التحالف الخفي: من بيت حميد الدين إلى الحوثيين.. التخادم التاريخي مع الصهيونية ( تحليل تاريخي )
أولًا: جذور الإمامة وعلاقتها بيهود اليمن
حكمت أسرة بيت حميد الدين اليمن لعقود طويلة، رسّخت خلالها سلطة مطلقة قائمة على الطائفية والعزلة والانغلاق عن محيطها العربي.
لكن المفارقة الكبرى كانت في علاقتها الوثيقة مع يهود اليمن، الذين شكّلوا جالية كبيرة آنذاك في صنعاء وصعدة وتعز وغيرها.
مع قيام دولة إسرائيل عام 1948م، وجد بيت حميد الدين في هجرة اليهود فرصة سياسية واقتصادية، فسهّل خروج عشرات الآلاف منهم نحو فلسطين المحتلة، في واحدة من أخطر عمليات التهجير الجماعي في التاريخ الحديث، عُرفت باسم "عملية بساط الريح" (1949–1950م).
تم خلالها نقل أكثر من 49 ألف يهودي يمني عبر جسر جوي دولي (بمشاركة بريطانية وأمريكية وإسرائيلية)، وهو ما وفّر رافدًا بشريًا ودينيًا هائلًا لإسرائيل، وأسهم مباشرة في تثبيت أركان احتلالها.
هذه الخطوة وحدها كافية لإثبات أن بيت حميد الدين، ومن بعده الحوثيون كورثة لهم، لم يكونوا يومًا في صف فلسطين، بل كانوا جزءًا من مشروع دعم الصهيونية على أرضها.
ثانيًا: التدخل الإسرائيلي لحماية الإمامة بعد ثورة 1962م
حين اندلعت ثورة 26 سبتمبر 1962م، كان اليمنيون يطالبون بالحرية والجمهورية وإنهاء حكم الإمامة.
هنا ظهر البعد الأخطر للعلاقة الإمامية – الصهيونية:
-
شارك الطيران الإسرائيلي سرًا إلى جانب القوات الملكية في قصف مواقع الثوار.
-
العمليات الجوية التي نفذها الإسرائيليون عُرفت تاريخيًا بأسماء "الصلصة والنيص والشيهم"، وكانت تهدف إلى إجهاض الثورة وإعادة الإمامة إلى الحكم.
-
هذا التدخل مثّل اعترافًا عمليًا بالتحالف: فإسرائيل التي تحتل فلسطين وترتكب المجازر بحق العرب، كانت في ذات اللحظة تحمي حكم الأئمة في صنعاء!
إنها مفارقة تاريخية تكشف أن المشروع الإمامي كان يتقاطع مع المشروع الصهيوني في كراهية أي نهضة عربية جمهورية تحررية، ومحاولة دفن أي مشروع وطني يوحد اليمنيين.
ثالثًا: الحوثيون.. الامتداد الجديد للإمامة
مع ظهور الحوثيين كحركة مسلحة وسيطرتهم على صنعاء في 2014م، أعادوا إنتاج التاريخ الإمامي بحذافيره، ليس فقط في الطائفية والعزلة، بل أيضًا في التعامل مع اليهود:
-
رحّل الحوثيون ما تبقى من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل، وصرّحوا لهم بوضوح: "إسرائيل بلدكم، ارحلوا إليها".
-
رافق الترحيل تسليم هدية رمزية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي مخطوطة أثرية للتوراة، ما عكس عمق التواصل الخفي.
-
وبهذا، يكون الحوثيون قد أكملوا مهمة أجدادهم في إفراغ اليمن من اليهود لصالح إسرائيل، وتثبيت استيطانهم في فلسطين.
رابعًا: شعارات "الموت لإسرائيل".. بين التضليل والواقع
يرفع الحوثيون اليوم شعارات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" في كل مكان، لكن التاريخ والوقائع الحالية يفضحان زيف هذه الادعاءات:
-
لم يقتل الحوثي صهيونيًا واحدًا منذ نشأته حتى اليوم.
-
لم يقتل صهيوني حوثيًا واحدًا في كل العمليات العسكرية الإسرائيلية بالمنطقة.
-
كل المواجهات والدماء التي سفكها الحوثي كانت ضد اليمنيين والعرب، بينما ظل الإسرائيلي في مأمن من رصاصهم.
كيف يمكن إذن لمن هجّر اليهود إلى فلسطين أن يزعم اليوم أنه يقاتل لتحريرها؟!
خامسًا: التخادم السياسي – العسكري في الحاضر
المشهد اليوم يعيد إنتاج العلاقة القديمة:
-
إسرائيل تستفيد من وجود الحوثي كفزاعة لإثارة الفوضى في البحر الأحمر وابتزاز المجتمع الدولي بحماية الملاحة.
-
الحوثي يستفيد من الشعار الصهيوني–الأمريكي كأداة لتعبئة أنصاره وإضفاء "شرعية مقاومة وهمية" على مشروعه الطائفي.
-
كلاهما في الحقيقة يخدم الآخر:
-
الحوثي يشتت اليمنيين ويقمع ثورتهم ويقضي على مشروع الجمهورية.
-
إسرائيل تستغل وجوده لتثبيت هيمنتها وابتزاز الأنظمة العربية.
-
الخلاصة: علاقة ممتدة عبر الزمن
من بساط الريح إلى عمليات الصلصة، ومن ترحيل اليهود إلى إهداء نتنياهو التوراة، ومن حماية الإمامة إلى شعارات الحوثي اليوم، تتضح الصورة كاملة:
-
الحوثيون هم امتداد مباشر لبيت حميد الدين.
-
بيت حميد الدين ارتبطوا تاريخيًا بالصهيونية عبر تهجير اليهود واستدعاء الطيران الإسرائيلي.
-
الحوثي اليوم يكمل الدور ذاته بشعارات كاذبة ومسرحيات إعلامية.
النتيجة:
علاقة الحوثيين بالصهاينة ليست وهمًا ولا افتراضًا، بل حقيقة تاريخية ممتدة، قائمة على التخادم والتنسيق، ومبنية على تقاطع مصالح جعلت الطرفين في موقع الحليف غير المعلن منذ أكثر من سبعين عامًا.
التعليقات