والمصنّعين والمشغّلين، واستكملت تهريب الخبرات والمعدات من طهران وبيروت إلى صعدة، لتتحول هذه القوة إلى ذراع استراتيجية بيد الحوثيين، تمارس من خلالها الردع، الابتزاز، وتنفيذ أجندة إيرانية إقليمية عابرة للحدود.


الخلاصة
ما جرى للقوة الصاروخية اليمنية لم يكن مجرد استيلاء عسكري، بل كان عملية اختراق ممنهجة بدأت منذ سنوات، بغطاء سياسي وعسكري، انتهت بيد جماعة مسلحة تنتمي لمشروع طائفي عابر للحدود، لا تخفي عداءها لجيران اليمن واستعدادها لتصدير النار إلى خارج حدوده.

التقرير يُعد إنذارًا مبكرًا لمخاطر استمرار امتلاك هذه الجماعة ترسانة صاروخية، أصبحت اليوم أكثر تطورًا وانتشارًا، بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وتحت أعين متفرجة من المجتمع الدولي.



اليمن الكبير|| مأرب التاريخ والعراقة (الجزء الأول)



أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا