اتهم تحليل صادر عن مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" (FDD) الأمريكية، الأمم المتحدة بارتكاب سلسلة من الإخفاقات في اليمن خلال السنوات الماضية، ساهمت بشكل مباشر في تعزيز نفوذ ميليشيات الحوثي وإضعاف الحكومة الشرعية، إلى جانب تفاقم المعاناة الإنسانية والسياسية في البلاد.
ووفق التحليل الذي أعدّته الباحثة بريدجيت تومي، فقد تركزت أبرز الإخفاقات الأممية في ثمانية محاور رئيسية، جاء في مقدمتها اتفاق ستوكهولم لعام 2018، الذي اعتبره التقرير نقطة تحوّل منحت الحوثيين تفوقًا سياسيًا وعسكريًا، بعد أن أوقف عملية عسكرية كانت ستضعفهم ميدانيًا، كما مكّنهم من السيطرة على ميناء الحديدة الحيوي، ليصبح مصدرًا رئيسيًا لتمويلهم وتسليحهم.
وأشار التقرير إلى فشل الأمم المتحدة في تطبيق قرارات حظر السلاح على الحوثيين، بسبب ضعف آلية التفتيش الأممية (UNVIM)، وهو ما سمح باستمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الميليشيات في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن.
كما لفت التحليل إلى أن الأمم المتحدة، رغم توقيع الاتفاقات، سمحت للحوثيين بفرض سيطرة كاملة على ميناء الحديدة وعائداته المالية، في وقتٍ كانت فيه تموّل مشاريع تطوير في الموانئ الواقعة تحت قبضتهم، الأمر الذي وصفه التقرير بأنه دعم غير مباشر للجماعة.
وكشف التقرير عن صفقة مشبوهة تتعلق بشراء ناقلة نفط استخدمها الحوثيون لتخزين نفط روسي خاضع للعقوبات، قبالة سواحل الحديدة، ما منحهم سيطرة إضافية على الموارد، وأثار تساؤلات حول دور الأمم المتحدة في التعامل مع كيانات مدرجة على قوائم العقوبات الدولية.
كما انتقد التحليل استمرار تمركز مكاتب الأمم المتحدة في مناطق سيطرة الحوثيين، مما مكّنهم من التأثير على أنشطة المنظمة وموظفيها، في حين تستمر المساعدات الإنسانية بالدخول عبر موانئهم رغم مخاطر الابتزاز الأمني والإداري المتكرر.
وأشار التقرير إلى أن المنظمة الأممية فشلت في حماية موظفيها المختطفين — والذين يزيد عددهم عن 40 شخصًا — معظمهم يمنيون، دون أن تتخذ أي موقف رادع تجاه الجماعة، ما أثار شكوكًا حول حيادها وقدرتها على حماية كوادرها.
وفي السياق ذاته، اتهم التحليل الأمم المتحدة بالتغاضي عن استيلاء الحوثيين على نحو ثلث المساعدات الدولية، مفضّلة الصمت حفاظًا على استمرار نشاطها في مناطقهم، وهو ما اعتُبر خضوعًا لسياسات الابتزاز الحوثي.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن العملية السياسية الأممية منحت الحوثيين شرعية ضمنية من خلال نهج المبعوث الأممي الذي يرفض أي تحرك عسكري ضدهم، الأمر الذي ساهم في إطالة أمد سيطرتهم على صنعاء، وإعاقة أي تسوية سياسية حقيقية.
ويأتي هذا التقرير في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لأداء الأمم المتحدة في اليمن، ودعوات متزايدة لإعادة تقييم دورها وضمان حيادها، بما يحقق مصلحة الشعب اليمني ويضع حدًا لنفوذ الميليشيات المسلحة.
التعليقات