نكبة 21 سبتمبر 11 سنة من الإنقلاب .. يوم أسود غيّر وجه اليمن ( تقرير مدعوم بالارقام والحقائق)
قبل أحد عشر عاماً، في 21 سبتمبر 2014، اجتاحت ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران العاصمة صنعاء، وأسقطت مؤسسات الدولة بالقوة، لتبدأ حقبة مظلمة في تاريخ اليمنيين، ويفتح جرح لم يلتئم حتى اليوم. كان ذلك اليوم بمثابة النكبة الثانية بعد انقلاب الإمامة الأولى، حيث أُسقطت الدولة الحديثة الناشئة، وتمت مصادرة أحلام اليمنيين في بناء وطن تسوده العدالة والمواطنة المتساوية.
حرب أنهكت اليمنيين
منذ انقلاب الحوثيين، دخل اليمن في حرب مدمرة، خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة ومنظمات دولية:
-
أكثر من 377 ألف يمني قُتلوا بشكل مباشر أو غير مباشر منذ اندلاع الحرب.
-
أكثر من 4 ملايين نازح يعيشون ظروفاً قاسية، كثير منهم بلا مأوى مستقر.
-
80% من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فيما يعيش الملايين تحت خط الفقر.
-
نسبة الفقر تجاوزت 78% في مناطق سيطرة الحوثيين.
تجنيد الأطفال.. حرب على البراءة
أحد أخطر جرائم الحوثيين كان استغلال الطفولة. تقارير حقوقية وأممية تؤكد أن الميليشيات جندت أكثر من 35 ألف طفل، بعضهم لم يتجاوز العاشرة من عمره، بعد غسل أدمغتهم بدورات طائفية مستوحاة من "ولاية الفقيه" في إيران. كثير من هؤلاء الزُجّ بهم إلى جبهات القتال وقُتلوا هناك، فيما حُرم آخرون من التعليم والحياة الطبيعية.
قمع سياسي وتكميم للأفواه
منذ اليوم الأول للانقلاب، شرعت الميليشيات في تنفيذ حملات قمع واسعة طالت السياسيين والناشطين والصحفيين، حيث امتلأت السجون السرية بالمئات من الأصوات الحرة، بينما أُغلقت مئات الصحف والإذاعات، وصودرت الحريات العامة، في محاولة لفرض خطاب واحد لا يعترف إلا بسلطة السلالة وأحقية "الولي الفقيه".
انتهج الحوثيون سياسة ممنهجة لتصفية المعارضين:
-
أكثر من 18 ألف معتقل ومختطف يقبعون في سجون الميليشيات، بينهم سياسيون وصحفيون وطلاب.
-
نساء تعرضن للاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي في سجون سرية، في سابقة خطيرة لم يعرفها المجتمع اليمني المحافظ.
-
اغتيالات وعمليات تصفية طالت مئات من قادة الجيش والسياسيين والوجهاء القبليين، لتفريغ الساحة من أي صوت معارض.
انقلاب على الدولة والجمهورية
كان اليمنيون، قبل ذلك التاريخ المشؤوم، يسعون بشق الأنفس لبناء دولتهم المدنية الاتحادية وفق مخرجات الحوار الوطني، غير أن ميليشيات الحوثي انقضت على أحلامهم، واقتحمت صنعاء تحت ذريعة إسقاط الجرعة السعرية، لتطيح بالرئيس المنتخب وحكومته، وتحوّل الجمهورية اليمنية المعترف بها دوليًا إلى رهينة لمشروع "الولاية" المستورد من طهران.
ثقافة دخيلة وتغيير للهوية
لم يقتصر الانقلاب على إسقاط مؤسسات الدولة فحسب، بل تجاوز ذلك إلى محاولة إعادة صياغة هوية الشعب اليمني وثقافته. فقد فرضت الميليشيات مناهج تعليمية مشوهة على طلاب المدارس، محملة بخرافات "الولاية" وشعارات الموت، وأحاطت المناسبات الدينية الوطنية بعزلة وتغييب متعمد، لتفسح المجال أمام طقوسها الطائفية التي لم يعرفها اليمنيون من قبل.
تفجير المنازل ودور العبادة
مارست الميليشيات سياسة العقاب الجماعي ضد خصومها:
-
أكثر من 900 منزل لقيادات سياسية وقبلية تم تفجيرها أو مصادرتها.
-
قرابة 100 مسجد ودور قرآن فجّرت أو أُحرقت أو حولت إلى مقرات طائفية أو مخازن أسلحة.
-
جامعات ومدارس تعرضت للتدمير أو التغيير المناهجي، حيث فُرضت مناهج تعليمية طائفية تستنسخ التجربة الإيرانية.
الرواتب المنهوبة وتجويع الشعب
منذ 2016، أوقفت ميليشيات الحوثي صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، ليعيش ملايين اليمنيين بلا دخل. ورغم ذلك:
-
جمعت الميليشيات مليارات الريالات من الجبايات تحت مسميات طائفية مثل "المولد النبوي" و"يوم الغدير" و"عاشوراء".
-
فرضت إتاوات على التجار والمواطنين، واستحدثت ضرائب جديدة أثقلت كاهل البسطاء.
هوية يمنية تحت التهديد
سعت الميليشيات إلى تغيير الهوية الوطنية والثقافية:
-
فرضت شعارات طائفية دخيلة على الحياة العامة.
-
غيّرت المناهج التعليمية لتقديس "الولاية" وزرع الكراهية ضد الخصوم.
-
أقامت فعاليات سياسية وطائفية تحاكي التجربة الإيرانية، مما أثار رفضاً واسعاً لدى اليمنيين.
مشروع إيراني بثوب يمني
يرى محللون أن انقلاب 21 سبتمبر لم يكن سوى تنفيذ حرفي لأجندة إيران في المنطقة، الهادفة لخلق ذراع عسكري وسياسي تابع لها على غرار "حزب الله" في لبنان. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت صنعاء إلى منصة للنفوذ الإيراني، وإلى قاعدة لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة نحو اليمنيين ودول الجوار.
عسكرة الحياة وتدمير الجيش
حوّلت ميليشيات الحوثي الحياة المدنية في مناطق سيطرتها إلى ثكنة عسكرية، حيث استبدلت المؤسسات الرسمية بكيانات مسلحة، وزجّت بآلاف الأطفال في جبهات القتال، لتغذية حربها العبثية المستمرة ضد اليمنيين. كما استولت على مخازن السلاح التابعة للجيش اليمني، وحوّلتها إلى أدوات دمار بيد مشروعها الطائفي.
معركة الجمهورية مستمرة
على الرغم من كل الجرائم، فإن اليمنيين لم يفقدوا الأمل. مأرب، شبوة، تعز، والعديد من المناطق الحرة لا تزال تشهد مقاومة باسلة. ويؤكد مراقبون أن نكبة 21 سبتمبر ستظل يوماً أسود في ذاكرة اليمنيين، لكنها أيضاً تمثل نقطة الانطلاق لمواصلة النضال من أجل استعادة الدولة والجمهورية، مهما طال الزمن.
خلاصة:
نكبة 21 سبتمبر لم تكن مجرد انقلاب سياسي، بل كانت انقلاباً شاملاً على التاريخ والهوية والدولة. وقد دفع اليمنيون ثمناً باهظاً من دمائهم وأمنهم وكرامتهم. ومع ذلك، فإن جذوة المقاومة ما زالت حية، وسيظل هذا اليوم شاهداً على جريمة لن تسقط بالتقادم.
المصادر : الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية
التعليقات