اليدومي ..حارس توازن الإصلاح
اليدومي يقف اليوم على منصة ذكرى تأسيس الإصلاح. سابقًا كان يحضر عبر الصحافة الورقية في امتيازه لجريدة الصحوة. كلمته كانت اختبارا للوعي السياسي للحزب.
إلقاؤه للكلمة إشارة إلى وحدة قيادية مركزية في واقع نشعر معه بالحاجة إلى نوع من المركزية في تصوراتنا العامة للسياسة والبلد والمعركة والجغرافيا والتنظيم والدولة والسلطة.
القيادة، حتى في أقوى الديمقراطيات، تحتاج تركيزًا في اللحظات المصيرية لضمان استمرار الحياة العامة.
تجربة اليدومي على رأس الإصلاح تتضمن قدرا من التوازن بين التنظيم والسياسة القائمة على التعدد والشراكة والحوار.
السياسة لا تكون ممكنة بدون تعدد ودون قدر من الحرية. هذه فكرة الجمهورية نفسها. استمرارية السياسة كفضاء عام تستلزم وجود تنظيمات فاعلة تمنع المجال السياسي من الانهيار دون أن تسيطر عليه أو تسحق تعدديته.
أبدع الرجل في رسم حدود التنظيم بحيث يصبح فاعلًا في فضاء السياسة، مع خلق قنوات للحركة والحرية السياسية ضمن الانضباط والمسؤولية. هو على رأس الإصلاح، لكن ليس بصفته مديراً أو موجهاً، هو أشبه بحارس لتوازن الإصلاح نفسه.
يسعى لصون التنظيم وتماسكه، وفي الوقت نفسه يدعم كل توجه أو فعل داخله للحفاظ على وجود مجال سياسي وطني عام. جمع بين الحفاظ على التنظيم دون أن يجعله سدًا في وجه الشراكة، وانفتح على الشراكة دون أن يترك التنظيم عرضة للاضمحلال والتلاشي. السياسة بدون تنظيم تصبح غير فاعلة، وحيث يوجد تنظيم بدون سياسية وطنية، يتحول إلى حوثية وتختفي الجمهورية.
كثير من التنظيمات حين تواجه دعوات للشراكة، ترتاب وتظن أن هذه الشراكة ستؤدي إلى تفككها أو فقدان السيطرة. هذا بالضبط ما نراه في الحوثية. ستدمر الجمهورية والسياسة والتعدد والحرية وكل شيء في سبيل حماية التنظيم الحوثي. ترى في السياسة تهديداً وتعتبر الجمهورية خطراً، وتؤمن أن الشراكة مع الآخرين تفقدها تماسكها وتفككها كتنظيم وجماعة.
كان محمد قحطان يراهن على تقوية الإصلاح من خلال العمل على توسيع تحالفاته وانفتاحه على الشراكة مع الآخرين. لم يعتبرها تهديدًا للتنظيم.
في أحد لقاءات محمد اليدومي بقطاع طلاب الحزب في العام 2013، كانت هناك أسئلة غاضبة عن استمرار الشراكة غير المجدية مع وجود الاستقطاب الحاد. تحدث الرجل وحذر من هذا الطرح. قال: التنظيم لا يعيش بالعزلة والانغلاق على نفسه. وكل تنظيم يعيش بالانغلاق على نفسه يسحب كل الصراعات إلى داخله ويتحلل.
تصدى الإصلاح للإمامة الحوثية بمنطق الجمهورية. استوعب أن الخطر الأكبر على اليمن يتجسد في الإمامة العنصرية التي تحتقر كرامة الآخرين، وتريد تذويب الكل ضمنها واستئصال أي فضاء سياسي عام.
لدى اليدومي على رأس الحزب تصور واضح لمشروع الإمامة وخطورته على الجمهورية. يقود تنظيماً سياسياً بحجم الإصلاح.
حين اجتاحت العصابات الحوثية البلاد، كان أمام الحزب اختباراً تاريخياً.
لم يكن المطلوب مقاومة عسكرية فقط. حاول إعادة تعريف المقاومة في معناها الوطني.
انطلق من موقعه كتنظيم سياسي واسع القاعدة، يحمل إرثا جمهورياً ويعمل من داخل السياسة، ليضع معركة استعادة الجمهورية في إطارها الأوسع باعتبارها مسؤولية وطنية مشتركة لا يختزلها فصيل واحد.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات