لماذا يعرقل الانتقالي عمل اللجان البرلمانية في عدن وحضرموت وشبوة؟
ي مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تمر بها مؤسسات الدولة اليمنية، يجد مجلس النواب نفسه اليوم محاصرًا سياسيًا وجغرافيًا، بعد أن وُوجهت لجانه الرقابية بممانعة واحتجاجات، وصلت إلى حدّ التضييق عليها ومنعها من أداء مهامها في محافظة حضرموت، ما يطرح تساؤلات وجودية حول دور البرلمان وشرعيته العملية على الأرض.
وكان المجلس قد أعلن عن تشكيل ثلاث لجان ميدانية لمراجعة أداء السلطات المحلية وفحص الموارد والمؤسسات الإيرادية، في خطوة نادرة لإحياء دوره الرقابي المعطل منذ سنوات. إلا أن تحرك هذه اللجان قوبل برفض صريح من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، لا سيما في حضرموت، حيث تمّت محاصرة إحدى اللجان في مدينة المكلا، ما أحرج الحكومة اليمنية وأحدث صدمة في الأوساط السياسية.
الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي وصف تشكيل اللجان بأنه "خطوة ممتازة"، لكنه ربطها بمحاولة البرلمان "استعادة شرعية غير مرحّب بها" في واقع تهيمن عليه سلطات أمر واقع تتغذى من مشاريع سياسية مدعومة خارجيًا، لا تمتلك أي مرجعية دستورية. واعتبر التميمي أن غياب مؤسسات الرقابة، وتآكل سلطات الدولة، قد أفرز حالة من الفوضى، وهيّأ المسرح لتفكيك الدولة من الداخل.
التميمي أشار إلى أن البرلمان يواجه خصمًا يتجاوز مراكز النفوذ التقليدية، إلى "مكونات ما دون الدولة" التي تستقوي بالدعم الخارجي وتخشى عودة المؤسسات الشرعية. ورأى أن تصعيد المجلس الانتقالي ضد لجنة البرلمان في حضرموت يفضح تناقضه، إذ أنه لا يتفق مع السلطة المحلية هناك، ومع ذلك يعارض عمل لجنة يفترض أنها رقابية وليست تنفيذية.
من جهته، حمّل عضو مجلس النواب الشيخ جعبل طعيمان الحكومة المسؤولية الكاملة عن فشل اللجنة في أداء مهامها، مؤكدًا أن النواب لا يحملون السلاح ولا يهددون أحدًا، بل يسعون لممارسة دورهم الدستوري في الرقابة على أداء الحكومة. وقال إن تعطيل عمل اللجان البرلمانية ليس إلا محاولة مكشوفة لحماية منظومات الفساد، التي تخشى من كشف الحسابات والإيرادات وتقديم ميزانيات واضحة للشعب.
وأكد طعيمان أن الجهات المتنفذة تعرقل بشكل ممنهج انعقاد مجلس النواب، لأنه في حال انعقاده سيتوجب على الحكومة تقديم ميزانية ومصروفات رسمية، وهو ما لا يناسب قوى اعتادت الصرف دون محاسبة.
أما من الطرف الآخر، فقد نفى عبد الحكيم الجابري، مستشار محافظ حضرموت، وجود نية لمنع اللجنة من أداء عملها، مؤكدًا أن السلطة المحلية رحّبت بالوفد البرلماني وقدّمت له الحماية والإقامة اللازمة. لكنه أشار إلى أن مغادرة اللجنة جاءت نتيجة تظاهرات شبابية مدفوعة من تيارات سياسية، ما يعكس في رأيه حجم التوتر السياسي القائم في البلاد.
الجابري شدد على أن حضرموت لا تزال تُعد من أكثر المحافظات استقرارًا، لكن حالة الاستقطاب المتزايدة ومحاولات زعزعة المشهد المحلي لا يمكن إنكارها، ما يعقّد من إمكانية التعاون مع أي جهة رسمية، حتى لو كانت من داخل الدولة نفسها.
ما حدث في المكلا، سواء فُسّر على أنه فشل حكومي، أو تخادم سياسي مع قوى متمردة، يعيد إلى الواجهة سؤالًا جوهريًا: هل البرلمان في اليمن سلطة فعلية أم مجرد هيئة مُعطّلة يتم استحضارها لملء الفراغ الدستوري؟ وإذا كانت لجانه الرقابية تُحاصر وتُمنع، فمن الذي يراقب، ومن يُحاسب؟
المصدر: بلقيس نت
المصدر: بلقيس نت
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات